الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السحق والثورة في قصص عربية – الجزء الأول-

سعيد رمضان على

2012 / 5 / 21
الادب والفن



السحق والثورة في قصص عربية – الجزء الأول-
-----------------

ما يجمع هذه القصص التي سأتناولها في هذا الجزء وأجزاء أخرى لاحقا، هو الشعور بالقهر والسحق، في وطن أصبح غير الوطن، إن ذلك الخط ينتج خطا أخر: هو النقد الداخلي للأوضاع السياسية والاجتماعية،.. ويسير مع هذا الخط وبشكل متوازي السرد النسوى، والذي يحاول عبر نصوصه التي تعبر عن أبنية ثقافية مهترئة ، العمل على تحرير الذات الفردية مما يعوقها من سلبيات ، وهى تضع ذلك كشرط لتحرير الذات الجمعية والقومية العامة .كما تعمل ذات النصوص على إدخال المرأة إلى المتن ، لا كتعويض فقط عن تهميشها التاريخي بل لتأكيد إن لها دور فاعل ومؤثر في حركة المجتمع.
----------------

بنت الكوتشينة وتحرير الذات
للدكتورة عطيات أبو العينين – مصر-
--------------

تتجاوز القصة لعب الأوراق، إلى لعب الناس بالناس ، لتضرب في صميم الثقافة السائدة .
فضعف المرأة ، يضرب بجذور عميقة في المجتمع الأبوي، ويستمد هذا الضعف شرعيته من الأعراف والتقاليد والجنس, والتاريخ واللغة , وحصول المرأة على التعليم والثقافة والعمل , هي ظاهريا نوع من الاستقلال , لكن كافة نواحي الحياة بما فيها العمل والتعليم والثقافة, يسيطر عليها الخطاب الأبوي ومقيدة بقوانينه ..
تلك القوانين التي تقهر المرأة ، بحيث لاتصل أربعة بنات أو ستة و حتى عشرة لقيمة رجل واحد .
فالمرأة تتشكل تبعا لما يريده المجتمع, أي صبها في قوالب خاصة من صغرها.
فهي بنت ليس من حقها الحصول على ما يحصل عليه الولد
أن الرفض لهذا القالب يظهر في المقاطع التالية
"- لايمكن أن يستمر هذا الوضع
- أن يربح الولد و لا تربح البنت
- لماذا لا تربح البنت وتقش مثلها مثل الولد "
أن مطالبتها بالعدل المساواة ينظر إليها بشكل ساخر. لنلاحظ المقاطع :
-" تعالى صوته بالكركرة والضحك وهو يقول
-قشي بالبنت خذي هذه الأوراق كلها لك واخذ يجمع كل لأوراق ناحيتها "
لكن السخرية تتحول لاتهام بالجنون عندما تتخطى الرغبة في العدل والمساواة من مجرد النداء أو الكلام للحصول على حقوقها ،إلى الحصول على حقها فعلا بنفسها رافضة أن يتفضل المجتمع بمنحة لها نلاحظ قولها :
" يالك من مغرور مكابر .. تظن انك أنت الذي يعطى الفرصة "
إن الذي يملك المنح يملك المنع .. ثم أن المنح نوع من التفضل ، يعطى دون شعور بأن المرأة تستحق فعلا استقلالها ومساواتها بالرجل .. لاحظ ها المقطع:
" نظرت إليه بتحد .. قشت كل الأوراق بالبنت "
لكن السخرية تتحول لاتهام بالجنون، لأن فعل تحرير الذات، هو هدم لهذا التراث المثقل الذي يعمل على محو الذات الأصلية ومنع استقلالها , لأنها مع التراكم لا تعرف نفسها فهي تسير كما يريدها الآخرون أن تسير أي بوضعها في قالب خاص. والخضوع لذلك فضيلة في نظر المجتمع , رغم أنه أثما حق الذات
التي تعرف قيمة نفسها في الحياة .
--------------


الاستكانة والسحق في قصة "انتفاضة "
احمد غانم عبد الجليل –العراق
-----------
.يحمل نص "انتفاضة " موضوعا أساسيا ، فهو في الأساس يطرح قضية تحرير من ثقافة سلبية وسلطة ساحقة، من اجل الوصول إلى مجتمع يتحرر فيه الإنسان فعلا . لذا فأن النص يفجر الصراع بكل السطور داخل المتن.. لكنه صراع لا ينتهي بثورة .. بل هو مجرد انتفاضة سرعان ما تخمد ولاتصل لثورة .
نلاحظ مقاطع من النص يتفجر منها الرفض كما يتفجر منها التراث القمعي السائد في مجتمعنا :::
.( كن عاقلا، لاتأت بحركة أثناء الدرس، كن هادئا حتى أثناء لعبك أصدقائك، كن مجتهدا حتى يشترى لك أبوك الدراجة الهوائية .....كن مطيعا ....... )...........حتى نصل إلى ( كن ، كن ، كن ) .............

