الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات ودلالات (2)

حميد غني حعفر

2012 / 5 / 23
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


وبعد المخاض العسير وما أفرزه من تداعيات على الوضع الأمني وتصاعد الأعمال الإرهابية وانعكاساته السلبية على نفسية المواطنين العراقيين وما نجم عنه من حالات القلق واليأس والخوف من مصير مجهول سادت عموم الشارع العراقي ... حتى تشكلت الحكومة الحالية في أواخر – 2010 - وتنفس العراقيون الصعداء واستبشروا خيرا على أن ممثليهم في البرلمان سينفذون كل وعودهم – التي قطعوها على أنفسهم قبل وخلال الانتخابات – وسوف يعيش العراق والعراقيين في أمن وأمان ورفاهية ( شمر بخير – عوزه الخام والطعام ) وسوف ينتشلهم من واقع البؤس والفاقة والحرمان ، بتحسين الخدمات الأساسية وإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين والخريجين منهم بصفة خاصة وبتحسين المستوى ألمعاشي للمواطنين الكادحين وصغار الموظفين وسوف يبرر السادة ممثلو الشعب ثقته بهم من خلال الوفاء بالوعود والعهود التي قطعوها على أنفسهم في خدمة مصالح الشعب خصوصا الطبقات الفقيرة الكادحة وفي مقدمتها الطبقة العاملة من خلال تشريع قانون عمل جديد ومنصف يرفع عنها الظلم والحيف الذي لحق بها وإعادة حقوقها التي صادرها النظام السابق وإلغاء قرار – 150 – الظالم الذي تحول بموجبه العمال إلى موظفين مع مصادرة حقوقهم في الضمان الاجتماعي والصحي الذي استقطع من عرق جبينهم لينفق على حروب الطاغية وحرمانهم من حرية التنظيم النقابي الذي هو سلاح الطبقة العاملة في الدفاع عن مصالحها وحقوقها فانتزع منها هذا السلاح لتفتيت وحدتها حفاظا على الكرسي وأيضا كان من صلب واجب – ممثلي الشعب المنتخبون – هو إنصاف الشرائح المتضررة من الوطنيين المضحين الذين قارعوا الديكتاتورية وتحملوا صنوف العذابات والحرمان – من فصل من العمل – وسجون ومعتقلات – وبطالة وتشرد وتجويع عوائلهم وأطفالهم فهذه مشكلات مهمة وحساسة وتتعلق بحياة ومعيشة آلاف العوائل من المفصولين والسجناء السياسيين الشريحة الكبيرة والأكثر تضررا والأكثر تضحية من أجل قضية شعبهم ووطنهم ، يضاف إلى ذالك أنها يمكن أن تعزز من ثقة الشعب بممثليه وتعزز المسيرة الديمقراطية – التي يتشدق بها الجميع – وهي قضية وطنية قيل كل شيء توجب تكريمهم ، ورغم العديد من الاعتصامات والتظاهرات التي قام بها المفصولين السياسيين مطالبين بحقوقهم المسلوبة ، لم يحصلوا على غير الوعود المعسولة بحسم قضاياهم ومع أنه جرى تحديد سقف زمني لغلق ملف المفصولين السياسيين هو – 31 – 12 – 2011 – وها نحن اليوم في منتصف – 2012 - ولا زالت ، حتى جرى مؤخرا تمديد الفترة إلى – 31 – 12 – 2012 – ولا زال المفصولون المتقاعدون بلا رواتب منذ عام ، ومن هنا نرى في صمت مجلس النواب – ممثلو الشعب – وتجاهله لحقوق هذه الشريحة المناضلة المضحية – التي لولا تضحياتها لما وصل هؤلاء السادة إلى مواقع المسئولية ، نرى أنه تجاوز على حقوق الشعب لأنهم – أي المفصولين – هم السباقون إلى النضال والتضحية ، كما وأنه ليس من الوطنية في شيء تجاهل حقوقهم ، فهم أول من يستحق التكريم لأنهم قضوا زهرة شبابهم في السجون والمعتقلات ، لكننا وللأسف نرى السادة ممثلو الشعب يشغلون أنفسهم بأمور ثانوية لا تمت لحياة الناس بصلة وليست هي من المشكلات ذات الأهمية التي تغير من واقع حياة الناس وهي كثيرة منها على سبيل المثال ... وفي الجلسات الأولى لمجلس النواب الموقر – الجديد – قرار المجلس بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق عن أسباب غلق قناة البغدادية الفضائية ترى ما هي أهمية مثل هذا القرار – مع كل احترامنا لقناة البغدادية - لكنها ليست من المشكلات الحساسة التي تمس حياة الناس الذين كانوا يتطلعون لممثليهم في البرلمان بدراسة ومعالجة المشكلات الجوهرية التي تغير أو تخفف من معاناتهم لا أن يتصارع السادة المتنفذون على قوانين هي الأخرى غير عادلة وغير منصفة مثل تشريع قانون العفو عن المزورين الذي يرى فيه الشارع العراقي بمثابة مكافئة لهم ، مع أن التزوير هو من الجرائم المخلة بالشرف وتقع تحت طائلة القانون ، هؤلاء المزورين الذين تبوؤوا المناصب الرفيعة والحساسة في الحكومة والبرلمان – ويتقاضون الرواتب المغرية – بالملايين – بغير وجه حق أو قانون آخر بمنع المشروبات الكحولية ، فهل من الأهمية بمكان مثل هذه القوانين السقيمة إزاء محنة شعبنا ومعاناته القاسية خصوصا الطبقات الفقيرة الكادحة ، انها صراعات على مراكز القوى والنفوذ وإرضاء لبعضهم البعض ، وبعيدة عن مصالح الشعب وإرادته . لكنهم لم يطرحوا لمرة واحدة – ومن أية كتلة منهم – مع إدعاءاتهم بالوطنية والديمقراطية – قضية قانون عمل جديد ومنصف يعيد للطبقة العاملة حقوقها المهضومة أو قضية المفصولين السياسيين التي باتت من معضلات حكومة المحاصصة فمنذ قرار مجلس الحكم – 2003 – وإلى اليوم لم تحسم ولا زالت معلقة في أدراج لجنة الطعون في الأمانة العامة ، وقد أحيل الكثيرون منهم على التقاعد – العام الماضي - خلافا للقانون ولتوجيهات الأمانة العامة التي منعت إحالة المفصول السياسي على التقاعد إلا بعد مصادقة لجنة التحقق ، ومنذ العام الماضي لم يستلموا أي راتب فأي قانون هذا وأي عدالة هذه وأي نظام وطني – ديمقراطي – هذا الذي لا يرعى مصالح مواطنيه وكيف يعيش المتقاعد وعائلته بلا راتب ، وهم السياسيون المضحون – قبل أن يتسيس هؤلاء الساسة – ومن الغريب حقا أنه في إقليم كردستان عندما يحال الموظف على التقاعد عن خدمة تقل عن خمسة عشر عاما تضاف له خدمة لتكتمل بها.................... الخمسة عشر عاما ليشمله قانون التقاعد أي لا يحرم الموظف من التقاعد في حين أن حكومة بغداد قد شطبت الخدمة التي تزيد عن خمسة عشر عاما لكي تحرم المفصول السياسي من التقاعد بذريعة تجاوزه السن القانوني وغير مشمول بقانون المفصولين السياسيين مع أن قضية المفصولين لم تحسم ولا زالت معلقة – كما أوضحنا – وهذا ما حصل لنا فعلا ، فلماذا هذا الاختلاف في تطبيق القانون ، فهل أن كردستان دولة أخرى أم هي جزء من العراق ، لكن هذا يعكس العقلية المنفتحة لحكومة كردستان – وعقلية حكومة بغداد ، وهكذا الحال بالنسبة لقانون مؤسسة السجناء السياسيين ذي الرقم – 24 – لسنة 2006 – الذي ينص على شمول كل المتضررين من نظام البعث الفاشي دون تحديد فترة زمنية ، لكن السادة الوطنيين جدا قد تلاعبوا بالقانون بما يتفق ومصالحهم وباجتهادات قاصرة تعبر عن المزاج الشخصي وعن الموقف من هذه الشريحة الوطنية المناضلة المضحية ، في حين حصل البعثيون على مستحقاتهم على أنهم من المعارضين لصدام – أو ما يسمى بالبعث اليسار - ، ولابد من الإيضاح هنا للأخوة القراء ، أننا نتحدث عن هذه الوقائع ليس من منطلقات ذاتية مصلحيه أو شخصية - كمفصولين أو سجناء سياسيين – إطلاقا ، بل ننطلق أساسا من وطنيتنا الصادقة كون قضية المفصولين والسجناء السياسيين هي قضية وطنية من الدرجة الأولى وعلى هذا – وكما نرى – أنها المعيار الحقيقي على مدى صدق الوطنية ، وفي تقديرنا أن موقف الحكومة من هذه القضية يعبر عن صدق وطنيتها من عدمه .
وحتى إذا أردنا غض النظر عن هذه القضية الجوهرية ... فهناك ما لا يحصى من المؤشرات والدلائل التي تؤكد بعد هؤلاء الساسة عن الوطنية والديمقراطية وخدمة مصالح الشعب والوطن ، فاحتدام الصراعات بين هؤلاء المتصارعين هو من المؤشرات الهامة التي تؤكد صحة ما نقول أو بالأحرى ما يقوله الشارع العراقي عامة ، وتمخضت تلك الصراعات عن تشكيل حكومة ضعيفة وفاشلة لأنها قامت على المحاصصة الطائفية المقيتة ولذالك ظلت الحكومة بلا وزارات أمنية منذ عامين .
وسنتابع في حلقات قادمة دلائل أخرى .
يتبع

حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة : هل طويت صفحة الهدنة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. هل يستنسخ حزب الله تجربة الحوثي في البحر المتوسط؟ | #التاسعة




.. العد العكسي لسقوط خاركيف... هجوم روسي شرس يعلن بداية النهاية


.. أمير دولة الكويت يعلن حل مجلس الأمة وتعليق بعض بنود الدستور




.. الحرب في غزة تحول مهرجان موسيقي إلى ساحة سياسية | #منصات