الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خلجات من طرف واحد

حامد حمودي عباس

2012 / 5 / 21
الادب والفن


لا تضني ، سيدتي ، وأنا ابعث برسائلي اليك من مكاني المنزوي ، أنها تحمل شيئا مما يبعثه الاخرون من الرجال .. فأنا مجرد شجرة هجرتها الثمار .. اطمئني سيدتي ، واحتسي قهوتك بهدوء دون ان تنتبهي لنظراتي البلهاء ...
جميع ما يصلك مني سيدتي من رسائل ، عبر ما بيني وبينك من مسافة تبدو لي كصحراء الربع الخالي ، لا تعدو كونها نظرات صامتة من عيون اتعبها السهر، وهي ترعى أي شيء الا صاحبها .. انه سفر بلا هوية ، عبر قارات تقلصت بين ثنايا فستانك المطرز بالخرز الصيني الفاخر .. ليتك تبقين هكذا طويلا وانت لا تحكمك مؤثرات المكان ، كي تطمئن روحي بأن فضاء تحليقها آمن لا تعرقله المفاجئات الصعبه .. ترى من تكوني سيدتي ؟ .. يامن تحتل مكانا بارزا في وسط المقهى ، تحيطها هالة اخرى من صبايا وكأنهن وصيفات لملكة جمال الكون ؟ .. هل انت سعيدة حقا كما يبدو عليك ؟ .. أم انك تخفين في طيات جسدك الطري آثار لسياط الزمن الوحش ، كما هو أنا ؟ ..
لا .. لا تثيرك نظراتي العابرة ، فأنا لست ممن يهوى الحرث في حقول الغير عنوة .. مع أنني أتوق جدا لتكملة رحلتي على مهل ، في عوالم لم تألفها روحي الملونة بلون الجفاف .
ثقي ياسيدتي ، لو رسم القدر ما ليس في الحسبان ، ودعوتني الان للجلوس معك هناك ، على ذلك الكرسي الفارغ الى جانبك ، فسوف لن استجيب .. بل لن تستجيب خلايا جسدي جميعها لتلبية هذه الدعوه .. لربما سوف اشعر بالدوار لو أقحمني عقلي في ركوب أهوال كهذه .. أو أنني سوف أخر مغشيا علي قبل أن أبلغ ما دعوتني اليه .. اتعلمين لماذا ؟ .. لأنني حين يقترب مني عطر يمنح عروقي المتيبسة فرصة الاستيقاظ ، فسوف أثور .. سوف أموت .. أترنح الى حدود الغثيان .. فأنا بركان طمرته الازمان المتعاقبة فقطعت عليه سبيل الانعتاق .. أنا ياسيدتي ، يفزعني جدا أن يدفنني الفناء في آخر المطاف ، فتضيع معاني أنني موجود .. ويدفعني هذا الفزع الرهيب ، الى استجابات يتيمة أحاول من خلالها ان تشرب روحي وبطريقة غير عادية ، ما يتاح لي من فرص الالتقاء بكل شيء جميل .. هل تفهمين سيدتي ، معنى أن يكون المرء حبيسا لرغبات غيره ، دون ان تكون لديه الحرية في ممارسة طقوسه الخاصة جدا ؟ ..
حان الآن موعد مغادرتك المكان على ما يبدو .. ستغادرين .. وستتركين من حولي الفراغ من جديد ، وسوف تكون لي معك جلسة أخرى ، ولكن هذه المرة في مخدعي ، عندما ينشط عقلي الباطن ، ليجسد لي خيالاته العذبه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاكرين القصيدة دى من فيلم عسكر في المعسكر؟ سليمان عيد حكال


.. حديث السوشال | 1.6 مليون شخص.. مادونا تحيي أضخم حفل في مسيرت




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص


.. صباح العربية | في مصر: إيرادات خيالية في السينما خلال يوم..




.. لم أعتزل والفوازير حياتي.. -صباح العربية- يلتقي الفنانة المص