الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ننتخب الإخوان ونحتمي بالعسكر؟ أم ننتخب العسكر ونحتمي بالثورة؟

مجدي مهني أمين

2012 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


كلمة واحدة قالها الفريق شفيق-غير حكاية البونبوني- ترفع رصيده الانتخابي، قال في لقائه مع وائل الإبراشي عند الترشح للرئاسة: اللي يكدب ممكن يعمل أي حاجة،..وكان وقتها يتحدث عن الإخوان وما حنثوا به من عهود، وما كذبوا فيه من تصريحات، كلمة أخرى قالها المرشح الرئاسي خالد علي، أبرزت معدنه السياسي الأصيل، قالها للإخوان: أنتم شوكة في ظهر الثورة.

شوكة في ظهر الثورة، عكروا صفوها منذ لحظتها الأولى، تقاعسوا في الدخول، دخلوا وطلعوا، تفاوضوا مع النظام السابق كي يأخذوا شرعيتهم ويتخلصوا من كونهم "جماعة محظورة"، تاركين دم الشهداء في الميدان الذين رفضوا التفاوض مع النظام السابق، شوكة سعت من خلال مفكريها لصياغة تعديلات دستورية، وتحالفت مع المجلس للاستفتاء حولها، ودفعت الجماهير للموافقة على هذه التعديلات، بدلا من أن تشارك في دعم القوى الثورية في الحصول على دستور جديد.

والثمن في صفقة التعديلات كانت أن يحصلوا على البرلمان، كان الثمن أن يحصلوا على برلمان بلا صلاحيات، إلا من حق واحد وهو تشكيل لجنة صياغة الدستور، إذ أن مشروعهم بعيد المدى هو الدستور، وأطلق عضو لجنة الدستور صبحي صالح في لقاءاته الجماهيرية قولته الشهيرة: الإسلام قادم، موتوا بغيظكم.

- الإسلام قادم؟

كيف يقول هذا في بلد تدين غالبيته بالإسلام؟ في بلد الإسلام فيها قائم؟ لكنه يتحدث عن الإسلام السياسي، عن خلط بين الدين والسياسة، كما كان يحدث في العصور الوسطى، حيث خلط السياسيون بين الدين والسياسة، حيث استغل السياسيون تقوى الناس كي يربطوا هذه التقوى بالولاء للحاكم ورجل الدين، والخلط وقتها كان متقنا جدا، إذ جعلوا الولاء للحاكم ولاء لله ، وأن الخروج على الحاكم كفر، هذه ببساطة الخلطة القادمة من تجارب العصور الوسطى التي تحررت منها أوروبا، لا لكي تكفر ولكن لتحرر الدين من عوالق الدنيا، فلا يمكننا أن ندعي أن أوروبا هي شعوب بلا ضمائر، بالعكس هي شعوب مشغولة مثلنا بالقيم، مشغولة بالحرية المنتجة المبدعة، ومشغولة بالسلام والعدل وحقوق الإنسان.

أعود لصبحي الذي يمكن أن نعدل قولته الشهيرة إلى:

- خلط الدين بالسياسة قادم، موتوا بغيظكم، التخويف قادم ، موتوا بغيظكم.

كانوا شوكة في ظهر الثورة، تركوا الشباب يُقتل في الميدان وتكالبوا على الصناديق كي يمتلئ البرلمان عن آخره بالإخوان والسلفيين، من أتوا للبرلمان بعد العديد من التجاوزات، وبعد كل ما قاموا به من ضغوط وقدموه بسخاء من رشاوي الناس كي يحققوا هذا المكسب البرلماني، وتكالبوا على لجنة الدستور، حتى أفقدتهم قوى الثورة توازنهم وحصلت على حقها في عدم دستورية هذه اللجنة.

فماذا كان أمامهم؟ لم يكن أمامهم كي يحققوا مكاسبهم إلا الرئاسة، فدفعوا بمرشحيهم وأموالهم كي يحصلوا على هذا المنصب، كي تستقر لهم الرئاسة بعد أن حصلوا على البرلمان، وبين الرئاسة والبرلمان ستكون لهم الحكومة، مرة أخرى يستردون الدستور، الدستور الذي حرموا منه الناس حتى يضمنوا أن يؤول إليهم، ويصيغوه على مقاسهم الأيديولوجي الضيق.

في كل الأنظمة الديمقراطية، تتم العملية السياسية في إطار الدستور، وقد حرمنا منه الإخوان، وتقوم الشعوب عادة بانتخاب البرلمان من حزب آخر منافس لحزب الرئيس، والإخوان باقتحامهم لانتخابات الرئاسة قد وضعونا أمام المأزق في أن ننتخب الرئيس المنتمي لنفس الحزب اللي معاه الأغلبية، أو أن ننتخب رئيسا منتميا للنظام السابق اللي ثار عليه الشعب.

معادلة صعبة للاختيار بين مرشحين، أحدهما ينتمي لجماعة تريد أن تقتل الثورة من الداخل، والثاني لنظام يريد أن يقتل الثورة من خارجها، فالأول ينتمي للإخوان من يعز عليهم أنهم رغم عددهم وتعدادهم لم يكونوا الطرف الذي قاد للثورة، لذا فسياستهم أن يقتلوا الثورة من الداخل؛ فيدّعون أنهم طرف فيها، ثم يحرموها من كافة مكاسبها، ويقودوا الثورة والشعب نحو مشروعهم للدولة الدينية، كي نعود أدراجنا لأوروبا في العصور الوسطى، أو إيران وأفغانستان في العصور غير الوسطى. والثاني ينتمي للنظام الذي ثار عليه الشباب وأسقطه، ولا يستقيم أن نتوقع هذا النظام صديق للثورة، فهو من قتل ثوراها، لكنه لم يصمد أمامهم وسقط، وأعاده الإخوان بغلوهم وطمعهم في السلطة وتشبثهم بحلمهم الأيديولجي في دولتهم الدينية. هم من أعادوا هذا النظام لحلبة المنافسة.

فلنتخيل:

- لو ربح أي منافس، أي منافس، أمام الفريق شفيق، وبدون تفكير، من كنا سوف نختار؟
- الآن وقد ربح الدكتور مرسي أمام الفريق شفيق، فمن إذن نختار؟ ومن إذن دعم الفريق شفيق؟

الإخوان دعموا الفريق شفيق، ولسبب واحد وهو أن ضعف رسالتهم السياسية وضيق نظرتها وخروجها عن معطيات العصر. فقد خرج -دوننا- من القرون الوسطى من مفهوم الدولة الدينية، ضعف رسالتهم دفعهم لتقويتها بالتحالفات والمال وكل ما اتبعوه من وسائل يرفضها العصر، فعدم ثقتهم في قوة رسالتهم دفعهم للتشبث بها والسعي لتحقيقها الآن، لأنهم يعلمون أنها رسالة تفتقد مقومات النمو، فلن يكون الزمن في صالحها، بالعكس سيكون ضدها وسيفقدون مع الوقت أنصارا لها، وسيفقدون مع الوعي والتنمية الناس البسطاء اللي ممكن يرشوهم.

الناس ها تعرف إن الدولة الدينية مش دولة القيم، لكنها دولة القهر، وإن القيم لا تعاش، لا تعاش بعمق إلا في جو الحرية، وإن أعمق القيم هي التي تحرر الإنسان، وإن إعمق الإيمان هو الحرية الداخلية، أي حرية الإنسان أمام مغريات الحياة بحثا عن السعادة المطلقة الكامنة في أعماقه، وهذه لا يوفرها إلا مناخ من الحرية والتسامح، ولا يمكنهم أن يدّعوا أن هذا المناخ بالغ الشفافية موجود في إيران أو أي دولة دينية ينشدونها.

ولا مشروعهم ولا أفعالهم تبشر بخير، ولا تبشر بوضع أفضل لمصر، يمكن أفضل ليهم، أما الباقون فسوف "يموتون بغيظهم،" هذا هو مشروعهم، فمن نختار إذن، هل نختار الإخوان ونحتمي في العسكر من شطط الإخوان؟ أم نختار العسكر ونحتمي في الثورة من تكالب العسكر على السلطة؟

في هذه الأطروحة، اختيارنا للإخوان سيقوي دور العسكر، أي كالمستجير من الرمضاء بالنار، بينما اختيارنا للعسكرسيقوي من دور الثورة، والتفاوض مع الإخوان في هذه المرحلة هو تفاوض بلا ضمانات، فمشروعهم واضح في دولتهم الدينية ضد المرأة والأقباط والسياحة والفن والإبداع والحريات الشخصية، وأي تنازل يقدمونه في هذه المرحلة لا يمكنهم الالتزام به، لأنه ببساطة سيكون تنازلا على حساب مشروعهم مما يفقدهم السبب الرئيسي في معنى وجودهم، وهنا أذكر مقولة الرئيس جون كيندي: جهل ناخب واحد في نظام ديمقراطي قد يضر بأمن المجتمع كله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - فكر شفيق ملاك امام فكر مرسي
نور الحرية ( 2012 / 5 / 26 - 21:12 )
اعجبتني كثيرا فقرتك التي استهللتها بالناس ها تعرف الدولة الدينية...الخ رائعة رائعة جدا اما بخصوص من الجهة التي يجب على المصريين الاحرار ان يصوتوا عليها فهذه لا تحتاج لعناء كبير في اعتقادي اتحالف حتى مع الشيطان ضد الاخوان وكل الحركات الاسلاماوية

اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح