الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نعم.. نحن ننتخب.. وهم ينتحرون

كريم كطافة

2005 / 2 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


ثمة مقالات جميلة ومفيدة تُفاجأ بعد قراءتها أن كاتبها أخطأ في عنونتها، لم يختر لها عنواناً مناسباً دالاً عليها.. وثمة عناوين لمقالات تُفاجأ كذلك بعد القراءة أن لا رابط بين العنوان والمقال وما العنوان المثير إلا ما يشبه تدليل البائع على بضاعته بغير أوصافها.. وثمة عناوين لمقالات لا تحتاج إلى مقال، لأنها بذاتها مقال. من هذه العناوين الأخيرة عنوان جلب انتباهي للزميل العزيز (فلاح حاجم)، نشره في صوت العراق ليلة انتخابات أو عرس العراقيين. العنوان قال: نحن ننتخب- وهم ينتحرون..! كان المقال قصيراً، وفكرته تدور حول المفارقة المرعبة بين من يتهيئون للعرس القادم في الصباح الباكر، من يبحث في زوايا البيت وخزانته عن تلك الملابس والأحذية الجميلة والأشرطة الملونة لشعور الصبايا لليوم القادم.. ومن يبحث في زوايا ملابسه عن مخابئ يضع فيها أصابع الديناميت والمتفجرات استعداداً كذلك لليوم القادم.. الأول يحلم بالعيش في وطن جميل له ولأولاده وأحفاده من بعده والثاني يحلم بالموت القريب ولقاء الحور والعشاء مع الرسول.. الأول يعيش وفق سنة الحياة التي وجد نفسه مفطوراً على الدفاع عنها وحمايتها وتلوينها بكل ألوان الفرح والسعادة والمسرات والثاني يريد إلغاء مفاعيل واستحقاقات تلك السنة والفطرة مستعجلاً تحقيق رؤى ورغبات ظلامية مقيتة. هذه هي قصة ذلك العنوان ومقالته الزائدة.. كما ترون معي العنوان لم يحتج لا شروح الكاتب ولا شروحي عليها.. العنوان بذاته كان مقالاً.. كان فصيحاً ببوحه وإخباره وإعلامه.. نعم.. نحن ننتخب.. وهم ينتحرون.. هذا هو واقع حال العراقيين في ذلك الصباح الشتوي البارد.
والآن، إذا كان الذين حلموا ويحلمون بعراق الأمان والسعادة والرفاهية هم نحن.. هم العراقيون الذين صوتوا في ذلك اليوم بالدم، باصقين بوجه الموت الظلامي الكالح.. ملبين الدعوة الوطنية الجامعة: يا عراقيون.. أنه عرس العراق ينتظركم.. فأن الذين انتحروا وينتحرون على أسوار حلمنا العراقي، كانوا هم المعنيون بدعوة أخرى مقابلة لدعوتنا، أطلقتها كل تنظيمات الإرهاب العروبية والسلفية، الدعوة الصارخة بـ: يا عرسان الحور.. الرسول ينتظركم على العشاء..!! كانت الدعوة على الطرفين هي دعوة عرس.. لكن الاختلاف كان على الداعي، في الأولى كان الداعي هو الشعب العراقي بكل أطيافه الزاهية وفي الثانية كان الداعي هو الرسول ولا نعرف أي رسول.. لعله رسولهم هم.. رسول أمراء ومشايخ الإرهاب.. لقد أحيينا عرسنا بالزغاريد والأغاني والدبكات والتكبيرات وبدماء شهداءنا.. وهم أحيوا عرسهم بانتحارهم فرادى ومجاميع.. نحن سنبني وهم قد ماتوا. لا يعنيني مصيرهم اللاحق إن كان في جهنم وبئس المصير.. أو هم حصلوا أخيراً على تلك الحور الباكرات العذراوات اليابانيات أو الكوريات أو الصحراويات.. لكن في كل الأحوال هم تذوقوا جهنم وبئس المصير بتمزق أشلائهم إربا.. كذلك لا يعنيني أن كانوا قد تذوقوا شيئاً من مائدة الرسول السماوية.. أو أن حراس الجنة قد طردوهم عند البوابة الأولى، بعد أن اكتشفوا قذارتهم ودمامتهم وزيفهم وجهلهم بدينهم.. كذلك لا أدوخ رأسي كثيراً بملابسات كيف اكتشف مجاهدي ومناهضي الحلم العراقي فرق التوقيت بين الأرض والسماء، وماذا سيفعل المنتحر عند الفجر وهل سينتظر النهار بطوله حتى حلول المساء وموعد العشاء الرسولي أم أن ثمة تقنية سماوية غير معروفة في التوقيت تجعل المنتحر على العشاء في كل الأوقات.. سوف لا أشغل رأسي بكل هذه الخزعبلات، سأترك أمرها لقنوات الظلام العروبية وفقهاء الظلام والإرهاب السفهاء والمتصابين من شيوخ الدين الرجيم والمحللين المتحذلقين من عروبيي هذه الأمة التي استحت من جهلها الأمم.. لعلهم يشغلون أنفسهم بها، بدل ندبهم لحظهم العاثر على طول الخط، ورعبهم من المؤامرات التي تحاك ضد أمتهم، متناسون أنهم هم أنفسهم مؤامرة هذه الأمة المغلوب على أمرها والمقطعة أوصالها وأحلامها بين حكام مستبدين قابضين على حيوات الناس بأنياب ومخالب الوحوش وفقهاء متآمرين على دينهم مزينين للحكام افتراس الشعوب. أنا سأنشغل فقط بالحلم العراقي.. سأبحث لنفسي عن مكان أستطيع أن انسج من خلاله خيوط هذا الحلم الجميل.. سأسعى مع غيري لصنع وطن لا نخجل منه أمام أولادنا وأحفادنا.. لقد خطونا الخطوة الأولى.. وسنقطع طريق الألف ميل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غزة ما بعد الحرب.. ترقب لإمكانية تطبيق دعوة نشر قوات دولية ف


.. الشحنة الأولى من المساعدات الإنسانية تصل إلى غزة عبر الميناء




.. مظاهرة في العاصمة الأردنية عمان دعما للمقاومة الفلسطينية في


.. إعلام إسرائيلي: الغارة الجوية على جنين استهدفت خلية كانت تعت




.. ”كاذبون“.. متظاهرة تقاطع الوفد الإسرائيلي بالعدل الدولية في