الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


دونية عقليات النُظم الشرق أوسطية !

عادل الخياط

2012 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية



لستّ بحاجة إلى جُهد إستثنائي لكي تتلقف تلك العقليات الضحلة , فهي من الإنفلاق المفضوح أنها تعوي وتنبح وتزأر وتموء مثل قطعان سهوب القارة السوداء وغابات الأمزون , وكل يعوي حسب ترنيمته الخصوصية , سواء على مستوى محلي أو إقليمي أو دُولي .. وتدري وقد لا تعلم ثم تتساءل بإندهاش فطري : هل أن أصحاب كل ذلك النسج الخيالي بالفعل على يقين به أم أنه من نوع الوهم , هل بالفعل إنهم يعتقدون أن كل ذلك القطيع البشري يُؤمن إلى حد سد الغلاصم بجميع ما تقترفه تلك الأنظمة , وعلى جميع المستويات : قمع أمني مقترن بخنق للحريات , ترد إقتصادي , تجهيل إجتماعي , ثقافي , لكن الأهم هو رؤية دول الغرب الدونية لعقليات النُظم الشرق أوسطية وفي جميع تعاملاتها الداخلية والخارجية .. وعلى العموم أن تلك الرؤية الغربية لا تخرج عن نطاق الفقرات المشار إليها عن التردي الإقتصادي والإجتماعي والثقافي .. لكن على المستوى الخارجي كذلك ثمة محاور عدة , من ذلك على السبيل :

عقد القمم في بغداد المُنهكة المستغيثة , الداعية بجهنم الحمراء في ليالي الأسحار على النافذين الجُدد , الداعية بكل فجاعات العذاب على المُتنفذين الجُدد نتيجة الويل الذي يكتنف كل خلية في منحنياتها , ومعها كل مدن العراق !
وليس الحديث هنا عن ليل الجحيم في ذلك الكيان المنقطع عن الركب الكوني , لا نقول كم صرفت بغداد من الأموال على هكذا سيركات قرقوزية , إنما الهرج عن مديات الضحالة لتلك العقليات في تبني تلك القمم ؟ بمعنى هل أن تلك التجمعات تعطيها حضوة على المستوى الإقليمي والدولي , هل يعتقد متنفذو بغداد الجدد ان تلك المهرجانات النفاقية سوف تُقزم المُحتوى الجوهري للتقاطع العقيدي بين التفكير الغربي وجميع حلفائه الشرق أوسطيين في رؤيتهم لحكومة الملالي في طهران بأنها مصدر الخطر والقلق الإقليمي ؟ وهل سوف تضمحل الخلافات العقيدية الراسخة لدول الجوار مع العراق الطائفي الجديد الذي يرفض بكل قوة وإقتدار توجيه ولو إنتقاد بسيط لحكومة الملالي أو سوريا الحليف الوثيق لها ؟ ( من الممكن الإشارة هنا إلى ملاحظة أشار لها أحد الكتاب عن الجُزر الإماراتية المُحتلة من قبل إيران من بداية السبعينات , وكيف أن حكومة بغداد رفضت في إجتماع البرلمانيين العرب في أربيل سنة 2008 إعتبار إيران مُحتلة للجزر الإماراتية )

تلك الأسئلة وغيرها هي معيار التوجه , النظر إلى أنظمة الحُكم وتوجهاتها - الطائفية على وجه التحديد - هي معيار النسغ في العلاقات - علاقة بغداد مع دول الجوار - إذا كانت تلك العلاقات تحتمل أفقا بعيدا في رسم مستقبل العراق ومدى رسوخ نظامه الجديد .
فهل يمتلك نظام بغداد الجديد رؤية واضحة محددة عن علاقاته مع دول الجوار غير المفهوم الطائفي الذي يخص إيران فقط , وإذا كان المفهوم الطائفي هو المحور الكونكريتي لتلك العلاقات فما مدى التهويل الذي أطلقه مسؤولو حكومة بغداد عن تلك الأهمية لعقد القمة في بغداد ؟

أسئلة عن تلك الإزدواجية وضياع الأفق في رسم العلاقات سواء مع دول الجوار , أو مع المنظومة الغربية التي تتقاطع في مجمل تفاصيلها مع نظام الملالي في طهران . ؟ أسئلة ربما نحن على علم بإجاباتها , لمعرفتنا اليقينية عن مديات الإنصياع لمسؤولي بغداد لنظام الملالي , لكنها - الأسئلة - تذكير لإحتمالية أو يقينية التداعي المريع لتلك السياسة الحمقاء .

القمة النووية الغربية الإيرانية في بغداد ربما أكثر إيحاءا عن تلك العقلية الضحلة التي نحن بصددها , فهنا تقترن العقلية العراقية الإيرانية لمسؤولي البلدين , المسؤولون العراقيون والإيرانيون أصروا أن تكون القمة في بغداد , فلماذا أصر يا ترى أولئل المسؤولون أن تُعقد القمة في بغداد ؟ بالنسبة للمسؤولين العراقيين بالإضافة لتصورهم الخيالي المنحرف منطقيا : أن عقد القمة في بلدهم يُعطيهم زخما دوليا وإقليميا , فإنهم في ذات الوقت من الممكن التأثير ولو نسبيا على المفاوضين الغربيين بخصوص بعض الفقرات المقرورة من قبل الدول الغربية على إيران , ومنها على سبيل المثال تخفيف الحصار الغربي على جمهورية الملالي - إضحك - ويجب أن تضحك وبقوة , لأن هؤلاء يُسقطون تراخيهم في مسائل جوهرية على مفاوضين غربيين يمتلكون قناعات ثابتة إزاء قضايا صميمية لا يُمكن في أي وضع التنازل عن فقاعة من تركيبتها .
بخصوص التصور الإيراني أيضا يصب في ذات المنحى , ومن الممكن أن تستشف ذلك من خلال تصريح لاريجاني المفاوض الإيراني بعد عدم التوصل لإتفاق في إجتماع بغداد , عندما قال : نريد المفاوضات القادمة في دولة مُحايدة وليس في " جنيف " , فما علاقة " جنيف " أو " موسكو " التي أردت أن تكون المحطة القادمة للمفاوضات , فو كانت حكومتك تمتلك تصورات عامة عن تلك المفاوضات , فلا يهم أن تكون المفاوضات في جنيف أو موسكو أو أي مكان في العالم !

التفسير لمثل هكذا واقع سوف يقودنا إلى دبلوماسيات سابقة تخص تلك العقليات الشرق أوسطية .. فوزراء خارجية أو غيرهم من المفاوضين لا يمتلكون صلاحيات مطلقة في القبول أو الرفض للمقترحات التي تُطرح عليهم من الطرف الآخر , لذلك تراهم يظلون متلعثمين في الرد , ومن ثم يطلبون من الطرف الآخر إعطائهم مهلة للإتصال برئيس حكومتهم وهو الذي يتخذ القرار !!

لذلك , دعونا نعتبر السطور الواردة بمثابة رسالة نصيحية لمسؤولي بغداد بأن لا تُسقطوا تصوراتكم الخرافية الهزيلة على كيانات غربية تمتلك إرثا عظيما منبثق عن ركام هائل من جميع العلوم .. لاتعقدوا القمم وتتبنون أشياءا أكبر من حجمكم في وقت وضعكم الداخلي يُثير الشفقة والبؤس على جميع المستويات : لا خدمات , لا إنتاج محلي , إعتماد أعمى على الإستيراد , أزمة سياسية مستفحلة ومتواصلة , فساد مالي وإداري تجاوز كل مؤسسات العالم , مسؤولون أميون ولصوص , شهادات تزوير , تشنج طائفي , ميليشيات طائفية , مافيات مالية , تدخل خارجي سافر , تخلف يضرب بالصميم جميع صنوف الحياة البشرية : الفن والأدب والفكر وجميع العلوم .. فوضى عارمة , سُواق يقودون سياراتهم بدون أجازات سوق .. وغيرها وغيرها العشرات والمئات ..

إنتبهوا لشعبكم في البدء , دعو الناس تحترمكم , إرسو عوامل الثقة بينكم وبين شعبكم , دعو بلدكم يرتكز على أسس رصينة , وبعدها إعقدو القمم , فعند ذاك , سوف يحترمكم العالم أجمع .. فهل ستعون النصيحة ؟ لا أعتقد ذلك ورب الفُلك الأزلي !
[email protected]









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحداث قيصري-.. أزمة داخلية ومؤامرة خارجية؟ | المسائية-


.. السودانيون بحاجة ماسة للمساعدات بأنواعها المختلفة




.. كأس أمم أوروبا: تركيا وهولندا إلى ربع النهائي بعد فوزهما على


.. نيويورك تايمز: جنرالات في إسرائيل يريدون وقف إطلاق النار في




.. البحرين - إيران: تقارب أم كسر مؤقت للقطيعة؟ • فرانس 24 / FRA