الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة قصيرة جدا -الخليقة-

حسين رشيد

2012 / 5 / 27
الادب والفن


الأمر أصبح مثير للاهتمام والجدل، فلليوم الثالث، لم تسجل أي حالة ولادة في جميع الأنحاء، مع تزايد معدل الوفيات بشكل ملحوظ، ومثير للمخاوف أيضا. وتستمر الحالة لأسبوع وشهر وثلاثة أشهر، برفقة حالات إجهاض كثيرة لنساء حوامل.
الذعر انتشر في كافة أرجاء المعمورة، فرق العلماء تبحث في الأمر وتحاول معرفة السبب ومعالجته لكن دون جدوى. المليارات من البشر أخذت بالتناقص الى مئات الملايين من ثم مئات الألوف. دول وبلدان محيت بالكامل، وما تبقى منها اتحد بدولة واحدة، الأرض أخذت بالانكماش بعض الشيء إذ اختصرت الصحاري والبحار والمحيطات بشكل كبير. وفرق العلماء تبحث بالأمر، بمعاونة منظومة متطورة من العلوم التكنولوجية والطبية. ولا تغيير في الأمر، لا بل أصبح الأمر أكثر خطورة. اذ استجدت حالة أخرى فجثث الموتى آخذت تختفي بعد موت الشخص، ورغم ما زرعته من خوف وتوجس في نفوس من تبقى من البشر ألا أنها كانت مصدر راحة أيضا.
لكن مئات الألوف تناقصت وتناقصت حتى وصلت الى ألاف معدودة، تجمعت فوق ارض تحيط به الأنهار والأشجار وشتى الثمار، وأنواع كثيرة من الحيوانات والطيور المتنوعة الأحجام والأشكال والألوان والصفات، لكنها بدت مستغربة الأمر أيضا. الألوف المعدودة أضحت مئات، والعلماء مازالوا يبحثون دون جدوى، رغم أن بعضهم مات واستبدل بعضهم الأخر.
أدوية الخصب وحبوب الجنس، توزع مع وجبات الطعام، والجميع تحت المراقبة، عسى ان تكتشف حالة حمل عند إحدى النساء، اذ اتفقوا على أن ينكح الرجل جميع ما تبقى من نساء من اجل ديمومة الحياة. السحرة والعرافون بدورهم عجزوا أيضا عن معالجة الأمر، والأعداد تتناقص وتتناقص حتى وصلت الى العشرات.
وذات صباح، هرعت أحدى النساء المتبقيات الى غرفة الأطباء والعلماء وعلامات الحمل بانت عليها، تلقفوها وعلى وجه السرعة وضعوها تحت المراقبة والعناية، وحين سألوها عن الرجل أخبرتهم بموته.
لا يهم موته. المهم هناك امرأة حامل. لكن خلاف حصل بين كبير السحرة وممثلي الأديان والطوائف المتبقين، حول سبب ما حصل ويحصل، فكبير السحرة يقول ان ساحرا كبير هو وراء ذلك ولابد من أعطائه الولاء والطاعة، وممثلو الأديان يقولون هذا بلاء من الرب او الاله، ولم ينتهِ الخلاف والجدل الا بموت كبير السحرة. ليستجد خلاف اخر بين ممثلي الأديان بشان دين المولود الجديد، فالأم كانت تدين بدين والأب بدين أخر، ورغم تدخل العلماء والأطباء المشرفين على المرأة الا ان الخلاف استمر ولولا موتهم جميعا لتطور الأمر الى الإفتاء والاقتتال.
الأطباء والعلماء يخضعون المرأة لجملة من الفحوصات والتحاليل المختبرية، بغية معرفة اسباب الحمل ومقارنتها بتحاليل سابقة لنساء اخريات. في ذات الوقت اخذ عدد المتبقين من البشر يتناقص ويتناقص، وبعد مرور فترة وجيزة، لم يتبق سوى المرأة واحد الأطباء. وما ان بدت علامات الولادة على المرأة، والسابقة لاوانها لا مثلما اعتدنا ان تكون تسعة اشهر. مات الطبيب وظلت المرأة وحدها تعاني وتصرخ وتحاول الولادة واخرج احد الجنينين اذ تبين من خلال الفحوصات ان هناك جسمين داخل رحمها لكن لم تحدد ملامحهما.
بعد محاولات عدة، ومعاناة والالم وصراخ كان يخترق كل الاحراش والغابات والانهار، اذ تجمعت الطيور والحيوانات والنباتات والاشجار دبت فيها الحياة صدفة، كانوا جميعهم يشاهدونها، وهي تتلوى. حتى تلك اللحظة اذ اطبقت على اسنانها بقوة، واعتصرت جسدها، لتضع في النهاية بيضتين وبحجم غير طبيعي، وتغادر الحياة لكن جثتها لم تختف. اذ تكفلت الطيور بحملها، والغزلان بدفنها تحت شجرة التفاح.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي