الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنا عبد السلام.. إنه الغلام !!

محمد أمغار

2012 / 5 / 22
كتابات ساخرة


قال لي صاحبي وهو يحاورني، سأخبرك بأمر يقين، لم يمض عليه إلا يومين، كنت قبل مدة، أعاني بعض الشدة.. فلم يكن في جيبي دينار ولا درهم.. وكنت أحس بهم وغم..فقلت لن أقطع حبل الأمل، وسأخرج للبحث عن عمل.. فقصدت حلاق الحي، وقلت السلام عليكم يا عم.. فرد السلام، واسترسل في الكلام، وقال مرحبا يا غلام، وكيف حال عمك حُسام.. وكيف حال أبيك، وجاركم سارق الديك، وابنه الزنديق.. وأنا أجيبه أن الكل بخير، ورغم كثرة أسئلته، قلت لا ضَيْر، لعلي أجد منه خير.. فقد سألني عن أحوال أعمامي وأخوالي، وأجدادي، وجيراني وكل من أعرف ومن لا اعرف، وسألني عن الأحياء منهم والأموات.. كان يسألني عن الأموات، فأخبره أنهم بأفضل حال، ويسألني عن الأحياء، فأخبره أنه وافتهم الآجال.. ثم طلب مني أن احرس المحل، ريثما يعود، ذهب وبعد لحظة، دخل رجل أنيق، فحياني فرددت عليه التحية، ثم جلس على الكرسي، وقال احلق هنا ولا تلمس هنا، وإياك أن تقترب من هنا.. واللحية احلقها من هذا الجانب واترك الآخر، وإياك ثم إياك أن تقترب من الشارب.. لم يترك لي فرصة للكلام، ولا لأخبره أني لست عبد السلام.. فأخذت المشط والمقص، لكن حرت من أين ابدأ؛ هل من الناصية أم من القفا، أما الرجل فأغمض عينيه لينعم ببعض الاسترخاء والراحة، فذهبت بالمقص ذهابا وإيابا، ثم انعرجت على اللحية مرورا بالشارب.. والرجل لايزال في حالة استرخاء، ناعما بما تحدثه أناملي من دغدغة لطيفة لذيذة في رأسه.. أما أنا فكنت أعض على لساني تارة وعلى شفتي تارة أخرى، فمرة آتيه عن اليمين ومرة أخرى آتيه عن الشمال.. بعدها أزلت ما على رأسه ووجه من شعر، فنظرت إلى المرآة أمامي، ثم نظرت إلى رأسه، ثم إلى المرآة، ثم إلى رأسه، فكذبت المرآة، ولدفع الشك أخذت منديلا مسحتها به، فهي لا تعكس الأشياء على حقيقتها !!، كنت أمسح وأقول في نفسي: يرحمك الله يا عم عبد السلام، قد أهملت مسح المرآة، فها هي أدخلت الشك والريبة في نفسي، وأنا صاحب الموهبة في حلق الرأس.. لكن مسح المرآة لم يغير شيئا.. فرُحت أحوم حول الرجل وأحدق في شعر رأسه ولحيته وشاربه، فاكتشفت أن المرآة صادقة فيما عكست، وأني أتيت منكرا من الفعل، وجنيت على نفسي وعلى الحلاق.. لكن لحسن حظي أن الرجل مازال مسترخيا ومتماديا في استرخائه، فوضعت أدواتي برفق، ولم أجد وجهة غير الباب، فتسللت هاربا.. وما إن خرجت حتى التقيت بعبد السلام فشكرني، وقال أين تذهب؟، قلت آت بعد قليل.. وما كدت أجاوز المكان بضعة أمتار، حتى بلغ سمعي صوت تكسر المرايا، وصراخ الحلاق المسكين: أنا عبد السلام،، إنه الغلام الذي فعلها.. !! أنا عبد السلام ،،إنه الغلام... !! أما أنا فآويت إلى زاوية هناك، حيث أَرى ولا أُرى، وإذا بالرجل الأنيق يخرج وكأنه ديك منتوف.. وإذا بالحلاق عبد السلام يخرج وفي يده مقص كبير يلوح به ويتوعدني بأشد العقاب... والعقاب بلاشك سيكون بالمقص، لكن لم أدر ماذا كان سيقطع مني لو أمسكني.. !!
فقلت لصاحبي: أما الأولى فقد ذقت مرارتها وأنت صغير، وأما الثانية فستذوق ألمها بمقص الحلاق وأنت كبير...فضحكنا، ثم انصرفنا إلى حال سبيلنا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري