الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تداعيات الانسحاب السوري من لبنان

معقل زهور عدي

2005 / 2 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ثمة اعتقاد شائع بأن الانسحاب السوري من لبنان سيحمل معه نهاية مرحلة وبداية مرحلة لسوريا ولبنان على حد سواء ، وتعبر النخب السياسية في كلا البلدين عن القلق والارتباك في تحديد طبيعة المرحلة القادمة ، وهناك قدر من الحذر والخوف إضافة لشيء من التفاؤل والأمل .
وينبع الحذر والخوف من كون الوجود السوري في لبنان أصبح بمرور الزمن جزءا من معادلة التوازن اللبنانية الداخلية التي ترسخت بعد اتفاق الطائف الذي أنهى حربا أهلية مريرة سقط خلالها مايقرب من نصف مليون ضحية بين قتيل وجريح ومعاق ، وأسفرت عن هجرة واسعة وتدمير غير مسبوق لاقتصاد لبنان ، كما أصبح الوجود السوري في لبنان جزءا من معادلة توازن النظام السوري ذاته ولا يعرف أحد بالضبط كيف سيتم إعادة التوازن للمعادلتين بعد الانسحاب من لبنان ، اما التفاؤل والأمل فمبعثه الشعور بأن لبنان سوف يجد الفرصة للعودة إلى ميراثه الديمقراطي ، وينهي كابوس التحول الى دولة شبه بوليسية أصبحت مرتعا للفساد.
ليس بعيدا احتمال أن يطلق الانسحاب السوري من لبنان ديناميكية جديدة للتغيير الديمقراطي في سورية ، ويساهم بصورة فعالة في إنهاء مرحلة الاستعصاء التي أعقبت إجهاض ربيع دمشق عام 2001 ، فكل الأحداث التي وقعت بعد ذلك التاريخ أكدت حتمية التغيير ، وأن الوقوف بوجه تياره الجارف لايعدو عن أن يكون مسألة إعاقة وتأخير ، ولعل الشعور المبالغ فيه بالقوة والعقلية الأمنية التي لاتلاحظ أثر التغييرات في ميزان القوى العالمي والإقليمي كانا وراء تشدد المتشددين في الحكم تجاه مسألة التغيير الديمقراطي في سورية ، وبالتالي فربما يساهم الشعور بالضعف وتقلص هامش المناورة في خلق بيئة للتفكير الواقعي ويدفع لاضعاف منطق التشدد .
يطرح الانسحاب السوري من لبنان على النخب السياسية السورية واللبنانية مسألة إعادة إنتاج العلاقة السورية –اللبنانية على أسس جديدة ، وحتى اليوم يتركز الانتباه على العلاقة بين الدولتين ( السيادة اللبنانية والندية ) بينما تغيب عوامل أخرى لاتقل أهمية فلبنان الديمقراطي يستطيع تقديم الكثير لسورية في طريقها المتعثر نحو الديمقراطية ، وسورية تستطيع تقديم الكثير للبنان لتخفيف أثر الانقسامات العمودية فيه ولكن من يقوم بذلك ؟
هنا تبرز أهمية مبادرة الهيئات الأهلية والمدنية ودور النخب الثقافية والسياسية التي لم تنغمس في لعبة السلطة ومراكز القوى والفساد والإفساد ، لقد أنتجت الأنظمة الحاكمة وأجهزتها الأمنية العلاقة الحالية بين لبنان وسورية ، وحين ينسحب الجيش السوري من لبنان يضع التاريخ أمام المجتمعين التوأمين فرصة ليس لتصفية حسابات الماضي كما يقول المسيح ( دع الموتى يدفنون موتاهم) ولكن من أجل بناء علاقة للمستقبل يصنعها الشعبان بعد أن تعبنا من صناعة الحكومات وأجهزتها الأمنية.


معقل زهور عدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بوتين يضع شروطه لإنهاء الحرب.. ورفض قاطع لها من أوكرانيا|#غر


.. المنطقة..وتأرجح بين التهدئة والتصعيد|#غرفة_الأخبار




.. عسكريون إسرائيليون عبر وسائل إعلام عبرية يحذرون من مغبة الحر


.. سلاح جيش الاحتلال يتسبب في فقدان نطق طفل في غزة




.. مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات الاحتلال بعد اقتحامها بلدة