الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أقباط وانتخابات ومزايدات

شمعى أسعد

2012 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


يمارس الجميع الآن الضغط النفسى على الأقباط مذكرين إياهم بدماء الشهداء (شهداء المسيحيين تحديداُ كأنهم بلا ضمير لا يهمهم سوا شهداءهم) حيث يقوم من يمارس هذا النوع من الضغط باستخدام لغة عاطفية شديدة الرقة مثل تعبيرات "نداء إلى أخوتنا الأقباط أو أهلنا الأقباط" ثم يحدد ما يريده بعد كل تلك النداءات الإنسانية بطلب أكثر إنسانية وهو أن يصحو ضمير الأقباط ولا يضحون بدماء الشهداء فيذهبون إلى صناديق الإنتخابات ليعطوا أصواتهم لعمرو موسى أو أحمد شفيق، ثم يشفع طلبه بعبارة رقيقة "إن نسيتم شهداء القديسين نحن لن ننساهم"
هكذا فى جملة واحدة يصنع من يوجه هذه الرسالة من الأقباط كتلة واحدة بصوت واحد ورأى واحد تتحرك بمحرك خارجى سواء كان توجيها كنسيا أو نداء إنسانى متجاهلين تنوعها ومتجاهلين أن الخطر الحقيقى هو الإصرار على النظر للأقباط ككتلة صماء موجهة كالإخوان والسلفيين، متناسين أنهم فقط مصريون يدينون بالدين المسيحى لا أكثر، يؤيدون الدولة المدنية لأنها الضامن للحريات والحقوق، يبحثون عنها فى أى مرشح ينادى بها، ولن تكون اختياراتهم طائفية أبدا بحيث يقال لهم من يختار غير المسيحى فتلك خطية، أو أن إختيار غير المسيحى هو خروج عن الملة، لا تمارسوا الإسقاط أرجوكم وانظروا الى الأقباط كبشر عاديين لا ككائنات فضائية لا تفكر أو يحركها أصحاب المصالح.
والأقباط ـ لمن لا يعلم ـ هم جزء من التشكيل والتكوين المصرى ففيهم ككل المصريين ثوار وفلول وحزب كنبة وفيهم من هو غير مهتم أصلا، وبالتالى فيهم من سيختار ممثلى الثورة ومنهم من سيختار الفلول ومنهم من هم فى أحزاب سياسية بالفعل وبالتالى ستذهب أصواتهم لمن ستدعمه تلك الأحزاب ومنهم أيضا من سيقاطع، منهم من هو مع الثورة ومنهم من هو ضدها، منهم من هو ثورى ومغامر بطبعه ومنهم من يبحث عن اسقرار هادىء ولا يريد لأى شىء حوله أن يتغير، هم طبيعيون جدا كما ترون ولا يحتاجون أبدا لتلك النداءات التى تفترض فرضا مهينا أنهم مغيبون وأن هناك من يتلاعب بأصواتهم ويحركهم بخيوط شفافة وفق حسابات أو مصالح لا يدركونها.
وإن كانت الإنتخابات بالنسبة لكثيرين هى بين ثوار وفلول، فبالنسبة لكثيرين أيضا ومنهم الأقباط هى بين فلول وثوار وإسلاميين يريدون تغيير هوية الدولة وفق رؤيتهم الخاصة، وبالنسبة للأقباط سيظل لهم مرشح دائم مهما تنوعت التقسيمات وتعددت هو الدولة المدنية، فالصراع صراع هوية فى المقام الأول لا صراع ثورى، فالثورة ليست هدفا فى حد ذاتها إنما الهدف هو دولة مدنية عادلة تساوى بين الجميع.
وأتعجب من هؤلاء الذين يتهمون الأقباط بخيانة الثورة التى قامت من أجل دولة مدنية ثم يدعمون هم أنفسهم من يعدوهم بدولة دينية وفى هذا "بارادوكس" أو تناقض ضمنى حيث تشمل الدعوة المعنى وعكسه فى نفس الوقت وهذا لا يعنى إبدا إقصاء الإسلاميين لكن يعنى حرفيا أن مشروعهم يتعارض مع مشروع الدولة المدنية الذى يدعمه مصريون كثيرون ومنهم الأقباط، أما ما أرفضه فى الإسلاميين وهذا حق لى هو تغيير هوية الدولة وسحبها إلى منطقة اللا عودة والصراع على الهوية هنا هو صراع مصير وهدفه على المدى الأطول هو منع الإقصاء لإن الجميع يعرف أن الدولة الدينية ستكون المناخ الخصب لممارسة الإقصاء وفرض سطوة الأغلبية وأنا هنا أتكلم عن سلوك استقوائى طبيعى سيقع فيه من سيشعرون بالغلبة والنصرة تسندهم فكرة أنهم يطبقون مشيئة وشريعة الله مما سيعفيهم من أى إحساس بالذنب تجاه من يرونهم فى معسكر الكفر، أما الدولة المدنية فلا "آخر" فى قاموسها حيث كل المواطنين سواء والآخر فى مفهوم الدولة المدنية قد يكون من بلد أخرى لا من عقيدة أخرى.
سؤال أخير أوجهه إلى من يلوم الأقباط مقدما لأنهم حسب رأيه سيكونون السبب فى نجاح رموز النظام السابق فى الإنتخابات، لماذا يفوز عمرو موسى فى أغلب استطلاعات الرأى بمركز متقدم هل بسبب الأقباط؟ أم بسبب الأغلبية المسلمة فى عينات البحث العشوائية؟ إذا قبل لوم الأقباط أو تأنيبهم من باب أولى ننظر داخل بيوتنا فقد يكون أهلنا الذين فى المنازل هم الداعمون الأكثر للفلول.
أما بخصوص شهداء القديسين ومن قبلهم ومن بعدهم شهداء كثيرين فالأقباط لم ينسوهم بل نساهم المجتمع بأكمله وهؤلاء الذين يزايدون على الأقباط فى موسم الإنتخابات لم يطالب أحد منهم أو يضغط لإعادة فتح ملف القضية التى نامت أو ماتت لا فرق.
شمعى أسعد
19/5/2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن