الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاخوانوفوبيا والآخر

جمال ابو لاشين
(Jamal Ahmed Abo Lasheen)

2012 / 5 / 24
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في مقال نشره د. محس صالح مدير عام مركز الزيتونة للدراسات باسم الإخوانوفوبيا عرض فيه أسباباً كثيرة للخوف والتخويف من الإخوان المسلمين تمحورت أغلبها في عدم فهم الآخرين لهم لجهلهم وعدم تعمقهم في الفكر الإخواني والى التشويه الذي مورس ضدهم من دول غربية وأنظمة عربية على مر عقود,هذا بالإضافة إلى تحامل الليبراليين والقوميين واليسار عليهم نظراً للاختلافات الأيديولوجية بينهم .

ويستدل د. محسن في مجمل مقالته على أن الإخوان بقاعدتهم الشعبية والتي انعكست في الانتخابات إنما يعبرون عن حاجات الناس وضميرهم وما كان لهم أن يحصدوا ما حصدوه في الانتخابات لولا قربهم من الناس وتأثيرهم القوي فيهم بحكم أنهم أصحاب مشروع حضاري نهضوي سيظهر مستقبلاً, إلا أنه يعود في نهاية المقال ليشير إلى إمكانية فشل مشروع الإخوان إذا ما فقدوا القدرة على الالتزام بمشروعهم وسقطوا في حبائل السلطة ومغرياتها , وإذا ما حاولت أمريكا تدجينهم وفرض إرادتها على المنطقة .

هذا أبرز ما جاء في مقالته المطولة , قد يكون د.محسن صالح أصاب في بعض ما قاله , و قارب الحقيقة في البعض الآخر إلا أنه ظل محكوماً بقربه من فكر الإخوان رغم أنه انتقدهم بشكل سطحي في جزئية بسيطة من مقاله .

إن مفهوم ( العزلة الشعورية ) التي دعي لها سيد قطب في كتاباته كإحدى مبادئ جماعة الإخوان المسلمين والتي بموجبها يحتفظون بمشاعر الإسلام وخلقه ودينه في بيئة غير ملتزمة عند تطبيقها أفضت إلى هجر الناس,والجمود في العلاقة مع الآخر, والتقوقع داخل الجماعة , ودليل ذلك أن علاقات العمل, والمصاهرة,والاجتماعيات ظلت مقصورة على الجماعة فقط دون أن تخرج للفضاءات الأخرى وهذا أدى بالنتيجة لعدم قبول الآخر ورفضه, ومن ثم تكفيره ولم يكن ذلك السلوك فردي بل شمل كثيرون من الجماعة وهذا كان خلافاً لما قصده الشيخ سيد قطب .

لقد قاد الفكر التكفيري لأن تكون الجماعة دولة داخل الدولة بمؤسساتها واقتصادها, ومشاريعها المتعددة , وبالتالي كان محكوماً على تلك التجربة أن تدخل في جمود عقائدي لا يقبل من خارج الجماعة ، ولا ينفتح على آرائه حتى ولو كانت تناقش أمورا دنيوية بعيداً عن الدين والتدين وبهذا خرجت الجماعة عن الوسطية والاعتدال التي تميز بها ديننا الإسلامي .

إن القاعدة الشعبية الداعمة للإخوان و التي أوصلتها للنجاح في الانتخابات بانتظار تلقى الثمن فالمطلوب والملح هو توفير الأمن الاقتصادي وحرية التعبير لهذه القاعدة , فالشعوب العربية بما عانته من فقر وحرمان وتكميم للأفواه رأت في برنامج الإخوان معبرا عن طموحاتها لذلك انتخبت برنامجها وليس جماعتها, فإذا حصل افتراق للجماعة عن برنامجها فهذا يعني أن آمالها خابت في تخليصها من المآسي التي مرت بها وهو المتوقع في ظل عدم تطبيق البرامج الانتخابية حتى الآن واقتصار النواب على عرض المشكلة بدون آليات لحلها .

إن موقف الأحزاب الأخرى من الإخوان كانت نتيجة وليس سبباً , فسلوك الإخوان منذ الثورات العربية وحتى اللحظة هو سلوك إحلالي وإقصائي يحاول فيه قلب كل ما له علاقة بمؤسسات الدولة , ودستورها , وعبر حتى أثناء الثورة سواء في مصر أو تونس عن حالة توحد للإخوان خلف جماعتهم دون قبول أي مشاركة من أحد , لذلك أصيبت الأحزاب نتيجة لذلك بخوف على مستقبل البلاد, و مصير علاقتها مع الآخر و ما عزز تخوفاتهم عدم وجود تطمينات حقيقية للشراكة أو العلاقة الصحية مع الجماعة بالنظر لممارساتهم اليومية .

ومع رفضي الكامل لمفهوم الإخوانوفوبيا وتداوله, كونه مصطلح مستورد المقصود به زيادة حدة الشقاق والافتراق بين أبناء الشعب الواحد , وتخويف الأقليات الأخرى التي تعيش في الدول العربية كمواطنين وأصحاب حق مثلهم مثل غيرهم من المواطنين , وبالنتيجة سيقدم الدين حاجزاً وجداراً يقسم البلد الواحد وهذا تجنى على الدين وعلى الاسلام.

لذلك نجاح الإخوان ضمن تجربة ديمقراطية كاملة ونزيهة عليها أن تعزز حقوق الأقليات, وكرامة المواطن فهذا هو المقصود بالانتخابات وهذا هو مغزى ممارسة حرية التعبير , أما أن نتحدث أو نروج لبعبع قادم سيحرق الأخضر واليابس فهذا هو عين الخطأ ومن هنا سيبدأ إلغاء التاريخ وإلغاء الأحزاب الأخرى كما يلاحظ الجميع, فالهجوم على قائد عظيم مثل جمال عبد الناصر الذي هو جزء من تاريخ الأُمة وتاريخ مصر , كان أول المحاولات لإعادة كتابة التاريخ ولكن بلغة جديدة ليس فيها احترام حتى للأموات, وهو مجافاة للحقيقة والتاريخ الذي حفل بانجازات هذا القائد من تأميم لقناة السويس , ومن صد للعدوان الثلاثي , والنهوض بمصر الحديثة بمعاملها ومصانعها, ومن تشييد للسد العالي والإصلاح الزراعي , كل هذا وغيره أعتقد يشفع لهذا القائد أن يُسب ويشتم لخلافات أيديولوجية طواها الماضي .

وفي الختام أعتقد أن الأيام القادمة ستثبت صحة إذا ما كان هناك مشروع نهضوي لجماعة الإخوان يساهم فيه كل نسيج المجتمع وهو ما نتمناه , أم هي برامج انتخابية ستنتهي بانتهاء الانتخابات وتنال من هذا النسيج المجتمعى .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين في جامعة إيمرسون بأ


.. شبكات | بالفيديو.. هروب بن غفير من المتظاهرين الإسرائيليين ب




.. Triangle of Love - To Your Left: Palestine | مثلث الحب: حكام


.. لطخوا وجوههم بالأحمر.. وقفة احتجاجية لعائلات الرهائن الإسرائ




.. الشرطة الإسرائيلية تعتقل متظاهرين خلال احتجاج في القدس للمطا