الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهمة......قصة قصيرة

رشيد منيري

2005 / 2 / 1
الادب والفن


دائما هناك حكاية يمكن أن تروى. فلا تجلس قبالة السماء متثائبا و فارغا. إن كنت تصر على صمتك فدعني أقترح عليك :أحداث عديدة تقع لي، سأسرد عليك بعضها و لتروها عني دون أن تقول أنها حكاياتي.
لقد كنت قبل أن أعرفك وحيدا، أما الآن فأجد أننا سويا نصلح لأن نكون صديقين، صديقين بالشكل الذي يلائمنا طبعا، فلن أجبرك مثلا على منادمتي إذ لست أضمن ما قد أفعله بك بعدما أسكر. كما سأعفيك من حكاياتي الغرامية التي لا تسلي سواي. لتكن صداقتنا على هذه الشاكلة: أنا أعيش الحكاية و أنت تقصها. ربما وجب علينا أن نطلق على هذه العلاقة اسما آخر غير الصداقة، لكني واثق أن لا أحد سيهتم لأمر المصطلح، و ليكن شعارنا: "دائما هناك حكاية يمكن أن تروى".ومن جهتي سأقول:"دائما هناك حكايات تحدث لي".تصور أني فكرت أن أصبح قاصا أو روائيا ، أو على الأقل أن أرتاد الأسواق حاكيا ما وقع لي. لكني فهمت المسألة بشكل واقعي؛ فالذين استمعوا لي لم يفعلوا إلا حرجا، كما أن كثيرين يقرؤون قصصي فقط حين يجهلون أني كاتبها. أنا إذن معيب معيب، ولربما كان في شكلي أو اسمي ما يدعو للنفور.
مادام شغلك هو الحكي. و مادمت بلا حكايا. نستطيع سويا –أنت و أنا- أن نشكل قاصا واحدا. لا يهمني اسمي، فالتاريخ ليس أخرقا حتى ينتبه لاسمينا و هو الذي يعرف عنا كل شيء )كل شيء يا عزيزي! ( و التاريخ كما تعلم مصاب بلوثة النسيان، فلا تلمني إذا ما ضيعت في أزقة الذاكرة و منعطفاتها بعضا مما جري لي، أوَ لستُ وليد ظروف سوسيوتاريخية؟ )ما رأيك في رنين المصطلح ( .
كف عن تدوير عينيك بهذا الشكل المتلف للأعصاب و اسمع أول حكاية. قد تبدو للوهلة الأولى بديهية. لكنك ببعض السرد الفني و الوصف المتخيل و التقنيات الحديثة، تقدر أن تجعل منها قطعة من التراث الأدبي الحديث..
"حدث في يوم من الأيام أن شعرت بالضجر ، فقررت القيام بنشاط مختلف، استعرت حذاء رياضيا و قلت أركض. فوجئتُ بقدمي ترفضان هذا النشاط و تعتبرانه مضيعة للجهد. فرحت أمشي. كل ما رأيته كان عاديا )للأسف( ، لكن بسمة غريبة و دهشة كانت تحوم على وجوه الناس ممن رأيت. و قد لزمتني أكثر من ساعة لأكتشف أني عوض البنطلون القصير كنت ألبس تباني الأحمر ..فقط...
أوف! لن يتصور أحد خجلي في تلك اللحظات !"
هذا ما أذكره. أشعر أني نسيت ما هو أهم ؛ ما قد يحمل مغزى و مضمونا. لكن هذا على العموم ليس عيبا، تستطيع الحكاية بعد أن تحررها أن تجد لها مكانا في سوق الكتابة حتى بدون مضمون )من حسن حظنا أنهم ينادون هذه الأيام بموت المعنى رحمه الله ( ، وحبذا لو تستعمل في الكتابة كلمات ذات رنين من مثل: غمام –عبق-سرمدي-تتفتقُ....و أربع أو خمس تيمات حاملة لمعاني الإغتراب و التشرذم، استعمل أيضا هذه المفردة "تشرذم"، يمكنك مثلا أن تكتب:" حدث في يوم من أيام التشرذم أن شعرت بالضجر...إلخ" دون أن تنسى أهمية البياض و دوره الكيماوي الفاعل في قتل المعنى. أنا واثق أنك في مستوى المهمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي


.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي




.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-