الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المخابرات

حبيب صالح

2005 / 2 / 1
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


"سقطت دولة المخابرات"سورية ياحبيبتي"!!لم آت بهذا العنوان والإستهلال تحدياً واستخفافاً,أو ترفاً وإثارة!!بل استحضرته من صدى الذاكرة ,عندما أطلقته مصرشعاراً لاحتواء ما جرى في هزيمةحزيران! وأطلق السوريون "سورية يا حبيبتي "نموذجا للأغنية القطرية،في قداس وجناز أحيته المخابرات والمطربات لوداع منظومة الثوابت والمشروع القومي العربي احتفاء"ببزوغ الدولة القطرية الثانية,التي أفرزتها هزيمة حزيران !في رد فعل أظهر عجزا"مريعا"في قدرة كل العرب على إعادة إنتاج آليات ومكونات بنيوية تواجه إشكاليات الهزائم والتحديات, فانكفأت تجذر الدولة القطرية والمورثات السلطوية التي كرست الاستعدادات للمزيدمن الهزائم القادمة!
كانت تلك هي ردة الفعل على الهزيمة! فما الذي تغير منذئذ!هل الأنظمة الحاكمة هي التي تغيرت ؟!هل نهضت الشعوب العربية والعقل العربي من ركام الهزائم وإرث التكفير ,والمذهبية والجهل والفقر والقدرية ؟!هل استلهم الاستقلال العربي قطرياً وقومياً خيارات ديمقراطية حداثوية لكي ينتج مؤسسات ومنظمات حرة تقلع بالإنتقال والتغيير؟!هل حلت الإنتخابات محل الإستفتاء ,وهل استقطر ناموس جديد لثلاثية الحاكم والمحكوم وأدوات الحكم! وهل اصبح الشعب مرجعية لمساءلة النظام الحاكم ,وتحول الرعايا إلى مواطنين!!هل استقالت أجهزة المخابرات من "قيادة العمل الجماهيري "وانصرفت الى مهامها في مواجهة الموساد في "الزاهرة والمزة" ولا نقول في الجولان وغزة وسامراءوالفلوجة !! هل بقي حانوت ومرفق في بلاد الشام إلا وتعمد بأسماء و نياشين خوفو وخفرع ومنقرع !
لا شيء حصل ,ولا شيء سيحصل ,مادامت الأجهزة والأنظمة الحاكمة وآليات الحكم فيها مستمرة ,وشعوبها مختزلة وقواها الحية مصادرة وما دامت عبادة الطغاة في ازدهار وتفاقم !!وما دام منطق الأجهزة في تسويق المحن والهزائم والإستبداد السياسي والجمود الإداري والتضخم الإقتصادي ناموسا"وطنيا"يعمل به ويعاقب عليه!
إنها الأجهزة فتشوا عنها ,اكتشفوها في طعامكم وفراشكم وصلواتكم!استمعوا إلى تردداتها على اقنية التلفاز وموجات الأثير! أقرأوا افتتاحياتها في صفحات الجرائد القومية على "تعدديتها" واقتبسوا الهاماتها في معلقات الجبهة الوطنية،رهان الحاكمين على التعددية السياسية وإعادة البناء الداخلي واستقطاب الجماهير !!
أقرأوا أدب المخابرات في المراكز الثقافية والقصة (ق.ق.ج)وقصائد المواسم ومدائح أدباء الفصول وحلقات الذكر المدجنة بالعطاء والمكرمات وجحافل البصمجية وجيوش الإدارات المدججين بأفواههم وألسنتهم وما استطال وتدلى !
إنصتوا الى تحياتها تلقيها عليكم أمام المساجد والمراكز الثقافية وخشبات المسارح ودور العرض السينمائية,وردهات الإدارات العامة !!وتأملوا مواعظ وحكم خطبائها!واحضروها في أرصفة الإنتقال و محطات الهجرة و مرافىء الغياب والإرتحال!!
