الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سائق تاكسي ام متسول

عبله عبدالرحمن
كاتبة

(Abla Abed Alrahman)

2012 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية



فسحة من الفضاء مكللة بأفق لا سقف له، واحلام لا حصر لها، وعين لا ترى امامها لانشغالها ببعض مما يغنيها عن غيرها، فتغمض لترى ابعد مما يرى، فتسمع حين يكون الصمت ايجابيا، وتحيا بكرامة وترحل بكبرياء.
عيون اخرى باتت لا تغمض حتى لو غشّيت بالتراب، لا ترى نفسها بل ترى غيرها حسدا لحاجة او طمع، عيون باتت تتكاثر حتى لم تعد من الشواذ، لا يعنينا كثيرا البحث عن المبررات التي تجعل من اغلب النفوس أمارة بالسوء حتى نجدهم يبرعون في اختراق خصوصية الاخرين والاعتداء عليهم وكأنهم يؤدون عمل عظيم في ممارستهم للسرقة والتسول.
الكتابة عن الواقع امر مؤلم خاصة اذا كنا سننقل سلوكيات لا نتمنى وجودها او حتى نتخيل وجودها على ارض الواقع. اذ سيبدو عاديا جدا ان نوقف سيارة عمومي لايصالنا من مكان الى مكان اخر ولكن غير العادي والذي اكتشفناه فيما بعد، واصبح ظاهرة تنتشر ويقوم بها عدد غير محدود من سائقي التاكسي العمومي مستغلين من يقلونهم بحجة ضيق الحال والوضع الاقتصادي المتدني مقدمين صورة غير صحيحة للبلد، أي صورة يقدمون وهم يتلونون بأساليب من التسول فاقت من يحترفون مثل هذه المهنة، فهناك من يبتز اذنك بأغاني غريبة ومستهجنة واخر بدرس ديني لا يشبه الا الصراخ، احدهم يخبرك بان صديقه مريض بالسرطان ويجمع له ولاسرته المال وليس له من هذا الا الاجر والثواب، ويتوسل اليك وانت مضطرا ان تسمعه طيلة الوقت الذي ستمضيه معه حتى وصولك الى مقصدك، وهناك من يبتزك بقصص اغرب من الخيال حتى يظهروا حياتهم وما يعلق فيها من اوجاع وضنك العيش،لكل من لا يعنيه امره، حتى عرفنا اننا نخرج في يوم غير عادي وهو يوم الاستنفار الاسري الذي تنفض فيه الوسائد والمحافظ مخرجة ما بداخلها من فائض ايراد لا يستطيع ان يفي بمصروفات يومية عادية فتتشارك الايدي العائلية جميعها الصغيرة والكبيرة في صف النقود بعضها على بعض للمساهمة في تحقيق بعض الاحلام والتي غالبا ما تبقى مجرد أحلام فتجمع الاسرة ما يفيض عنها من الاوراق المالية او القطع النقدية على بعضها البعض لتصبح مبلغا وافيا يفيد في القسط الجامعي لابن او شقيق، بحسب ما اخبرنا به سائق التاكسي الذي يفترض انه يعمل ولا يتسول من كل من لا يحالفه الحظ ويستقل معه سيارته، مستغلا سياراته التي اصبحت للكثير من سائقي التاكسي وكرا للتسول أي ذنب يقترفه الراحل من جهة الى اخرى حتى يسمع مشاكل لا تعنيه، وكم من المال بات يجنيه مثل هؤلاء السائقين في يومهم غير العادي وهم يستغلون مناسبات كالعيد ورمضان والتحضير الى دخول المدارس مضافا اليها يوم لم نكن نتخيل وجوده إلا من خلال سائق التاكسي الذي اضاف الى القائمة يوم جديد يستحق التسول وهو يوم توفير القسط الجامعي بحسب هذه الفئة التي تستبيح الكسب غير المشروع.
انها ظاهرة يجب الالتفات اليها بالزجر والتعنيف فالسائق صورة معبرة عن حال البلد وأفراده، لا ينبغي ان تمر دون المواجهة والوقوف على الاسباب التي باتت فيها الاعمال غير المشروعة امر عادي ويمارس بشكل عادي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزتي الأستاذة عبلة عبد الرحمن المحترمة
ليندا كبرييل ( 2012 / 5 / 24 - 14:55 )
بعد أن رقق قلبي وهو يحادثني عن وضعه الاقتصادي المتدني ، وأن ما يجنيه من عمله كسائق سيارة بالكاد يكفي ،وو... أوصلني أخيراً إلى عنواني المطلوب
العداد يقول لي خمسة فأعطيته عشرة ، تمام ؟ لا ليس تماماً
قال ببجاحة أريد خمسة عشر ، سلمت أمري لله وأنا مستعجلة وهو يمنّنني أنه أوصلني كالصاروخ ، فلم أجد إلا عشرين في حقيبتي، قدمتها له وانتظرت ليرد الباقي
تمام ؟ لا ليس تماماً
قال ما معه فكة ، بحثت في حقيبتي دون جدوى
طيب انزلْ واصرف ، قال ما عنده وقت ، واعتبريها صدقة لأولادي المساكين
فما كان مني إلا أن تناولت ربطتين خبز كان قد وضعهما على المقعد الخلفي حيث أجلس تناولت الربطتين وقلت له : بسيطة ، وهاتان الربطتان صدقة لي
فأجاب الحقير : على روحك نشاللا
فرددت : والقايل نشاللا
ماذا نقول عن الخسة والدناءة يا عزيزتي ؟
انهيار كبير في الأخلاق ، لم يعد ينفع معه دين أو نصيحة
ثابري على كشف النواقص ولك أطيب تحية
مع التقدير


2 - من مال الله يامحسنين
سيمون خوري ( 2012 / 5 / 24 - 17:34 )
الاخت عبلة المحترمة تحية لك في كافة بلدان العالم يوجد هذا النمط من الشحاذة لكن ايضا هناك شحاذة وطنية وهذه اسوء انواع التسول الذي يجري باسمنا ويصرف على السيارات الفارهة وال ... هذا الى جانب التسول باسمه تعالى . هناك مافيات متخصصة بالتسول في عدد من البلدان الآوربية الشرقية . منذ ايام تم القبض على سيدة تمتهن التسول لديها 16 مليون يورو هل تصدقين ..؟ أما سائقي التاكسي فهم حالة خاصة مع التحية لك وللإخت ليندا المحترمة


3 - الاستاذة ليندا المحترمة
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 24 - 21:00 )
تحياتي استاذة ليندا يسعدني مرورك اضافتك دائما تغني المقالة
الحقيقة ان ذاك السائق ابقانا في الويل طيلة الفترة التي امضيناها في السيارة وهو يشرح لنا وضعه السيء والاجراءات التي سيقوم بها من اجل ان يفي بأقساط ابنه الجامعي مهددا لنا بأنه سيقوم ببيع جرة الغاز وحين نزلنا من السيارة طالبنا بعد ان دفعنا الاجرة له بنصيب محمد ابنه
كل الشكر لك صديقتي


4 - الاستاذ المبدع سيمون خوري
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 24 - 21:11 )
تحياتي استاذنا المبدع سيمون خوري المحترم
دائما يصيبني الزهو كلما قرأت مقالة لي
ما زلت تذكر عبارات الشحاذة في وطننا العربي في مرة دفعت لشحاذة فقط لانها قالت لي يخليلك الغالي خوفا على الغالي دفعت
من كلامك عرفنا ان الشحادة حالة عالمية
تحياتي اليك مبدعنا الرائع
طابت صحتك


5 - الجميع يلهث وراء المادة
فؤاده العراقيه ( 2012 / 5 / 24 - 21:32 )
تحية طيبة عزيزتي عبلة

النفوس يعميها جشعها ولا تبالي لو عملت او تسولت او سرقت المهم المادة ونراه يتشدق بأحاديث وآيات قرآنية ويصوم رمضان ويصلي
هذه ازدواجيتنا عزيزتي فلا تتفاجئي من هؤلاء
لك اطيب التحايا ومثلها للعزيزين ليندا وسيمون من غير استاذه ولا استاذ ولا سيد وسيدة


6 - العزيزة فؤادة العراقية
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 24 - 22:47 )
تحياتي عزيزتي فؤادة
اشكرك على تحيتك الغالية
كما قلت النفوس يعميها جشعها وطمعها عن رؤية حالها قتكون نار على غيرها فلا تشتهي الا ما يملكه غيرها
اشكرك على اضافتك وتحيتك الرائعة


7 - التكسي صورة متنقلة عن المجتمع
علاء علان ( 2012 / 5 / 30 - 21:31 )
مؤسفه تلك القصص التي يمارسها بعض سائقي (سيارة التكسي) ، و يضاف للقضية التي طرحتها كاتبتنا المتميزة ، المغامرات الأخرى التي يتحدثوا عنها ، و في افضل الحالات ان وجدتي سائق صامت ، وجدنا قيادة جنونية !


8 - اكاذيب سائق تاكسي
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 5 / 31 - 09:55 )
الصديق علاء علان تحياتي اليك
انت هو المتميز ، وكما قلت مشاكل السائقين او اكاذيب السائقين لا حصر لها ، حتى يتصدع رأس من يستقل السيارة العمومية بشتى القصص والعنتريات الغريبة وقد اضفت معلومة جديدة حين ذكرت السرعة الجنونية اثناء السياقة فينزل الراكب على حالتين اما فاقدا حياته او فاقدا عقله ههههههه
تحياتي صديقي المبدع

اخر الافلام

.. فيديو تعزيزات أمنية مكثفة في كاليدونيا الجديدة • MCD


.. المغرب: حملة -تزوجني بدون مهر-.. ما حقيقتها؟ • فرانس 24 / FR




.. كأس أمم أوروبا 2024: ديشان يعلن تشكيلة المنتخب الفرنسي.. ما


.. هل تكسر واشنطن هيمنة الصين بالطاقة النظيفة؟




.. سكان قطاع غزة يعانون انعدام الخيام والمواد الغذائية بعد نزوح