الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات المصرية بين الوحي والوعي

محمد البدري

2012 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


قبل أن تبدا رسميا الاجراءات لاختياررئيس مصري لاول مرة منذ اكثر من 5000 عام فقد اعلنت نتائج التصويت للمصريين المقيمين والمهاجرين خارج حدود الوطن. كان الشعب المصري في الداخل مهمشا ولا ضرورة لاخذ رايه فيمن يحكمه وكان النظام السياسي المصري يعتبر من في الخارج وكانهم جيفة في قبر لا معني لتذكرهم الا عند تجديد شهادات الوفاة في القنصليات أو تسول بعض الاموال منه عندما تحل الكارثة كبيع صكوك وشهادات استثمار وقت عجز الميزانية عن تلبية حاجات النظام كما حدث عندما ارسلوا سيدة الطرب الاولي كوكب الشرق أم كلثوم تطوعا بالغناء في عواصم العالم لجمع الاموال بعد الكارثة التي ارتكبها "عتريس الاول" في العام 67. فلماذا تعمدت السلطة اعلان نتائج ابناء الوطن بالخارج، الذين لم تعرهم ادني اهتمام، مخالفة ابسط قواعد الانتخابات وفي نفس الوقت تفرض حالة من الصمت الدعائي في الداخل لفترة 48 ساعة قبل بداية افتتاح سيرك صندوق الانتخاب.


لم يكن "عتريس الاول" منتخبا لهذا كان له الحق في فعل ما يشاء وقت أن يشاء، فمشيئته قدر حسب عقيدة المصرين الذين يؤمنون بالقضاء والقدر. لهذا هبوا لاسترجاعة في العاشر من شهر يونيو من عام المشيئة حتي يستمر في ادارة الكون، فالمصريون أكثر شعوب الارض حرصا علي استمرار الكون سائرا ومستداما، مهما جري لهم من كوارث، تخوفا من الكارثة الاكبر التي منها يهربون ورغم ذلك يحلفون بها ويتعبدون لها ولا يعيشون الي للقائها فهم لا يفعلون اي شئ الا لضمان سلامتهم لو اتت واضطروا لمواجهة عتريس هناك. فحبهم للعتاريس لعبة سياسية دينية لم يكسبوها في اي جولة لها علي مدي عمرهم المديد لهذا يفضلون العتريس معهم محبوسا في ذل الدنيا بدلا من ان تاتي النهاية وتتفرق بينهم السبل لتبدأ محاكمتهم علي افكارهم الدينية الاخروية التي بسببها اكتوي العالم باسره وكانوا هم الاكثر اكتواءا منها. ولذات السبب لم تستطع السلطة صبرا، (السلطة كانت دائما ونيابة عن المصريين معبرة عنهم ارادة وشعبا وحضارة وتاريخا )، حتي تنتهي نتائج الانتخابات بالداخل فذهبت للتبشير بنتائج تصويتات من بالخارج (الاموات في نظرها). حل اللغز يكمن في عقيدة المصريين، اليس الاموات هم الادري بحقيقة من هو العتريس في عالم الحقيقة، فليخبروا بها إذن من بالداخل لتاكيد ايمانهم وتقوية عقائدهم.


في السعودية، وطن الاستبداد الديني الاول، وفي بلاد المهجر الديموقراطية اتت نتائج التصويت باولويات لا تتفق والثورة لكنها تتفق وعقائد المصريين وممارسة السلطة الاستبدادية السياسية الطويلة عليهم. كما لو ان الهجرة والسفر لم تعد به أدني فائدة واحدة ناهيك عن الاشاعة الكاذبة التي تقول بسبع فوائد. فوجود عدة مرشحين، ليس مضمونا ان كلهم عتاريس، وإذا كان عتريس المخلوع قد ادار الكون في فترة سكون واستقرار فكيف يمكن لمن ليس عتريسا أن يديره في فترة ارتبكت فيها الامور لتسكين عواصف رياح شمسية وعواصع تحريرية بميادين القاهرة عاصمة ام الدنيا اللهم الا بعتريس من نفس الصنف وأشد تنكيلا. فما جري بعد تخلي المخلوع علي مدي عام واربعة اشهر يثبت ان المصريين كانوا علي حق في ان الكون (الكون في نظر المصريين هو ما انجبته ام الدنيا) بدون ادارة عتريسية هو الفوضي. فالمصريون المهاجرين والمغتربين الذين تعرفوا علي عالم الغيب اتفقوا و يبشرون بحقائق عقائد المصريين في الداخل من حيث الحاجة الي حاكم من الصنف العتريسي. هكذا اوحت السطة لمن في الداخل قبل ذهابهم لصندوق الانتخاب.


فكما ياتي الوحي من عالم الغيب اتت الايحاءات بمن سيحكم ايضا من عالم الهجرة والمهجر. هكذا تتم التعبئة مجددا لاختيار عتريس رغم انها فرصة نادرة لا تتكرر الا كل 5000 عام بان يكون هناك اكثر من مرشح تخلصا من نظام الاستبداد. الا ان تفويت الفرص هي من فضائل السلطة عندالمصريين. الفرصة الحالية هدية من التاريخ ستخدم المصريين ويأبي المصريون في الخارج والسلطة في الداخل الا أن يتم عتريس نوره ولو كره الثائرون. ما اندر الفرص التي تاتي صادقة لتغيير بؤس الواقع وما اكثر الاغبياء الذين يتفادون لقائها ويصممون علي لقاء كل عتريس لا يعرفون عنه ومنه الا الخوف والطاعة والاستبداد.