"فروع"المخابرات أيها السادة هي "أرقى صيغ التعددية"التي انخرط في مؤسساتها قطاف الطاقة البشرية المنتجة من شباب سورية، يرادفهم المثل الآخر من جحافل القطاع الإداري وميليشيا خط الدفاع الثاني،وقوى الأمر الواقع التي تدير"عجلة الإنتاج الوطني" بإمتياز !مضافاً إليهم ملايين المرتحلين ممن افلحت المخابرات في "ايفادهم" مبعوثين للوطن ,لنراهم عائدين في خريف العمر يهدرون بشعارات الوفاء ورد الجميل !وهم يهتفون "سورية يا حبيبتي" !!بكل هذه الحشود استمر الوطن مكللا بالرفاه والبنين!مدججا بالإخصاب عامرا بالحب،مترعا بالمنى شاخصا نحو العلا زاهياً بمجد الوليد والرشيد والرقيب والعتيد !ا
الأجهزة تمارس الحب من أجل المصلحة العامة!وهي التي لولا جهودها تم تصنيف الناس بين موال ومعارض لنشأت بين ظهرانينا معايير للمواطنة من الدرجة الأولى والثانية ,ولكان حابل الكم اختلط بنابل الكيف!ليس في المخابرات فرد واحد يسعى وراء مصلحة شخصية أو امتياز طبقي أو سيارة فارهة أو مزرعة من عقارات الدولة أو هدية على الحساب، أو صفقة شارك أو توسط بها!وليس فيهم من هرب آثاراً أو نفطاً أو استبدل عملات!إنهم رجال الوطن لا شيء لهم ,بل"كل شيء للوطن"رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر"الوطن" إذا ذكر الوطن"خروا سجداً وبكيا!
المخابرات كما ترون هي "الضمانة الوطنية"لتحصين الوطن حتى يعصي على ما حصل للرفاق السوفييت بعد "دمقرطة" الإتحاد السوفييتي بجهود ال ك.ج.ب.والستازي والسيكورتاتي!وقد تجلى ذلك خصوصا بصونها الإخاء السوري العراقي ,السوري الفلسطيني ,والسوري اللبناني !!فلم تسمح بالحظر على العراق أو إغلاق حدوده ,أو تصدر جوازات سفر تحرم السفر إليه ,رغم الضغوط الإقليمية والشعوبية التي أضناها الإخاء العربي_ العربي !ولم تغلق الحدود يوما أمام تدفق الذهب الأسود وتمور بابل ومياه الفرات، والحور العين من الماجدات السومريات!وهي التي انطلقت قومياً لتحرير الكويت ,ذلك أن تحرير القدس والجولان يبدأ من بوبيان وعجمان , كما كانت جونية طريقا إلى تل أبيب!إنه الأمن القومي الذي أولته على الأمن القطري ,وذلك لضروراته الآيدولجية ولاعتباره من الثوابت القومية,المصانه في كل الأزمان!!
أما الأخوة اللبنانية السورية فحدث ولاحرج،إذ قيضت لها المخابرات وحدة المساروالمصيرإضافة لوحدة الملفات,ووحدة المفاوضات !فأصبح في وسع أي مواطن في البلدين أن يدلي بصوته الإنتخابي في بلديات وبرلمانات ونقابات ومؤسسات البلدالآخر , بعد إشادة مسار ديمقراطي واحد, وقانون انتخابي واحد تطبق منه نسخة في البلد الأخر عند استهلال كل استحقاق شعبي ,مما جعل المسار المؤسسي في البلدين واحدا !فأصبح كل مافي البلدين متناسقا متجانسا متماثلا،وصار السوري واللبناني لاتغفو له عين حتى يتبادل التحية والحب والهدهدات مع شقيقه على الضفة الأخرى ويطمئن إلى آلامه وإرهاصاته في المخاض والوضع والقدرة على الإنجاب! وصارت الأمهات الحبالى يتقاطرن في الإتجاهين لتضع كل ذات حمل منهن حملها على الجانب الآخر من الحدود كي يدون في شهادة الميلاد أن مواليدهن رأوا النور على أرض الشقيق الآخر!بذلك فقد تحولت وحدة المسارين إلى مصارف ومعاهد وأحزاب ومؤسسات وقوانين وصحافة حرة واحدة !وأصبح بوسع السوريين أن يتخاصموا أمام القضاء اللبناني وبوسع اللبنانيين أن يمارسوا المعارضة البرلمانية داخل البرلمان السوري والجبهة الوطنية التقدمية نبراسا الحرية والتعددية في سورية! وهكذا ارتقت وحدة المسار والمصير مثل شقيقيها "التوازن الإٍستراتيجي"والثوابت القومية" تصونهما الأهداب والقلوب والخير والعافية! فما دنا منها عزول أومعارض أو عميل أوإنفصالي أو محتل!!
أما الأشقاء الفلسطينيون فقد تنعموا بتراشق الورود والياسمين وشقائق النعمان المفعمة بأريج الإخاء والإيثارمع أخوتهم السوريين وافتديا الحرية الحمراء بالدماء المضرجة!ووضعا معا أسس التحرير والوحدة في تربل وشاتيلا والبداوي وتل الزعتر!
الله ياوطني ما أشبه يومنا بأمسنا!…فكأنه لحظة هاربة من يوم وطني طويل انساب كمياه الفرات في عروقنا أو كشعاع نور كان قد أضاء ظلمة ليلنا،وأفق مشتعل بالنور والنار كان قد لاح لنا !!
المخابرات ديدنها ولبانتها الدفاع عن الوطن منذ هزيمة حزيران ,ومنذ احتلال اسرائيل لبيروت ومنذ احتلال الكويت واحتلال بغداد وعندما تحتل البقية الباقية !ومنذ أيلول الأسود ومنذ أن أكل الثور الأبيض !!ومنذ افتتاح أول مصرف أمريكي ديمقراطي اشتراكي تنموي في دمشق ومنذ أن دخلت سورية عصر الحامل والمحمول والشركات"الوطنية متعددة الجنسيات"!
المخابرات هي التي تسمرت في مواقعها تمارس الصمود والتصدي في سعسع وخان أرنبة ,وجسر بنات يعقوب وصبرا وشاتيلا و الياطر وأرنون وسامراء والفلوجة.وعنجر وتربل والخفجة !!ولولاها لاقتحم شوار يسكوف وتومي فرانكس أبواب عاصمة الثوابت الصمود والتصدي من حيث دخلها يلبغا وجنكيز خان !فزها بالمجد إرث التاريخ والجغرافيا ,وما خلقه الله !!وصان الله عاصمة الوليد بعد أن ترجلت عاصمة زبيدة والرشيد !!
وتعلمون أيها الأخوة أن المخابرات هي التي استلهمت الثوابت في مدريد وميريلاند وعراق لاند وكويت لاند ولبنان لاند ,حيث احتوت المخابرات السياسة الأمريكية وصعدتها واستنسختها قوميا" ووطنيا"وصانتها من الكيل بمكيالين! وحيث كان النهج الأمريكي "الحنيف" الذي إنسناه وتناغمنا معه في حزيران وفي اتفاقية الفصل مع كيسنجرومورفي وجيرجيان قد عوض بالصداقة العربية الأمريكية ما خسره نضالنا بالأمس من الصداقة العربية السوفيتية ,ومن قرارات الشرعية الدولية!!هكذا هو الانتقال,انتقال مواقع وانتقال مصالح وصمود وثوابت!
من أجل الوطن وحده نرفض الإصلاح من الخارج لإن الإصلاح من الداخل "ناجز" ,واعد ,صاعد يصنعه الأماجد !
تسقط امريكا وبريطانيا وجزر برنسيب وتوباكو وتر ينداد, لطالما قادت الأولتان مشاريع التغيير من الخارج وصوتت الآخرتان لصالح اسرائيل في الجمعية العامة! اللتان لولا تصويتهما لأنجزت وديعة رابين التي نكحت فأ نجبت خارطة الطريق الى دولة اريحا ودولة البصرة ,وولاية طبريا!!فتهجنت كل الصراعات إلى ودائع!!
