الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعجاز المقاومة في خطاب نصر الله

عليان عليان

2012 / 5 / 23
مواضيع وابحاث سياسية



أعاد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير - بمناسبة الانتهاء من الإعمار التاريخي للضاحية الجنوبية - الاعتبار لثابت رئيسي ، غاب عن ذاكرة البعض في الأمة العربية جراء التمسك بالمفاوضات وخطاب السلام البائس، ألا وهو ثابت المقاومة كأداة رئيسية لمواجهة المشروع الصهيوني ، وبعد أن انشغلت مخرجات الربيع العربي في الحديث عن القضايا الداخلية دون إيلاء أهمية تذكر للصراع العربي مع العدو الصهيوني ، إلا ما ندر ناهيك عن الحديث الممجوج ، عن الالتزام بالمعاهدات والاتفاقات الموقعة مع هذا العدو.

إن معجزة إعادة عمار الضاحية والدور الرائد الذي لعبه حزب الله في المعالجة السريعة للآثار التدميرية للحرب على المواطنين تشكل بحد ذاتها فعلاً مقاوماً بامتياز، خاصةً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن العدو الصهيوني ومعه قوى الانعزال المحلية في تحالف 14 آذار راهن على الآثار التدميرية للضاحية ، وقرى الجنوب كمدخل لعزل المقاومة عن حاضنتها الجماهيرية.

لقد توقف نصر الله في خطابه أمام التفاصيل الدقيقة وديناميكية الحركة الإعجازية لاستيعاب ما حصل من آثار تدميرية هائلة محصلتها تدمير مائة ألف وحدة سكنية ، بين تدمير جزئي أوكلي عبر إيجاد المأوى السريع لمن تهدمت بيوتهم ، سواء في الضاحية أو في الجنوب في زمن قياسي ، أذهل العدو والانعزاليين وأفشل رهاناتهم وفي الذاكرة عودة آلاف الجنوبيين المهجرين إلى قراهم ومنازلهم المدمرة ، في ذات اليوم الذي وضعت فيه الحرب أوزارها ، دون أن تهتز لهم قناة معلنين مجدداً التفافهم حول المقاومة ومشروعها الاستراتيجي.


وتبدت قدرة المقاومة (ثانياً ) في المعلومات والمعطيات والأرقام الجديدة التي كشف عنها نصر الله بشأن القصف الإسرائيلي للضاحية والجنوب ، ذلك القصف الذي لم يفلح في تغيير مسار المعركة لصالح العدو ، والتي انتهت ولأول مرة في تاريخ الصراع العربي – الصهيوني ، بتحقيق حزب الله نصراً حقيقياً على جحافل العدو التي هربت من ميدان المعركة تجر أذيال الخزي والهزيمة.


إن الأرقام التي ساقها سيد المقاومة حسن نصر الله – ومصدرها إحصاءات العدو نفسه ، وإحصاءات الجيش اللبناني والمقاومة - تجعل كل عربي حر وشريف ، وغير ملوث بالاحتقانات الطائفية يرفع رأسه عالياً وتولد لديه القناعة الكاملة ،أن هذا العدو قابل للهزيمة باستمرار وأن المشروع الصهيوني في فلسطين والمنطقة إلى زوال إذا ما توفرت إرادة المقاومة ، في إطار مشروع استراتيجي للمقاومة والتحرير.
تبين الأرقام التي ساقها نصر الله في خطابه بشأن القصف الإسرائيلي للجنوب والضاحية بأن الضاحية والجنوب تعرضا لعشرة آلاف غارة بالطائرات الحربية، و 3000 غارة بالطائرات المروحية ، وضمن كل غارة أعداد كبيرة من الصواريخ.

وفي سياق مقارن مع حرب عام 1967 تقول الأرقام التي ساقها نصر الله أن عدد الطلعات الجوية الإسرائيلية- وليس الغارات - على الدول العربية المشاركة في حرب 1967 وهي مصر وسوريا الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن عام بلغت 4338 طلعة جوية بينما بلغ عدد الطلعات الجوية ، على جزء كبير من الجنوب وجزء كبير من البقاع ، والضاحية الجنوبية ( 25 كيلو متر مربع ) وبعض الأهداف في جبل لبنان والشمال في حرب تموز 2006 بلغ ( 15500 ) طلعة جوية.
وفي حين أطلق العدو الصهيوني عام 1967 (75 ) ألف قذيفة مدفعية على الأهداف العربية ، أطلق في حرب تموز 2006 في منطقة العمليات الصغيرة وحدها ، في جنوب لبنان مائة وسبعين ألف قذيفة مدفعية، ما أدى إلى نفاذ مخزون قذائف المدفعية عند جيش العدو، حيث احتاج إلى قطار جوي لنقل القذائف والذخائر والصواريخ.، هذا كله ناهيك أن العدو ألقى حوالي خمسة عشر مليون لغم على أراضي الجنوب.

والإعجاز المقاوم الثالث ، في خطاب نصر الله، هو إعجاز التحدي المبني على إستراتيجية الحشد والتعبئة والتنظيم ، وقد تبدى ذلك في تهديد نصر الله للكيان الصهيوني بأنه إذا ما تعرضت الضاحية الجنوبية للقصف مجدداً ، فإن المقاومة ستقصف تل أبيب ، وتقصف أهدافاً محددة فيها ،وأنها قادرة على قصف أي مكان في فلسطين المحتلة بأحدث الصواريخ.

وقيمة هذا التحدي أنه يخلق توازناً للردع ، مع العدو الصهيوني هذا من جهة ومن جهة أخرى ، يجعل العدو الصهيوني يحسب ألف حساب قبل قصف الضاحية في أي مواجهة مستقبلية.

ولم تغب فلسطين كالعادة عن خطاب نصر الله فقد عبر عن تضامنه مع الأسرى الفلسطينيين في إضرابهم، وعز عليه أن يعاد بناء الضاحية في الوقت الذي لا تزال فيه معظم منازل غزة مدمرة داعياً العرب إلى اشتقاق أساليب جديدة ، لإعادة اعمار القطاع وعدم التذرع بالحصار الإسرائيلي له.

وفي الموضوع السوري أعاد السيد نصر الله التأكيد على أن المدخل لتحقيق الإصلاح في سوريا ، يكمن في الحوار بين الحكم والمعارضة مصيباً كبد الحقيقة بقوله " أن بعض الجهات الإقليمية والدول الغربية تتدخل في الشأن السوري ، ليس حرصاً على الديمقراطية والإصلاح بل لأنها تريد الثأر من الدولة والشعب والقيادة والجيش الذي ساند المقاومة في لبنان وفلسطين، والتي أفشلت مشروع الشرق الأوسط الجديد.

وأخيراً: لقد استثمرت بعض الأطراف وخاصةً دول النفط ما يجري في سوريا باتجاه تشويه حزب الله ودوره المقاوم ، عبر الزعم الكاذب والرخيص أن مقاتلي حزب الله يقاتلون في سوريا لمصلحة النظام وأن الحزب يمد الأمن والجيش السوري بالذخائر ، دون تقديم أي دليل بشأن ذلك متجاهلةً أيضاً حقيقة أن حزب الله هو الذي يعتمد في تسليحه على القناة السورية ، وأن الجيش السوري لا ينقصه العدد ولا العدة .
وهاهي الجهات الطائفية السلفية المغرضة التي تمنت هزيمة المقاومة في حرب تموز 2006 وصرخت بأعلى صوتها آنذاك بعدم نصرة ما أسمتها " بالرافضة"، هاهي توزع كراساتها وتستل حناجرها مجدداً لتحذر من خطر الحزب المزعوم في " تشييع" السنة وتزعم في المساجد بالترهات المهينة للعقول ، بأن " إسرائيل " هزمت نفسها شكلياً أمام حزب الله لتلميع صورته ، وأن صواريخه لم تكن سوى فتاشات لم تلحق أي ضرر( بإسرائيل)!!

لكن هذا التشويه المتعمد للمقاومة ، لن ينطل على جماهير الأمة التي تشكل فلسطين بوصلتها، لأنها تدرك أن التناقض الجوهري هو بين الأمة العربية والكيان الصهيوني ، وليس بين السنة والشيعة وأن النفخ في الموضوع الطائفي مشبوه ، ويصب في خانة المخطط التفتيتي الذي بشر به كيسنجر منذ سبعينات القرن الماضي.

[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم