الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يقف في وجه المرشح »الربّاني«؟

سعد هجرس

2012 / 5 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


من حق جماعة الإخوان المسلمين أن ترشح أحد قياداتها لمنصب رئيس الجمهورية رغم أنها تعهدت من قبل أنها لن تفعل ذلك أبدا.
ومع أن نقض العهود ليس من الأمور المستحبة ـ خاصة إذا كان من يمارس هذه العادة المرذولة يرفع شعارات دينية ـ فإن »الضرورات تبيح المحظورات« وتغير الظروف يمكن أن يؤدي إلي تغير المواقف دون أن يكون ذلك دليلا علي الانتهازية السياسية في كل الأحوال.. ومن الأمثلة الشائعة المحفورة في ذاكرتنا لذلك، معاهدة 1936 التي أبرمها حزب الوفد مع المحتل البريطاني، ثم فسخه لها عام 1951 بعد أن تغيرت الظروف وموازين القوي.
وهو ما عبر عنه مصطفي النحاس باشا بقولته الشهيرة »من أجل مصر وقعنا معاهدة 1936 ومن أجل مصر قمنا بفسخها«.
وبالتالي.. ليست المشكلة مع جماعة الإخوان المسلمين أنها وعدت بعدم المنافسة علي منصب الرئاسة ثم نكصت علي وعدها، فهذا وارد في عالم السياسة كما أشرنا.
وليست المشكلة أن قول شيء وعمل عكسه ينال من مصداقية جماعة الإخوان المسلمين، فهذا أمر يخصهم ومن غير المعقول أن نكون أحرص منهم علي مصلحتهم.
المشكلة ـ بالأحري ـ هي أن ممارسة جماعة الإخوان المسلمين لحقها في خوض غمار السباق الرئاسي بأحد مرشحيها تنطوي علي أمور تتنافي مع طبيعة وروح العملية الديمقراطية.
من ذلك ـ مثلاً ـ ممارسة الإرهاب الفكري علي المصريين، وبخاصة ملايين الفقراء والأميين منهم بالترويج لادعاء خاطئ خلاصته أن التصويت لمرشح جماعة الإخوان المسلمين »فريضة«!
ما الذي جعل التصويت للدكتور محمد مرسي فريضة دينية؟!
هل هو المرشح المسلم الوحيد بينما منافسوه هم أبوجهل وأبولهب وباقي كفار قريش؟!
واقع الحال ليس كذلك، فكل المرشحين الاثني عشر الآخرين »مسلمون«، ومنهم اثنان من الإسلاميين أي من دعاة الإسلام السياسي.
إذن فإن الدكتور محمد مرسي ليس المسلم الوحيد، وليس الإسلامي الوحيد في السباق الرئاسي، فما الذي يجعل انتخابه دون غيره فريضة دينية؟
ثم ما دخل الدين أصلا في الموضوع؟ هذه انتخابات سياسية أولا وأخيرا والناخبون سيدلون بأصواتهم من أجل الأفضل والأكفأ. وليس هناك ما يمنع نظريا وقانونيا ودستوريا أن يكون من بين هؤلاء المرشحين من هم من غير المسلمين أصلا.
يرتبط هذا بـ »فتاوي« أخري تصب في نفس الاتجاه من قبيل ادعاء إحدي عضوات مجلس الشعب الإخوانيات أن الدكتور محمد مرسي مدعوم من الله.
لماذا الدكتور محمد مرسي بالذات وليس الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أو الدكتور محمد سليم العوا؟!
ولماذا حرمان باقي المرشحين العلمانيين، ليبراليين، كانوا أو يساريين من دعم السماء؟
ومن ذا الذي يمتلك تلك القدرة الفذة علي الاطلاع علي الغيب، ثم الجزم بأن الدعم الإلهي من نصيب الدكتور محمد مرسي دون سواه؟!
<<<<
من هذه »الفتاوي« العجيبة أيضا وصف جماعة الإخوان المسلمين بأنها »تنظيم رباني« كما ورد علي لسان عدد من القيادات الإخوانية، ومنهم علي سبيل المثال صلاح سلطان عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
وغني عن البيان أن إطلاق هذه الصفة علي جماعة الإخوان المسلمين أو علي أي منظمة في مشارق الأرض ومغاربها، يعني أنها جماعة »معصومة« لأنها »ربانية« وبالتالي فإنها منزهة عن الخطأ، وبالتالي فإنه لا يجوز لنا معارضتها أو نقدها ومهما فعلت فإننا لا نملك إزاءها سوي »السمع والطاعة« ولتذهب الديمقراطية إذن إلي الجحيم!!
وهذا هو الخطير في الأمر حيث إن مثل هذه الفتاوي التي لا علاقة لها بجوهر الدين الإسلامي الحنيف أصلا تهدف إلي إسباغ »القداسة« علي أشخاص مثلي ومثلك، يصيبون ويخطئون، لأنهم باختصار يتصرفون بناء علي اجتهادات وتقديرات »دنيوية« بحتة وليس بناء علي وحي يوحي وحتي عندما يحاولون اللجوء إلي الدين لتبرير هذا الموقف أو ذاك، فإنما يلجأون إلي تفسيرهم البشري للنص الديني.
ومحاولة »تحصين« بعض الساسة بهذه الهالة من القداسة هي بداية الطريق لاغتيال روح الديمقراطية والعقلية النقدية والحوار المجتمعي بين أنداد.
فما بالك أن هذه الجماعة التي تحاول اكتساب اسم »التنظيم الرباني« تتورط في ممارسات ليست فوق مستوي الجدال مثل شراء الأصوات بزجاجة زيت وكيلو سكر أو أنبوبة بوتاجاز.. أو استغلال أمية ملايين المصريين وتضليلهم؟!
<<<
هذا الاستغلال للدين وصل في هذا السباق الانتخابي الرئاسي إلي مستوي لا يصدق من الكوميديا والطرافة حيث نسبت جريدة »التحرير« في عددها الصادر أمس الأول الثلاثاء، إلي أحد المراجع الدينية المشهورة في هذا الزمان فتوي مثيرة بـ »عدم حرمانية أن يقوم الشباب بسرقة بطاقات أبنائهم يوم الانتخابات« في حال كان علي يقين بأن والده سينتخب الفلول، كما أفتي بأن استخدام المساجد في الترويج لمرشح أو الحديث في شئون السياسة أمر عادي جدا.
وهذا معناه التحريض علي انتهاك القانون الذي يحظر استخدام المساجد في الدعاية الانتخابية، ومعناه أيضا تحريض الأبناء علي سرقة آبائهم وأمهاتهم للحيلولة بينهم وبين الذهاب إلي صناديق الانتخاب إذا كانوا سيعطون أصواتهم إلي المرشحين الذين لا يرضي عنهم الأبناء بذريعة أنهم من »الفلول« ويا لها من فتاوي.. ويا لها من ديمقراطية؟؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المبدع / سعد هجرس
حسنين قيراط ( 2012 / 5 / 22 - 01:08 )
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، الذي أمرنا بالعلم والتعلم والأدب والتأدب ، والصلاة والسلام علي خير من علم وأدب ...وبعد
أستاذنا سعد هجرس أعلم كما يعلم الكثير من المصريين أنك من مؤيدي الأستاذ حمدين صباحي ، وشرف لكل مصري أن يرشح حمدين صباحي فهو مناصل شريف لا يخشي في الله لومة لائم ولكن العيب كل العيب أن ننتخب أحد ذيول مبارك بدعوي الخبرة أو الحنكة السياسية أنا شخصيا ليس لي إعتراض علي إنتخاب أي مرشح عدا موسي وشفيق والحمد لله فكل المؤشرات الأولية تشير إلي ضعف موقفهما وترتيبهما فالشعب المصري أذكي من شعبان عبد الرحيم ولا تخدعة كلمة التكنوقراط وكلها ساعات وستجد بإذن الله أبو الفتوح أول رئيس لمصر من قلب مصر القديمة..... لك تحياتي

اخر الافلام

.. احتجاجات الطلبة في فرنسا ضد حرب غزة: هل تتسع رقعتها؟| المسائ


.. الرصيف البحري الأميركي المؤقت في غزة.. هل يغير من الواقع الإ




.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتحكم في مستقبل الفورمولا؟ | #سك


.. خلافات صينية أميركية في ملفات عديدة وشائكة.. واتفاق على استم




.. جهود مكثفة لتجنب معركة رفح والتوصل لاتفاق هدنة وتبادل.. فهل