أيها الأخوة ! المخابرات أنجزت وخططت لإنجاز معارك التحرير , والحرب على الفساد وإقامة العدل بين الناس,واطلاق التعدديات والقوانين المدنية وصناديق الانتخاب وتحصين مسيرة الوحدة الوطنية بحيث لم تبق جمعية للبر والخدمات في المدن , إلا وراحت توزع فيض احسانها على فقراء الريف,ولم يبق مواطن من الأرياف إلا ومارس حوار الحضارات مع اهل المدن!وتبادلوا جميعا الصلاة في مساجد وكنائس بعضهم البعض,فما ازدهرت المذهبيات,ولا أفتى أحد بتكفير أحد !وطفقوا يقضون العطل وألأعياد معا ,وتناكحا وأنجبا أجيالا وطنية واحدة ،فأصبح المؤمنون من كل الأديان يتبادلون شعائرهم في أماكن العبادة لبعضهم البعض ،وامحى من قواميسنا اليومية كل ما كان المستعمرون العثمانيون والغربيون والمحتلون المارقون قد سربوه إلى خطابنا اليومي،رغم أنفنا !واختفت إلى الأبد ألفاظ وأوصاف مذهبية وطائفية مثل عبارة "سني" أو"مسيحي"أو"علوي"أو"درزي"أو"أرمني وكردي"،واختفت الأوصاف المرافقة لها،وأصبحت المجالس الملية والإجتماعية مجالسا مختلطة يتسامح فيها الجميع ويتغافر فيها الجميع،ويتناوبون على إمامة الشعائر والصلوات حسب الدور أو بإجراء القرعة….فمرضاة الله ووحدة الوطن والمواطنين هي ديدن الجميع وسر نجواهم وتضرعهم،يتهجدون بها إناء الليل وأطراف النهار،كما توحد تزمين الشعائر الدينية،عبر مؤتمرات توافق فيها المجتمعون على إنشاء هيئة إفتاء واحدة لاستهلال رمضان الفضيل،واحتساب عدد أيام الصوم،والإفتاء فيما يجوز أو لايجوز اقترافه في ليالي رمضان بعد انقضاء التراويح وإيواء الأولاد إلى فراشهم !!!ً
الله يا وطني كم أنت بهي وشامخ متوحد ومتسامح!السلام لجميعكم أيها المواطنون والجنة تحت أقدامكم, من أي دين جأتم،وبأي دين اقتديتم، فلا تثريب عليكم،إذ أصبحتم بنعمة الوطن إخوانا!فلا حكم بالإرتداد بعد اليوم،ولا فتوى للتكفير يمكن تعميمها غدا،وسوف تتوحد العمائم واللحى والجلابيب والعباءات ,بأطوالها وألوانها, وستدمغ بعبارة"صنع في الوطن" !!يستثنى من ذلك ما يجري استيراده طبقا لاتفاقية الشراكة السورية الأوربية!
المخابرات أيها الأخوة تنازلت عن كل مخصصاتها ,وما تتقاضاه, لضرورات المصلحة العامة, دعماً لسوق العمل وتوفيراً للسيولة ودعماً للاستثمارات, فضلاً عن استيعابها للطاقات الشابة المقبلة على الحياة !فما نشأت بطالة سافرة او مقنعة, وما انتسب إليها كادر حتى وفرت له سبل التعليم الجامعي والتخصصي والأكاديمي حتى اصبح منها اساتذة في الجامعات ومحلفون ونواب عامون ومنتديات الحوار والبحث العلمي والمتخصصون في الفكر الحديث والمحدث والحداثوي, لتهيأة المجتمع والدولة والأقتصاد الوطني لإستيعاب تسونامي العولمة؟ تماماً كما كانت المخابرات قد أعدت جميع مرافق الوطن وفعالياته في حروبنا السابقة مع اسرائيل والحروب القادمة التي انتهت وسوف تنتهي بالأنتصارات المكللة بتحرير ما تبقى من أرض محتلة على قلة مساحتها,وبعدها عن التأثير على الأمن الوطني,والأمن الأقتصادي,والأمن السياسي والأمن العسكري,وأمن الدولة بكل هرمياتها وتعبيراتها وامتداداتها !!ولم يبق لها سوى النذر اليسير كي تضع المعارضة في اكياس "الجنفيص" وتقذف بهم إلى معاهد التأهيل المنثورة على مساحة الوطن ,لتتوقف عندئذ إشاعة الأنباء الكاذبة وإثارة النعرات الطائفية و"يصان" الدستور, ويسقط الرهان على الخارج دون الداخل,وعلى المتغير دون الثابت, فلا تحبط مشاعر الأمةمرة أخرى, بعد أن ًوصلت ًإلى أوجها من تخمة الإنتصارات ! ولاتصبح الدعوات للمجتمع المدني تحضيرا مقنعا لإنقلاب عسكري!أوتصبح الدعوات للإصلاح ستارا للعمالة للغرب, ويتوقف الخلط المتآمر بين الديمقراطية بمعاييرها الفرانكوفونية والأنجلوسكسونية،وبين ديمقراطية الخصوصيات والخصائص العربية التي تستلهم الرموز الخالده ,وصوفية أبوالعلاء المعري, ومقامات الأصفهاني ومعلقات عنترة ,والفتوحات ألأندلسية,والباقيات الصالحات!!!كم أنت عظيم يا وطني الأكبر ,عندما يصبح كل من فيك أوركسترا واحدة ينشدون ويعزفون ويرقصون !فهل يتفكر أولو ألألباب في خلق السموات والأرض وفي السيرة الخالدة لما أشادته المخابرات !!!
سورية ياحبيبتي ياوطني الأكبر! وكل شيئ للوطن ،كل شيئ للقضية !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف