الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثوابت الأمة أم ثوابت الرعب؟!

مجاهد عبدالمتعالي
كاتب وباحث

(Mujahid Abdulmotaaly)

2012 / 5 / 26
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


لا زلت أذكر دعوة صديق عابر وصلتني نيابة عن أحد الأندية الأدبية كما يزعم، وكان ذلك قبل سنوات يقول فيها: أنه يرغب في استضافتي لأتحدث عن الوسطية كما أفهمها، وسأكون ضيفاً على النادي برفقة شخص من الإسلامويين، ولم يسمه لي، فقلت له: وهل تظنني فعلاً الشخص المناسب لمقابلة الجمهور، فكلنا ندرك ما في لقاء الجماهير من ضرورات المهارة الديماغوجية، أكثر من الخطاب المعرفي، بل إن الخطاب مع الجماهير يصبح خطاباً ديماغوجيا/دهمائياً مهما تزيَّا بثوب المعرفة الصرفة، ولهذا لا أثق بالخطاب الثقافي عندما يتشيأ من خلال الإعلام، ليصبح كليشيهات جاهزة، ويكفي ما نعانيه من كتابة في الصحافة، وما يعانيه ظهر الكاتب من إنحناء وتقرفص، ليستطيع المقال تجاوز أوهام الرقيب.
إن هذا الصديق العابر عندما سألته هل أنا الشخص المناسب فعلاً؟! أجاب: بنعم، ومن باب التأكيد سألته عن مفهومي عن الوسطية، فأخبرني أني سأتحدث عن الوسطية كما أفهمها، وسيأتي الشخص الآخر، ليتحدث عن الوسطية كما يفهمها الإسلاميون، وبهذا يكتمل المشهد الميلودرامي لكلينا..... الخ.
إعتذرته بصراحة أشكره على قبولها، مبينا له عدم استعدادي لخوض معركة، تعيد لي ما سبق وقلته لوزير التعليم العالي عندما اجتمع ببعض المثقفين في صالون اليمامة الثقافي إبان إشراف وزارة التعليم العالي على معرض الكتاب، وكان اللقاء بعنوان (ماذا يريد المثقف من السلطة) واختصرت المراد فيما وضحته من أن المثقف يريد من السلطة أن تتخلص من إسلوبها القديم في المراوحة بين الحصانين اللذين تقود بهما العربة، فحيناً تضع اللجام والرسن على الحصان الملتحي ليجر العربة، ثم تعود فتضع اللجام على الحصان غير الملتحي، وذكرته بأن العالم تجاوز فكرة (الحنطور) البدائية، وأصبحت العربات تسير بالدفع الذاتي، وهذا ما نتمناه من (السلطة) إن صح فعل التمني منها.
الوسطية كما تريد السلطة أن يفهمها الشعب، هي تلك الوسطية الخداج بين إسلاموي وليبرالوي، بين من تلبس النقاب، وبين من تكتفي بالحجاب، بين من تريد قيادة السيارة، وبين من تعارضها، بين من يلبس الجينز، ومن ثوبه دون الركبة، بين من يلبس العقال، ومن لا يلبسه، ومن يحب الخروج على هذا النص المسرحي سوف يطرده المخرج، حتى ولو كان الخروج على النص بسيطاً، ومحافظاً على روح المسرحية ــ حتى بعض من تحمس لبعض هذه القضايا على بساطتها لم يسلم من التوقيف ولو بضعة أيام!!.
الوسطية كما يجب أن نفهمها هي أن نكون في المنطقة الوسط بين الحكومة والمعارضة، فلا يتحدث المثقف في الإعلام ليؤدي دوره كموظف حكومي بمسمى "مثقف"، ولا ينجرف باتجاه خطاب تحريضي تعبوي، يحدث إشكالاً في (النظام العام) كما تفعل المعارضة المخجلة في تسفيه نفسها، أكثر مما تسفه غيرها.
لكن (النظام العام) لا يعني فيما نفهمه أن تستنكر الحكومة التجمعات السلمية للمطالبة بالحقوق المنقوصة أو المنتهكة، بحجة (النظام العام) نظراً لأن الحكومة مدعومة بدار الفتوى لا تجيز هذه التجمعات، وبالمقابل لا بأس عندها بمظاهرات الشوارع، وبعض العبث بالنظام العام إثر فوز فريق كروي على آخر!!.
الوسطية هي أن لا تكون مع الحكومة ولا مع المعارضة، ولكنك تؤمن بمفهوم الدولة ككيان، ومن مظاهر صحة هذا الكيان قبوله لنقد حكومته، مع التفريق ما بين مصطلح الحكومة والدولة عند من لا يعرف الفرق، فالحكومة هي طاقم كبار موظفي الدولة من أفراد متغيرين، والدولة هي الكيان أرضا وشعبا ورمزا سياسيا.
الوسطية ليست أن تكون في حالة تخنث فكري، تتجاذبك صراعات هامشية ذات اليمين واليسار، تُنفخ فيها روح الأهمية بعبارات كـ (التغريب ومؤامرة خارجية أو من جهة أخرى الإرهاب ومؤامرة داخلية) وكل ذلك تحت يافطة مملة يتقاطع فيها ميلودراميي المشهد الاجتماعي السعودي تحت عنوان (عدم الخروج على ثوابت الأمة)، والتي مع مرور السنين نكتشف أن ثوابت الأمة ليست إلا ثوابت (توازنات الرعب) التي تزرعها السلطة بين أطياف شعبها، بفجاجة تعيد إلى ذاكرتنا ما حصل في نهاية الخمسينات وأوائل الستينات عندما أعلنت الأحكام الشرعية/ العرفية، فيختفي مثلاً لا حصراً إبراهيم بن أحمد عبدالمتعالي في سجون الحكومة دون إبلاغ أهله بشكل رسمي http://shorfat.com/forum/showthread.php?t=29837، فلا يجد أبناءه الصغار بعد أن كبروا حتى شهادة وفاة تثبت موته، فما بالك بالمعايير الدولية في من يستمرئ (الغياب القسري) لمواطنيه، لتصبح القضية في نطاق (مجهولي المصير)، إلا من ظنون التقصي على استحياء، وتسقط الأخبار همساً.
الوسطية بفتح السين هي أن تكون في المنتصف كشاهد حق بين المعارضة والحكومة، مؤمنا باستحقاقات وطنك كعضو في هيئة الأمم المتحدة، لكن لا تتنفج من أجل (الحكومة المتغيرة) ما يزري باحترامك لنفسك قبل احترامك لـ(وطنك الثابت)، محاولاً تجاوز خوفك من عرَّابي (توازنات الرعب) فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رااااااااااائع
متابع 1 ( 2012 / 5 / 28 - 10:52 )
مواطن صالح + مطالبة بالإصلاح = خيانة للوطن
مواطن منافق + فاسد = رجل وطني

مشكلة كبيرة عندما يكون هذا هو الواقع للأسف

اخر الافلام

.. وزارة الدفاع الروسية تعلن إحباط هجوم جوي أوكراني كان يستهدف


.. قنابل دخان واشتباكات.. الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا لفض اعت




.. مراسل الجزيرة: الشرطة تقتحم جامعة كاليفورنيا وتعتقل عددا من


.. شاحنات المساعدات تدخل غزة عبر معبر إيرز للمرة الأولى منذ الـ




.. مراسل الجزيرة: اشتباكات بين الشرطة وطلاب معتصمين في جامعة كا