الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هربا الى الموت

كامي بزيع

2012 / 5 / 26
حقوق الانسان


لا اعرف تفاصيل القرار الذي اتخذه الموسيقي اليوناني انطونيس ووالدته التي تبلغ من العمر 90 للقفز من على سطح المبنى يوم الاربعاء الماضي، لملاقاة الموت، لكنني اعرف جيدا ان الخبر يزلزل النفس، ويعيدنا الى نقطة البداية، في تلك الاسئلة المصيرية التي تدفعنا للصراخ لماذا؟.
تقول الاخبار ان الحدث قد وقع حوالي الساعة الثامنة صباحا، هل قضيا الليل يتشاوران في الامر؟ وهل كانت ضائقتهما وصلت الى درجة لم يعد ينفع معها الايمان ان الله يقسم الارزاق لمخلوقاته؟.
امسكا بايدي بعضهما وطارا يعانقان الفراغ، الم تستطع الحياة ان تقنعهما بالبقاء في احضانها ؟ اسئلة غريبة هذه التي اطرحها وهما قد وصلا الى نقطة اللاعودة، اذا كانت الكلاب تشبع بدون ان تعمل، لماذا على الانسان ان يموت لانه لا يجد ما يأكله؟ (شعور بالغضب يلفني).
هي الطبيعة وهبتنا كل مالديها لنحيا، كل مافي هذه الطبيعة يمكن ان يجعلنا سعداء، هذه الشمس تمدنا بالحنان، هذه الارض تغذينا بكل ماتنتجه لنا، وهذه السماء تعطينا ماء الحياة الذي لا ينضب. لماذا اذن نبخل على اجسادنا بنعمة الوجود؟.
نعم اي امل يبقى لدينا عندما نسمع مثل هذا الخبر، بل على العكس، ربما يجعلنا ندير تفكيرنا في اتجاه اخر... نحن من يصنع حياتنا، ليس الضمان الاجتماعي الذي يشترط متطلبات لتقديماته، ولا الجمعيات الانسانية التي بينما تدرس الحالة يكون المرء قد ودع. مثلنا مثل بقية الحيوانات، علينا ان نكافح لاجل البقاء، لقد اجبرونا على شراء الخبر في الاكياس، والاكل جاهز في العلب، والماء في القناني، لماذا لانخصص وقتنا لكي نزرع وناكل، في الاحواض اذا لم نمتلك اراضي، لماذا لا نعجن ونخبز؟ لماذا لا نقطف من الطبيعة ماتمنحه ايانا؟ ان القليل يكفينا لنستمر، بدون هذا البريق الخادع الذي يخبرونا عنه دائما وبانه مايعطي طعما للعيش... ليس الموت هو القرار الاصعب، بل هي الحياة.
يبدو ان الواقع المفبرك يدفعنا الى الياس، بضعة مئات من الناس تنعم بالثروة، والملايين تموت من الجوع، ولكن جميعنا نمرض نتالم ونموت، لماذا علينا ان نكون اثرياء؟ لكي نستهلك اكثر! لكي ندعس رؤوس اكثر! لكي تقسو قلوبنا! لكي نتخلى عن انسانيتنا اكثر واكثر.
بالعكس ان كل انسان يمتلك الكثير الكثير من الثروة، فقط عليه ان يراها، وان يلمسها بداخله، حيث يمكن ان يقدم للاخرين الكثير منها، وهكذا يمكننا جميعا ان نتعاون لنحيا... بفرح.
غريب هذا الخبر القادم من اليونان، وهي الامبراطورية التي حاكت اساطير الخلود والبقاء، كيف يمكن لهذا الشعب الجبار ان ينحدر الى هاوية اليأس، وكيف يمكن للسلطة السياسية والاقتصادية ان تدفع ابناءها الى الانتحار بهذه الطريقة. لا شك ان وسائل الاعلام بسمومها تزيد الامر سوء وهي تعرض وتعيد النكبات، هناك دائما قبس نور، هناك دائما "مطرح" للخلاص، دون ان يكون تحديدا الابدية، لا شك ان اعادة التفكير في وجودنا يطرح نفسه بقوة، فنحن لم نولد لكي نستهلك ماتنتجه المصانع، وماتسوقه الشركات، ولا ان نخضع لشروط وقيود البنوك، ولا ان تسيرنا وسائل الاعلام بايديولوجياتها المنظمة، نحن ولدنا كجزء من الطبيعة ومع الطبيعة وفي الطبيعة، يمكننا ان نطلب المساعدة من ابناء جلدنا، وبكل الاحوال يمكننا ان نتحلى بالتفاؤل وقد صدق المثل العربي الذي يقول "تفاءلوا بالخير تجدوه".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -تحمل أسلحة لإسرائيل-.. ناشطون يتظاهرون ضد شركة ميرسيك للشحن


.. -حفاضات وكلاب واحتضان جثث-.. شاب فلسطيني يكشف تعرضه للتعذيب




.. اليمن.. مبادرة نسوية لتعليم أطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة


.. تظاهرات ضخمة للمستوطنين في -تل أبيب- والقدس وحيفا تطالب برحي




.. فلسطيني من شمال غزة يربط حجراً على بطنه بسبب المجاعة التي تض