الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات ودلالات(3)

حميد غني جعفر

2012 / 5 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مؤشرات ... ودلالات – 3 –
هكذا حكومة قائمة على المحاصصة الطائفية والقومية والعشائرية – وبلا كفاءة ولا نزاهة ولا إخلاص – وتعتمد المحسوبية والمنسوبية وتزوير الشهادات ، واختلاف الإيديولوجيات والتوجهات والارتباطات – بكل أطرافها – بدول إقليمية ومجاورة وأجنبية ذات مصالح ومطامع في بلادنا ، حكومة بهذه المواصفات لا يمكن أن تحمل الهوية الوطنية الحقيقية الأصيلة ، ولا يمكن أن تكوم إلا ضعيفة وهزيلة حتى وإن جاءت بطريقة شرعية عبر صناديق الاقتراع ، خصوصا في ظرف كظروف بلادنا – الاحتلال وتداعياته – وتوازن القوى كحالة استثنائية – فهي حكومة فاشلة ولم تتقدم خطوة واحدة بالاتجاه الصحيح والسليم لخدمة مصالح الشعب والوطن بفعل الصراعات الحادة على الجاه والمال والنفوذ والمصالح الذاتية الأنانية – وبتمويل من الجهات التي ترتبط بها كما وهي أيضا تفتقد لبرنامج عمل – حكومي – واضح ، هذا إلى جانب المليشيات المسلحة – لكل من أطرافها – في مسعى لفرض إرادته على الآخر وهذه الحقيقة باتت من الأمور المسلم بها وأكدتها تجربة السنوات التسع المنصرمة وينطبق هذا الواقع على الحكومات التي سبقتها أيضا ، والمشكلات الحياتية اليومية التي يعيشها شعبنا وبلادنا هي ليست وليدة اليوم – في ظل الحكومة الحالية – فهي معاناة مريرة وباتت مزمنة ومستعصية ، لكنها تفاقمت أكثر فأكثر في ظل هذه الحكومة وقد بلغت أوجها وحدتها خلال الأشهر الأولى من تشكيل هذه الحكومة ، وبعد أن بلغ تذمر واستياء الشارع العراقي مداه ... من سوء وتدهور عامة الأوضاع – الأمنية – الخدمية – البطالة – سوء الأداء الحكومي – واستشراء الفساد المالي والإداري ... الخ انطلقت حركة = 25 – شباط – 2011 – الشبابية حيث دعت هذه الحركة الواعية البطلة لتنظيم التظاهرات والاعتصامات الاحتجاجية السلمية – المكفولة دستوريا – والمطالبة بتحسين الأوضاع الأمنية و الخدمات الأساسية الضرورية وبإيجاد فرص عمل للشباب العاطلين وإصلاح العملية السياسية ونبذ المحاصصة الطائفية المقيتة أو إجراء انتخابات مبكرة ، ولبت هذا النداء الوطني جماهير الشعب وكل منظمات المجتمع المدني وقوى التيار الديمقراطي وفي المقدمة الحزب الشيوعي العراقي ، ورغم أن رئيس الحكومة قد حذر المواطنين من المشاركين فيها واتهمهم بالبعثيين والإرهابيين ، إلا أن تحذيراته باءت بالفشل ولم تجد لها من صدى في الشارع العراقي وانطلقت التظاهرات العارمة من ساحة التحرير – تحت نصب الحرية – في – التأريخ أعلاه – وتوالت التظاهرات والاعتصامات كل يوم جمعة لتمتد إلى كل المحافظات والمدن العراقية والقصبات كل جماهير الشعب الساخط على سوء وتدهور الأوضاع وبعثت الرعب في نفس المالكي وحكومته والبرلمان ومارست الحكومة أساليب قمع بوليسية ضد المحتجين فأغلقت كل الطرق والجسور المؤدية إلى ساحة التحرير بهدف تحجيم التظاهرات والتضييق على الحريات ثم أطلقت النار على المتظاهرين فجرح من جرح منهم واعتقل من اعتقل بفبركة وتلفيق التهم ضدهم ... لكن كل هذه الأساليب البوليسية لم ولن تثني عزيمة الشباب من الوطنيين التقدميين والديمقراطيين ومنظمات المجتمع المدني والتيار الديمقراطي ومنهم الشيوعيون وظلت متواصلة فأرعبت المالكي وحكومته واضطر تحت ضغط الجماهير إلى الإقرار بعدالة وشرعية مطالب المحتجين ثم حدد مائة يوم لتحقيق مطالب المتظاهرين واضطر مجلس النواب كذالك لتشكيل العديد من اللجان في كل المحافظات لدراسة المطالب وتلبيتها ، وكانت إحدى الكتل البرلمانية الكبيرة قد حددت ستة أشهر لتنفيذ تلك المطالب – على أن الحكومة حديثة العهد – وأن المائة يوم غير كافية ، والواقع كانت المبادرة – بشكل مقصود أو غير مقصود – لصالح الحكومة أكثر منها لصالح المتظاهرين المحتجين لتخفيف الضغط الشعبي عليها – وها قد مرت عام ونصف منذ شباط العام الماضي وإلى يومنا هذا لم يتحقق أي من الوعود ولا زالت المعاناة تتفاقم يوما بعد آخر الأمر الذي يؤكد أن تلك الوعود المعسولة من الحكومة والبرلمان كانت بهدف امتصاص نقمة وغضب الشعب المنتفض وتخدير يقظته وتمييع مطالبه العادلة المشروعة وليست إلا ضحك على الذقون وعمد المالكي – شأنه بذالك شأن حسني مبارك – فأرسل البلطجية من أتباعه إلى ساحة التحرير مسلحين بالهراوات والسكاكين للاعتداء على المتظاهرين وإرهابهم وتفريقهم وحصلت فعلا العديد من الاعتداءات عليهم وجرح الكثير منهم وأيضا عمدت الكتل المتنفذة بإرسال أتباعها وتحولت ساحة التحرير إلى ساحة مزايدات رخيصة بين جماعة المالكي وأياد علاوي والبعثيين وبعض من رجال الدين بهدف محاصرة المتظاهرين والتشويش على مطالبهم العادلة والالتفاف عليها وتمييعها
ومن هنا كان استياء المالكي وحكومته الديمقراطية .. !! من الحزب الشيوعي لأنه وقف إلى جانب شعبه وتصدر حركته الاحتجاجية السلمية ومطالبه العادلة ولم يقف إلى جانب المالكي وحكومته ... فكانت الممارسات غير الديمقراطية المخالفة للدستور والاستفزازات ضد الشيوعيين كونهم تصدروا تظاهرات الشعب المطلبية وتكررت الاستفزازات – المشار إليها في مقالتنا السابقة – ديمقراطيون بلا حدود - .
تقول هذا لتذكير المواطن والشارع العراقي بسياسة ومواقف الحكومة لنؤكد على أنها ليست أخطاء عابرة في مجريات العمل ، بل أنها نهجا ثابتا بمعاداة مصالح الشعب وقمع صوته ومعاداة الحريات الديمقراطية .
كل هذا إلى جانب الفوضى التي تسود كل مفاصل الدولة واستشراء الفساد المالي والإداري مع استشراء الاختلاسات والسرقات المهولة والمشاريع الوهمية ، فلقد أنقت الحكومة مليارات الدولارات لإصلاح الطاقة الكهربائية ... ولا زالت كما هي ولا زال المواطن المسكين يتلظى بحرارة الصيف اللاهب فأين ذهبت مليارات الدولارات ؟ إنها في جيوب القطط السمان على حساب جوع الشعب وبؤسه ، ناهيك عن الرواتب الضخمة والمخصصات المغرية للسادة النواب والوزراء وكبار المسئولين الآخرين وما يتمتعون به من امتيازات فقد خصص مؤخرا لأعضاء مجلس النواب قطع أراضي سكنية تبلغ ستمائة متر – 600 – متر لكل واحد منهم في حين أن صغار الموظفين – والكسبة ذوي الدخل المحدود والكادحين الفقراء لا يمتلكون شبر واحد من الأرض أو سقف يستقرون تحته ، وكما اتضح أيضا – بحسب تصريحات المسئولين أنفسه عن مشاريع سكن وهمية مثل – بسماية – ومعسكر الرشيد - وغيرها الكثير من الفضائح – المخجلة – التي تعج بها الصحف يوميا ومختلف وسائل الإعلام الأخرى وعن لسان المسئولين أنفسهم حتى باتت حديث الشارع العراقي اليوم يتندر بها – حكومة حرامية – لأن البرلمان والحكومة منشغلون بصراعاتهم على المناصب والمغانم ولم يأبهوا بمعاناة شعبهم وبلادهم فمصالحهم الذاتية الأنانية ومصالح القوى المرتبطين بها هي فوق مصالح الشعب والوطن، وما المماطلة والتسويف لعقد المؤتمر الوطني إلا دليل واضح على غياب الحس الوطني لدى هؤلاء المتصارعين .
ومن جانب آخر التصريحات المتناقضة والاتهامات المتبادلة بين المتصارعين تصريحات واتهامات لا مسئولة بين بعضهم البعض ويقع المواطن في التيه والحيرة فأي منهم يصدق لا يدري ، وكل منهم ينقض قوله – السابق – أو يتناسى أقواله ويغير موقفه وفق ما تقتضيه مصلحته الشخصية ، فالمطلك مثلا سبق أن أتهم المالكي بالديكتاتور وبأنه أسوأ من صدام ، وعلى خلقية تصريحه هذا غضب المالكي وطلب من البرلمان سحب الثقة منه ... واليوم يرى المطلك في المالكي شخصية وطنية كون أن المالكي يطلب من البرلمان سحب طلب سحب الثقة عن المطلك وغيرها الكثير من اللـــُعب منها لعبة الهاشمي أيضا وكيف لم تستطع الحكومة من القبض عليه وهو في مطار بغداد قبل هروبه إلى كردستان ، وبعد مطالبة الحكومة المركزية لحكومة كردستان بتسليم الهاشمي ورفض الأخيرة تسليمه ، جاء تصريح لبارزاني ليفضح فيه المالكي بأنه قد طلب من حكومة كردستان ترحيل الهاشمي إلى الخارج ... ترى من هو الأكثر مصداقية ... حكومة تقوم ليس فقط على المواصفات – المذكورة آنفا – بل وأيضا على الكذب والمراوغة والضحك على الذقون .
كل هذا الذي ذكرناه إلى جانب القرار الأخير – لحكومتنا العتيدة – بالسماح لكل عائلة بقطعة سلاح دون أية دراسة لطبيعة مجتمعنا خصوصا في هذا الظرف بالذات حيث تجذر الطائفية المقيتة وحيث العنعنات العشائرية وحيث أن البيت الواحد تسكنه أكثر من عائلة ... فما مغزى مثل هذا القرار السقيم الذي استهجنته كل منظمات المجتمع المدني والجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان والقوى السياسية الوطنية والمراجع الدينية وحتى بعض الكتل البرلمانية وكل قطاعات الشعب وترى في هذا القرار أنه يعبر عن عجز الحكومة واعترافها بعدم قدرتها على حماية أمن وسلامة المواطنين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -