الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين مرسى وشفيق: للثورة خيار أخر

هانى جرجس عياد

2012 / 5 / 28
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


لا أراهن كثيرا على ما سوف تأتى به اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية، مهما كان لديها من طعون جدية وأدلة تزوير واضحة، ذلك أن العسكر لت يتنازلوا عن وجود أحمد شفيق طرفا فى جولة الإعادة، وعندى من المؤشرات والشواهد الكثير، لكن يبقى هذا حديث أخر، ربما نعود إليه قريبا.
ولئن كان الأمر كذلك، وظنى أنه كذلك بالفعل، فإن أربعين مليون ناخب (مع استثناء عشرة مليون أعطوا أصواتهم لطرفى الإعادة) سيجدون أنفسهم بين مطرقة الإخوان وسندان النظام الذى لم يسقط، أى سيجدون أنفسهم (مضطرين) لاختيار أحد وجهى العملة الواحدة.
ثمة أسئلة كثيرة لا مفر من مواجهتها بشجاعة وصدق: لماذا يجب أن نحشر أنفسنا فى المأزق الذى دفعنا إليه تحالف أعداء الثورة (المجلس العسكرى) وسارقى الثورة (الإخوان)؟ ولماذا يتدافع البعض منا إلى هذا الفريق أو ذاك من أجل «التنسيق» لجولة الإعادة؟ هل يمكن أن نأتمن من تاجروا بدماء الشهداء، و«طنشوا» على تعرية وسحل بنات مصر فى الشوارع، ووصفوا الثوار بأنهم بلطجية ومأجورون، واتهموهم بالوقيعة بين الجيش والشعب..الخ.... ثم أخذتهم العزة بالإثم واغتروا بأغلبيتهم البرلمانية وحاولوا سرقة الدستور؟ هل حقا نسينا أين كان الإخوان، والإسلاميون على وجه العموم، فى موقعة مسرح البالون وموقعة العباسية الأولى وموقعة ماسبيرو وموقعة محمد محمود وموقعة مجلس الوزراء؟ هل الهروب من النار يكون بإلقاء الذات فى الرمضاء؟ وهل «الهروب» أصلا من شيم الثورة والثوار؟ وهل وصلت الثورة إلى مرحلة الدفاع عن نفسها ضد نظام مبارك، فلا تجد أمامها سوى التحالف مع من خانها وباعها؟ وهل الوطن الذى دفعنا دماءنا وعيوننا ثمنا رخيصا لإنقاذه يمكن أن يكون موضوعا للتفاوض ثم التوافق؟
البحث عن توافقات والمطالبة بتنازلات هو تقزيم للثورة وإهانة لدماء شهدائها واستخفاف بعيون أبطالها، الذين خاضوا كل معارك الثورة فى مواجهة بقايا نظام مبارك، بينما كان الإخوان يوجهون لهم الطعنات من الخلف. لقد سبق للثورة أن رفضت كل ما قدمه مبارك من «تنازلات» وأصرت على خياراتها المطروحة فى ميادين التحرير، ولست أرى ما يبرر الآن السعى ورائها عند من باعوها وطعنوها من الخلف مقابل الاستئثار بكراسى البرلمان، وكأن علينا أن ندفع مرتين ثمن الصفقة المسمومة التى أبرموها مع عساكر مبارك، مرة فى معارك الميادين ومرة فى انتخابات الرئاسة. لقد ظهرت «المشكلة» بين حلفاء الأمس عندما اكتشف الإسلاميون أنهم لم يحصدوا من صفقتهم مع العسكر سوى الريح، وأن «سلطة» البرلمان هى سلطة وهمية، وأن العسكر ألبسوهم «تاج المدنية»، أى السلطانية، والمؤكد أنه ليس من بين وظائفنا، كشعب وثورة، إنقاذ المخدوع فى صفقة كنا نحن هدفها.
عار علينا أن نتمثل سلوك جماعة خارجة عن القانون، ونسعى ورائها بحثا عن فتاتها، تماما مثلما كانت، ولم تزل، عبر تاريخها، وقد كانت الثورة شاهد عيّان على الصفقة التى لم تتم مع عمر سليمان «نائب رئيس الجمهورية»، ثم اكتملت ملامحها بعد سقوط مبارك، وكان طرفها الأخر هو مجلس عسكر مبارك، وبرعاية عمر سليمان نفسه. عار أن نفعل الآن نفس ما فعله الإخوان من قبل، وعار أن نقبل بفتات تتفضل به على الثورة جماعة لها تاريخ مشين فى البحث عن الفتات، جماعة كانت أخر من التحق بالثورة وأول من تخلى عنها وباعها، عار علينا أن ندفع مع الإخوان، وربما بدلا منهم، ثمن صفقتهم مع العسكر التى كنا نحن أول ضحاياها.
يجب أن يكون للثورة خيارها المختلف تماما وجذريا عما يفرضه علينا عساكر مبارك أو يطرحه أمامنا تلاميذ بديع.
كانت الثورة بلا رأس، أو هكذا قالوا عنها أو أخذوا عليها، فأفرزت الصناديق رأسا يجب الالتفاف حوله، إذا ليس من المفهوم ولا المنطقى أن نقبل به رئيسا فيما لو قادته الصناديق إلى القصر الجمهورى، ونلتف حوله لو كان أحد طرفى الإعادة، لكننا لا نقبل به قائدا فيما لو أخرجته الصناديق من السباق، بصرف النظر عما جرى بها من تزوير ناعم.
وبعبارة أخرى، ألم يكن حمدين صباحى شخصية مقبولة، من كل قوى الثورة، فيما لو جاءت به الصناديق رئيسا من الجولة الأولى؟ وألم يكن موضع قبول والتفاف وتأييد فيما لو كان أحد طرفى جولة الإعادة؟ فلماذا نتخلى عنه ونتسابق للبحث عن توافق مع أخر من التحق بالثورة وأول من تخلى عنها؟
وكذلك يجب أن تكون رسالة كل قوى الثورة، على اختلاف انتماءاتها المذهبية ومدارسها الفكرية، واضحة وقاطعة فى رفضها لطرفى جولة الإعادة المعلن عنهما حتى الآن، مرسى وشفيق. رسالة واضحة وقاطعة للطرفين معا، العسكر والإخوان، لا نريد أيا منكما، ولنا خيار أخر.
والحاصل أن الثورة، مثلما هى العادة، تجاوزت النخب والطلائع، وراحت تبعث من ميادين مصر برسالتها، لم تفكر الثورة فى كيفية مواجهة شفيق وحده، حيث تدرك جيدا أنه من الغباء أن تلجأ إلى الرمضاء هربا من النيران، فانطلقت المظاهرات فى ميادين القاهرة والإسكندرية وبور سعيد ودمياط والبحيرة، تندد بالطرفين معا، وتهتف باسم حمدين صباحى رئيسا لجمهورية 25 يناير.
وظنى أن هذه هى باكورة التحرك من أجل استعادة الثورة زمام المبادرة من الذين حاولوا قتلها والذين حاولوا سرقتها على السواء، ولئن كان هناك حوالى عشرة ملايين قد صوتوا لكل من شفيق ومرسى، فلدينا أكثر من 15 مليون منحوا أصواتهم لمعسكر الثورة، بخلاف الذين امتنعوا عن التصويت (25 مليون) والذين لا يمكن حسابهم لصالح أى من مرشحى الإعادة، لأن كل منهما قد حشد كل قواته، ولم يبق فى جعبتهما المزيد. ويما يعنى أن لدينا 15 مليون رسالة، على الأقل، قاطعة فى وضوحها، لا نريد أى من اختياراتكم، فللثورة خيار أخر.
وعندما تأتى ساعة الاختيار بين من حاول قتل الثورة ومن حاول سرقتها علينا أن نذهب جميعا إلى صناديق الاقتراع لنضع علامة خطأ كبيرة (X)، بطول وعرض ورقة الاقتراع، وليكن الهدف أن يكون عدد الأصوات الباطلة أكبر بما لا يقاس من عدد الأصوات الصحيحة التى سوف يتقاسمها كلا المرشحين، وهى رسالة مشحونة بدلالاتها التى لا تخطئها عين.
المقاطعة حل قاصر، لأنها تصب فى النهاية فى خانة الحاصل على أعلى أصوات المشاركين، ولا عزاء للمقاطعين، إبطال الصوت برفض واضح للطرفين هو الحل الأفضل.
وفى السياق يتحمل حمدين صباحى من الآن وإلى ما بعد جولة الإعادة وحتى تنتصر الثورة، مسئولية مضاعفة، فهو ليس مجرد مرشح لم تحالفه الصناديق للوصول إلى جولة الإعادة، بل هو (الآن) رمز للثورة وخادم لها، حمدين صباحى مكانه الآن ميادين مصر وشوارعها، قائدا لثورة لا يمكن أن تموت أن تُسرق. حمدين صباحى الآن هو «البوسطجى» الذى ينقل رسالة الثورة والشعب الواضحة القاطعة إلى كل من يهمه الأمر «لن نقبل بأى من وجهى العملة الواحدة رئيسا لمصر بعد 25 يناير»، حمدين صباحى الآن هو الرمز الذى يؤكد بلا مجاملة ولا مهادنة أن للثورة خيارا أخر مختلف جذريا.
وظنى أنه قادر على ذلك، ويقينى أن الثورة لن تموت.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كل هذا ؟
عادل الليثى ( 2012 / 5 / 28 - 18:40 )
حمدين صباحى رأس الثورة ؟
هذا غير حقيقى ..هل خروجه من إنتخابات الرئاسة جعله رأس الثورة ؟
أم صعود شفيق ومرسى جعله رأس الثورة ؟ بعد عام ونصف إكتشفنا أم حمدين هو رأس الثورة ... وهكذا يدعى أتباع مرشحين أخرين

وتهتف باسم حمدين صباحى رئيسا لجمهورية 25 يناير
عزيزى هى جمهورية مصر .. والرئيس القادم هو رئيس لكل المصريين لمن إختاره ولمن لم يختاره هذى هى الديموقراطية وما قالوه إقصاء ليس أكثر

لدينا أكثر من 15 مليون منحوا أصواتهم لمعسكر الثورة
لماذا لم يفز معسكر الثورة ؟ .. هل أبوالفتوح وموسى وهو لهم أكثر من نصف هذه الأصوات ... مغالطة كبيرة



2 - عزيزى عادل الليثى
هانى عياد - الكاتب ( 2012 / 5 / 28 - 18:53 )
مصطلح (جمهورية 25 يناير) هو تعبير رمزى المقصود منه مصر بعد الثورة، وأظنه واضح بلالبس، والموقف لا يحتمل أى نوع من التلاكيك، وإذا كنت تريد أن تضع حمدين صباحى ومحمد مرسى وأحمد شفيق فى سلة واحدة، ومن يفوز فيهم بأعلى الأصوات يصبح ممثلا للثورة، فأنا . بالقطع لم أقل ذلك، تلك مشكلتك وعليك وحدك حلها كنت أتمنى أن تبتعد قليلا عن (التماحيك) وتناقش الموقف من انتخابات الإعادة، إلا إذا كنت قد حسمت أمرك بالتصويت لأحد المتنافسين، . وهنا لا تكون هذه الرسالة موجهة لك. وفى كل الأحوال شكرا على اهتمامك وقراءة الموضوع


3 - خطر عدم اخذ موقف الان
اصلاح جاد ( 2012 / 5 / 28 - 19:52 )
مع كل الاحترام لكاتب المقال ارى ان هذا خيار قاتك لانه يفترض ان الامور ستقف على حالها لحين تنظيم القطاع المناصر لحمدين صباحي نفسه، التاريخ لا ينتظر واذا فاز شفيق سيفعل كل آليات زبانية مبارك واعوانه لايقاع المزيد من التفتيت والتشرذم والوقيعة بين اطراف ثورة 25 يناير. لا يجب محاسبة الاخوان، المحق، باعطاء المجال لظهور نقيض وعدو الجميع وهو النظام السابق والمستند على بعض قوى المجلس العسكري ولا يجب الاستهانة بهذا التحالف متمكنا الان باصوات ملايين من الناخبين، اي حصل على -الشرعية الثورية- اضافة لاليات قمع الدولة القديمة، ارجو ان لا نقع في هذا الخطأ واذا تم تكوين ائتلاف ما الان ضد شفيق سيكون خطوة تقرب للوصول للاهداف التي اعلنتها الثورة والعمل عليها منذ الان.


4 - السيد المحترم : هانى عياد
عادل الليثى ( 2012 / 5 / 29 - 00:05 )
السيد المحترم : هانى عياد
جمهورية 25 يناير جاءت على جمهورية 23 يوليو بإخوانها وعسكرها ومستقبلها ... فلما التنذير السيئ من قلم دوما نبحث عن الحقيقة معه ؟ ... أما عن حمدين صباحى فأين تلاكيكى وتماحيكى ؟ ... فقط أثارنى رقم 15 مليون ناخب صوتوا للثورة ؟ كيف هذا ومنهم أربعة ملايين ونصف صوتوا لمرشح إسلامى ذو تاريخ إرهابى طويل ومجرم قاتل ... واربعة أخرى كانت لعمرو موسى أحد أفراد النظام القديم كما صنفه الثوار أنفسهم و أربعة ملايين لحمدين ... ولو فرضنا انه مرشح الثورة فقد حصد 16% من أصوات الناخبين ... ولما لا فقد أنست الثورة أحد وجوهها جنسية أمه

اخر الافلام

.. تحذير دولي من كارثة إنسانية في مدينة الفاشر في السودان


.. أوكرانيا تنفذ أكبر هجوم بالمسيرات على مناطق روسية مختلفة




.. -نحن ممتنون لكم-.. سيناتور أسترالي يعلن دعم احتجاج الطلاب نص


.. ما قواعد المعركة التي رسخها الناطق باسم القسام في خطابه الأخ




.. صور أقمار صناعية تظهر تمهيد طرق إمداد لوجستي إسرائيلية لمعبر