ربما يجادل مجادل بان الناس تخاف مما تجهل، لهذا يطبقون المثل القائل "اللي تعرفه احسن من اللي ما تعرفوش". لكن كيف يجهل المصريين ممن في السعودية حقائق ذلك الوطن الذي يعامل اهله معاملة لا تليق بالانسانية وكيف يجهل المصريون في بلاد الديموقراطية وضعهم الارقي في تاريخ الانسانية، وكيف يجهل المصريون 5000 الاف عام من حكم الاستبداد؟ فالتجهيل بما نعرف ونري ونسمع ونجرب هو عين الجهل ولا يقابله كنقيض الا التحلي بشجاعة اختبار ما نجهل لنتغلب علي ما نعرف. فما نعرف هو ذاته ما يريد نظام عتريس ان يعيد زرعه بعد ان عصفت الثورة به.


السعودية لا تعرف التصويت ولا تري الا رجل دين او امير قبيلة علي راس الحكم لهذا اتت نتائج المغتربين هناك باولوية مرسي الاخوانجي يليه ابو الفتوح الاخوانجي كمروجين لعتاريس السماء ايضا ثم حمدين صباحي سليل العتريس الاول في تاريخ مصر الحديث. وفي بلاد المهجر الديموقراطية اوروبية وامريكية فان حالة الهلع التي يقودها بعض المصريين من عتريس بلحية جعلت نتائج التصويت تاتي لصالح شفيق الذي اختاره آخر العتاريس قبل تخليه من علي كرسي العرش ليضع نهاية للميدان الثائر وهو ما صرح بامكانية فعله في لقاء مرئي باحد القنوات الفضائية بانه سيفض اي اعتصام أو مليونية في ظرف ساعات.

الم نكن محقين إذن بان اعلان نتائج تصويتات الخارج علي اختلافها الواسع هي ليست اختلافات بقدر ما هي اتفاقات علي اختيار استبدادي جديد بعكس ما طالب به ثوار الميدان، والاهم بعكس ما يشاع أن عتريس الجديد سيحكم فترات رئاسية محدودة والاقصر في تاريخ توليها حتي لا يكون هناك استبداد وديمومة عتريسية علي المصريين في مستقبل ما بعد الثورة. لكن وهنا المفاجأة اليس وجود زبانية مرسي وابو الفتوح في البرلمان باكثرية هو ضمان للحكم بتشريعات عتريسية اسلامية، ويقابلها اختيار شبه موحي به بولي نعمة المخلوع (شفيق) كعتريس جديد دون دستور يحد من صلاحياته او مدة رئاسة او اجنده عمل هو كمن ياتي بعتريس ومعه ملائكة وملأ مسومون بصلاحيات تشريعية استبدادية ليعيد سيرة مصر أم الدنيا ومخترعة العتاريس والاديان وليكرر المصريون السيرة العطرة لاكثر من 5000 الاف عام؟


يوم القيامة هو اليوم الذي ينتهي فيه وجود حاكم ازلي لحكم ام الدنيا فهي التي اخترعت الدولة والنظام والحكم والحاكم العتريسي وهي التي اخترعت ايضا الدين والوحي ويوم القيامة والحساب عقابا وثوابا. لم يبقي سوي 24 ساعة لتقوم القيامة فهل سيؤجلها المصريون مرة اخري أم سيحقق المصريون لحظة الاوراجازم العقائدية بموقف شجاع لاختيار حاكم وليس عتريس ويتخلص الشرق من آفاته السياسية والعقائدية فالدنيا انحسرت كثيرا واصبحت هي الشرق المتخلف وليس كل العالم حسب ما اعتقد المصري حتي ولو هاجر وعرف ما لم يعرفه علي مدي الاف السنوات أو مما كبل به نفسه من قرآن وانجيل واي كتاب منزل من لوح محفوظ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السياسة عمل
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 5 / 24 - 22:16 )
مصر كانت دولة عندما كانت تعمل

بالعمل تقوي المجتمعات، كانت مصر في أوج قوتها عندما كانت تعمل و تنظم عملها

وجود العتريس أو الفرعون أو الأخ الأكبر (حديثا) لازم لاستمرار العمل و صيانة النظام و هو دائما يتحول إلي إله، إما بشكل مباشر أو غير مباشر

العمل للمصريين هو الحل و النظام يحول هذا العمل إلي قوة عظمي

اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تفض بالقوة اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة


.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: مسودة الاتفاق بين حماس وإسرائيل




.. جيروزاليم بوست: صحفيون إسرائيليون قرروا فضح نتنياهو ولعبته ا


.. عضو الكونغرس الأمريكي جمال باومان يدين اعتداءات الشرطة على ا




.. فلسطيني يعيد بناء منزله المدمر في خان يونس