حيث يكون الرجل/ المواطن .. في منطقتين منطقة القبول والطاعة، ومنطقة الرفض المحاصرة داخليا ، وتظهر الحرية المنقوصة للرجل من جانب سلطة لا تشغل نفسها بما يريد ، بل ما تريد هي ، و تقمعه عبر الطاعة .. كن مطيعا لكي تعيش ..!!!!! وبالمعنى المستتر المهدد :: .... إن لم تكن مطيعا لن تعيش وسوف تعانى .. ولن تحقق شيء في الحياة . .........فالرجل / المواطن.. هنا بشكل ما يعيش عبدا مقهورا ، في حالة لا يمكنه فيها أن يتحكم في اختياراته.. فنقصت حريته .. وانزوت قدراته الابتكارية والإبداعية ، حتى إن مجرد التفكير في أوراق مشروع لمدة ساعتين تنهكه وكما يقول في النص.......
:( انشغلت بالعمل، مابين القراءة ومراجعة الشروط والمهاتفات المستعجلة، والمنفعلة في بعض الأحيان ، وما إلى ذلك لمدة ساعتين تقريبا مما سبب لي صداعا شديدا ى رأسي ..)....
وأصبحت حياته مجرد شهوات، لكن العشق الجسدي في نصنا هذا، لا اعتبره مجرد علاقة جسدية بين رجل مقهور وامرأة تعيش هي أيضا تحت سلطة القهر، فالتفاصيل تؤكد إن العشق الجسدي، هو طاقة ناقصة تضاف إلى طاقة ناقصة .. فيستمد النقص قوته من الأخر .. فهما يملكان نفسا تواقة للحب ..تواقة للاهتمام واثبات وجودها في الحياة .. إنها أفعال تحاول التخلص من القهر والسحق ولو بشكل مؤقت .. لأن الانتفاضة تحولت لاستكانة .. مع اندماج في الثقافة القاهرة ، بحيث تحول هو أيضا إلى منتج لتلك الثقافة، يمارسها على الجيل الجديد عندما يختم النص بقوله :(حسنا ، سلمى لي على الولدين وقولي لهما ألا يزعجا جدهما ، وأن يكونا عاقلين ..)..—
-----------------------

الصمت والثورة في قصة "ارحل "
للدكتور محمود عبد الناصر نصر - مصر
--------------
قصة تؤكد على اختراق القهر السائد، قهر يسمح للسلطة القاهرة بأن تترجم نفسها بشكل حر وصريح, بينما وضعت هذه السلطة قيودا على الآخرين يحول بينها وبين ترجمة نفسها .. نلاحظ عدة مقاطع :.......
(همهمات سرت إلى مسامعي المرهفة)÷.....
( جالت عيناها.. انطلقت نظرة نحوى.. نظرة كاللهب.. كالشرر )..
وغيرها .. سنجد إن الحديث لا يدور من خلال الأنثى – وهى هنا رمز للمقهورين أو المجتمع - أي أن تقوم بالتعبير عن نفسها من خلال السرد ، بل من خلال الطرف القاهر أو السلطة .. فالسرد نفسه يطاوع السلطة السائدة ولا يخترقها، مما جعل الأنثى- المجتمع- تقدم خبرتها الحياتية وتراثها من خلال الصمت .. ومن خلال حركة الجسد ،.. لكنه تقديم تسيطر عليه رقابة داخلية من الأنثى نفسها بفعل الثقافة السائدة .. أن ميراث التحايل في المجتمع العربي سمح لها بالتكلم عبر رموز جسدية دون رفع الصوت.. حتى أننا لا نلحظ اختراق جدار القهر تماما، ألا بعد التمعن في القصة وتفحصها من جديد بعد كلمة النهاية ( ارحل ) ....
أنها ذات تبحث عن روحها ووجودها , ذات تتشكل على نحو جديد وتعيد تنسيق عالمها , إنها تعانى قهرا وإهمالا ومن فقدان أساس وجودها , ولذا فأن
صرختها المتمزقة ( ارح ل ) تعبر عن التمزق في حياتها كما عبر السرد كله عن هذا التمزق... ......وتذكرنا كلمة ارحل .. بثورة يناير في مصر عندما رفع الثوار شعارهم المدوي في وجه النظم البائد ( ارحل ) وبذلك لا تعبر هذه القصة عن شخصية أنثوية , ولا تحصر نفسها في منطق مستهلك وضيق , بل تتجاوز أبعاد الشخصية المحورية فيها إلى المجال الإنساني الأرحب , معبرة عن ذاكرة ثقافية للمجتمع، وتهاجم وضعا شديد التعقيد،تضيع فيه الحقوق كحق المعارضة وحق المساواة وحق الحرية، وأرحل تعنى رحيل كل التمزق وكل القيود وكل القهر وأن عليها البحث عن هويتها الذاتية المطمورة .
------------------








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فايز الدويري: فيديو الأسير يثبت زيف الرواية الإسرائيلية


.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي




.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز