الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق العودة .. الوجه الآخر

محمد عبعوب

2012 / 5 / 23
القضية الفلسطينية


حق العودة - عودة الفلسطينيين الى ديارهم وارضهم التاريخية فلسطين- الذي يعد واحدا من ابرز نقاط القوة في مشروع المقاومة الفلسطينية التي لا تقبل الجدل او التنازل عنها في اي تسوية للصراع في المنطقة، هذا الحق يجب ان يقترن بحق آخر مكمل له وهو حق العرب اليهود في العودة الى بلدانهم التي هُجِّروا أو هَاجَروا منها تحت ضغط الدعاية الصهيونية او بتواطؤ الحكومات العربية في فترة الاربعينات وخمسينات القرن الماضي مع المشروع الصهيوني لإقامة ما يعرف بـ"اسرائيل" على اشلاء الشعب الفلسطيني الذي تم تشريده واغتصاب ارضه في خرق فاضح لكل الشرائع والقوانين الدولية.

حق عودة عشرات آلاف العرب اليهود الى بلداتهم وقراهم في الدول العربية التي هاجروا منها وتمكينهم من استعادة حقوقهم كافة، ومراجعة التشريعات والقوانين في هذه البلدان وتطهيرها من كل ما من شأنه التمييز ضدهم على خلفية دينهم او التقليل من انتمائهم الوطني ، خطوة يجب ان تبادر بها الدول العربية كافة و ان تتبنى جامعة الدول العربية هذا المشروع وتربطه مع حق الفلسطينيين في العودة الى ديارهم وارضهم .

وحتى لا يفهم الاعلان عن هذا الحق وطرحه للتداول الاعلامي والسياسي فهما خاطأ، لابد من ربطه بشرط ملزم ومسبق بتنازل العربي اليهودي الراغب في العودة الى بلده الاصلي عن الجنسية "الاسرائيلية" والالتزام بالثوابت السياسية لمجتمعه الاصلي وفي مقدمتها رفض مؤامرة الوطن القومي لليهود في فلسطين التي تستهدف بالدرجة الاولى امن اليهود وسلامهم كأفراد قبل الفلسطينيين، وذلك بحصرهم في بؤرة صراع لا ينته تجعلهم ضحية للعيش في قلق دائم و رهاب كراهية الآخرين لهم..

إن المعركة الحقيقية والمجدية التي يمكننا اليوم ان نخوضها ونكسبها ضد كيان الاحتلال، بعد أن أثبت القوة وسياسة الاستسلام أمام ترهل الحالة العربية وتصلب صهيوني متصاعد، عقمهما كخيار لتحرير الارض وإحقاق الحقوق، هي معركة تفكيك البنية السكانية لهذا الكيان الغاصب وتفريغه من موارده البشرية التي استطاع جمعها بفعل ماكينة الدعاية الاعلامية الصهيونية الجبارة التي تمكنت من تلويث عقول ملايين اليهود الذين كانوا يعيشون كمواطنين في بلدانهم الاصلية بخرافات توراتية وجرهم الى اتون صراع حوَّلهم الى كائنات مسكونة بالخوف الدائم من الاندثار وكراهية وهمية يكنها العالم لهم على خلفيتهم الدينية.

اول خطوة في هذه المعركة هي إطلاق إعلان عربي بحق العرب اليهود كافة في العودة الى بلدانهم واراضيهم التي نزحوا منها، مع ضمان استعادة حقوقهم التي تحت الحراسة او التي تم التصرف فيها، شريطة تخليهم عن الانتماء الى الكيان المؤامرة "اسرائيل" والاعلان عن تنصلهم من الارتباط بالمشروع الصهيوني.. بهذا الاعلان نفتح امام اليهود من أصول عربية الذين يلاقون اضطهادا وتمييزا في الكيان المصطنع "اسرائيل" على يد اليهود القادمين من اوروبا وامريكا ، بابا للتفكير وإعادة النظر في قرار اتخذوه قبل عقود تحت ضغط وإغراءات ثبت زيفها وبطلانها، كما نعيد لهم الأمل في العيش بأمان وسلام طالما فقدوه في ظل الكيان "الاسرائيلي" الذي حول حياتهم الى جحيم وألحق ضررا كبيرا بصورتهم كبشر عبر العالم ..

ويقدم الربط بين حق العودتين -عودة الفلسطينيين الى ديارهم وعودة العرب اليهود الى ديارهم في البلدان العربية التي غادروها قبل ستة عقود- حلا جزئيا لمشكلة الارض التي تحاول "اسرائيل" التستر وراءها في تبرير رفضها لحق عودة الفلسطينيين، حيث سيعيد كل عربي يهودي هاجر الى فلسطين خلال القرن الماضي-بعد ان تمكنه بلاده الاصلية من استعادة ارضه وممتلكاته هناك- يعيد البيت والارض التي يعيش فيها في فلسطين الى صاحبها الفلسطيني ، وبذلك يسحب من الاحتلال واحدة من أهم أوراق الضغط التي يستعملها في خلق مصاعب أمام التوصل لحل للقضية الشعب الفلسطيني..

وحتى يكون إطلاق هذا الاعلان ذو معنى وفاعلا ويلقى استجابة من الشريحة المستهدفة ، لابد لنا كمواطنين في مختلف البلاد العربية من تصحيح مفهومنا للصراع في فلسطين المحتلة الذي كرست له الآلة الاعلامية العربية والغربية صورة خاطئة في وعينا وصورته على انه صراع أزلي بين العرب والمسلمين وبين اليهود، لا ينته إلا باستئصال أحدهما للآخر، بينما الأزمة في حقيقتها لا تزيد عن كونها مؤامرة دبرتها القوى الاستعمارية في اوروبا بتواطؤ مع الحركة الصهيونية بداية القرن العشرين للتخلص من اليهود الذين ترى فيهم اوروبا مسببا لكل الأزمات والحروب التي نشبت في القارة ، بتهجيرهم خارجها وتجميعهم في منطقة يختارونها وكان الاختيار قد انتهى الى فلسطين استنادا على حكايا اسطورية عن دولة للعبرانيين لم يعثر لها على أثر حتى اليوم في فلسطين باعتراف علماء آثار يهود، وليكون هذا الكيان وكيلا وراس جسر للامبريالية في الابقاء على سيطرتها على المنطقة التي تحوي ثلثي احتياط الطاقة في العالم ..

يجب علينا اليوم طرح قراءة صحيحة وحقيقية خالية من كل الصور النمطية المضللة لحقيقة هذا الصراع ، تنقله من إطار صراع ديني لا وجود له على ارض الواقع، الى واقعه الحقيقي كصراع يخوضه شعب يريد استرداد حقوقه المغتصبة من كيان غاصب قائم على خرافات واساطير تجاوزها الزمن ، سنده الوحيد القوة الغاشمة التي توفرها له الامبريالية والتضليل واللعب على العواطف التي جرَّت جزء مهما من يهود العالم للسير وراء الدعاية الصهيونية والانخراط في مشروعها القائم على اغتصاب ارض الآخرين وقتلهم وتشريدهم. ولابد لنا ان نصحح خطابنا الاعلامي اليومي في الصحافة والقنوات والاذاعات والافلام وكذلك مناهجنا التعليمية من ذلك المفهوم الملتبس لحقيقة هذا الصراع، حتى نضمن عودة حقيقية للعرب اليهود الى مجتمعاتهم الاصلية في البلدان العربية كافة ليقدموا صورة فاعلة تثير تساؤلات حقيقية لدى بقية اليهود في الارض المحتلة عن جذوى استمرارهم في العيش في ظل كيان قائم على الاغتصاب والعدوان في ارض ليس لهم اي حق في الاقامة عليها، وتدفعهم أيضا للتفكير في المغادرة نحو بلدانهم الأصلية، للعيش في سلام وأمان بدل العيش في كنتونات عسكرية لا امن ولا أمان فيها ، وهو ما سينتهي الى تفكيك هذا الكيان وتخليص العالم وفي مقدمتهم اليهود من شروره .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عواقب كبيرة.. ست مواقع بحرية عبر العالم يهددها خطر الاختناق


.. تعيش فيه لبؤة وأشبالها.. ملعب غولف -صحراوي- بإطلالات خلابة و




.. بالتزامن مع زيارة هوكشتاين.. إسرائيل تهيّئ واشنطن للحرب وحزب


.. بعد حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. كيف سيتعامل نتنياهو مع ملف ال




.. خطر بدء حرب عالمية ثالثة.. بوتين في زيارة تاريخية إلى كوريا