الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد فشل الثورة في خياطة جراحهم.........

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 5 / 27
مواضيع وابحاث سياسية



يخيطون أفواههم
بعد فشل الثورة في خياطة جراحهم.........

أم الزين بنشيخة المسكيني

حدِّقْ جيّداً في شاشتك الكبيرة... هاهم يأتون اليك هذه الليلة الى حدّ بيتك ..جاؤوا يخيطون أفواههم في قلب مجالك البصري و أمام عدسات شريط الأنباء في قناة وطنية أكثر من اللازم ..انهم جرحى الثورة جاؤوا الى عينيك يجرحون الثورة التي خبّأتها الحكومات في عباءة الأحزاب و تحت ابط الشيوخ الدعاة ..لن تتقن اغلاق عينيك هذه المرّة مثلما أغلقت السياسةُ أذنيها في وجه جراحهم ..في تلك الليلة التي تخيط فيها فمك أيّها الجريح القديم.. تأتيهم قارئة الأخبار اليومية بشعرها الليلكي و ابتسامتها المعهودة مثلما تمليه عليها قواعد مهنة تفرض الابتسامة حتى ازاء صور المقابر الجماعية ..أو أطفال القمامة ..و هاهي تحذرك في ابتسامة الموناليزا- التي لا أحد يدري" أبكت تلكم الحمامة أم غنّت ".- قائلة: "تماسكوا جيّدا ..هي مشاهد قد لا تتحمّلونها.. !!!" هاهم جرحى الثورة يخيطون أفواههم ..هل لديكم العيون الكفيلة باستقبال جراحهم ؟ تماسكوا جيّدا على صالوناتكم العصرية ..و فتّلوا شواربكم يا رجال تونس ..يا من لا تفتحون أفواهكم في أكثر الليالي التي عشتموها و التي ستعيشونها و التي لن تعيشوها الاّ للتثاؤب أو لشتم العباد و نهش لحوم أنفسكم ..و في اللحظة ذاتها التي كنت فيها أنت بصدد ترشّف قهوتك أو قارورتك كان جريح الثورة يخيط عمدا فمه بإبرة و بخيط نخيط به كل أشكال القماش من السراويل الى المراويل الى الفساتين ..الى قطع أخرى محرّمة من التعرّي لوقاحتها ....
أيّها الشعب الكريم ..هل سألت يوما و أنت تلعب بمصيرك اليومي لأيّ شيء تصلح الأفواه تحديدا في بلاد لا بلاد لها ..حيث الزغاريد أحلى ما يخرج من شفاه النساء في أعراسك وهي قليلة ..ستجيبني حتما : تصلح الأفواه لأغراض شتّى و تقال على معان عدّة ..هناك أفواه للأكل و أخرى للشتم ..و ثالثة للصمت و رابعة للنباح و خامسة للنواح ..و سادسة للكذب و سابعة للتعويض عن السجن ..و ثامنة للجوع و تاسعة للتخمة حدّ التقيّؤ و عاشرة لتلاوة الآيات يوم الجمعة ..ستتعب من الإحصاء لكنّك ستستأنف لعبة العدّ ..ستفتح فاك أكثر حتى يصبح "جلغة " واسعة الأشداق ..و ستضيف "تعددت أفواهنا و الجوع واحد ..ما أكثر الأفواه التي فتحت أبوابها علينا بعد الثورة ..نحن نحتاج اذن الى خياطة بعضها ..أفواه فاغرة و أفواه داعرة ..و أفواه حمقاء و أفواه تصلح للاستبلاه الديمقراطي و للشماتة الانتقالية ..أفواه للمواخير السياسية و أخرى للخمّارات الانتخابية ..و أخرى للبكاء بعد فوات الأوان ..لا شيء غير الأفواه التي تستحق أن نخيطها عن جدارة من الوريد الى الوريد ..متى ستخيطون الأفواه الكاذبة ؟ متى ستأكل الأفواه الجائعة ؟ شيوخ يبحثون في القمامة عمّ يضعونه في أفواههم ..و شيوخ يأتوننا معلّمين للديانة ..بين القمامة و الديانة أفواه أخرى تقيم الصلح و تبني القناطر الافتراضية ..و تنظم المؤتمرات الصحفية ..لا شيء أنت أيها الشعب الطيب غير فم كبير يضعون فيه كل أشكال الدعاية و الوصاية .. أنت حكاية لا تحكيها غير الأفواه الحرة ..و حين يغتالون الحرية عليك حينها أن تخيط كل أفواهك كتنين كبير سقط اعتباطا في عام الفيل ..حوّل أفواهك الى خراطيم و ابصق بها على كل حكاية تجرّك من شفاهك الى الخراب ..لوحة تشكيلية من قاع الجحيم و مشهد من العراء الديمقراطي المحموم ..جرحى الثورة يُشهرون جراحهم في وجوه لا تنظر الا الى نجاحات كاذبة ..يصنعون من جراحهم حبلا لشفائهم ..لمن سيهدون جروحهم هذه المرّة ؟ و ماذا سيخيطون في المرة القادمة ؟ أحدهم يلوح بقصّ الأذن اليسرى ..من أجل هديها الى حبيبة لا يملك ما يهديها و لا ما به يزفّ اليها عريسا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -غادرنا القطاع بالدموع-.. طبيب أمريكي يروي لشبكتنا تجربته في


.. مكتب نتنياهو: الحرب لن تنتهي إلا بعد القضاء على قدرات حماس ع




.. وزير الخارجية السعودي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من نظيره الأميرك


.. حرب غزة: بنود الخطة الإسرائيلية




.. الجيش الأميركي: الحوثيون أطلقوا صاروخين ومسيّرات من اليمن |