الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحصانة السياسية

حميد المصباحي

2012 / 5 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


إنها إجراءات سياسية,الغاية منها تقديم ضمانات قانونية للساسة لإبداء آرائهم السياسية في الحكومات ونظم الحكم,دون التعرض لمتابعات قضائية,فهي نرتبطة بالرأي السياسي,وليس الممارسات الماسة بحقوق الغير,أو التطاول على القانون,إنها شرط للتحفيز على التفكير بأقصى درجات الحرية,فالسياسي,سواء كان في المعارضة أو حتى الحكومة,من حقه الخوض في كل القضايا,كيفما كانت طبيعتها,وملابساتها السياسية,فمهمته التفكير,والنقد والإطلاع على القضايا التي تعني الوطن والمواطنين,هو مؤتمن على هذه الرسالة,وعليها يحاسب أمام منتخبيه,الذين فوضوا له حق تمثيلهم في مؤسسات النيابة عنهم,بل حتى داخل الحكومة,عندما يصل حزبه إلى الأغلبية,ولأن الصراعات السياسية قد تتطور إلى انتقامات وتسوية للحسابات,كان الساسة مطالبين بالتمتع بالحصانة لتأدية مهمتهم دون خوف من مؤسسة الدولة نفسها,التي لها حساباتها وانحرافاتها في كل المجتمعات البشرية,فقد تسيطر على سلطة القضاء أو تخضعها لاختياراتها,أو تضغط على الحكومة كسلطة تنفيذية,ولتفادي كل ذلك,كانت الحصانة السياسية هي الجواب التشريعي الحاد من مثل هذه الخروقات,وقد اشارت فلسفة التعاقد الإجتماعي,التي بها ظهرت الدولة الحديثة,أن أساس التعاقد هو التنازل لسلطة الدولة عن بعض الأفعال الماسة بالتعاقد,أما التفكير فغير قابل لأن يتنازل عنه,وإلا صار المواطنون آلات ونوابهم كذلك,وهدا غير جائز في الدول الديمقراطية,كما أن التعاقد لايحدث إلا على أساس الإتفاق المعلن,بحيث يطلع عليه الكل ويقبل ببنوده,التي يمكن موازاتها بقوانين مفصلة,شريطة عدم المس بقواعد التعاقد,التي نفترض بأنها هي الوثيقة الدستورية,فلا يجوز أن يضاف لها مالا تتضمنه,والعمل فقط لتوسيع مقتضياتها أو تجزيء العام فيها,مما يعني أنها هي ذاتها تفترض لغة واضحة,لالبس فيها,وإلا افتعلت صراعات حولها,بفعل قابلية الغامض للتأويلات,إن لغة القانون ليست قصة تحكى,لتفهم بطرق شتى,إنها وثيقة محددة لكيفيات ممارسة السلطة السياسية لمهامها وفق المتعاقد حوله,في معنى اللغة التي كتبت بها,واستوعبت بها,وليس وفق القدرات على التأويل,التي عاشها المسلمون,وكانت سببا في غياب تصور سياسي للدولة الإسلامية,التي بقيت حبيسة التفسير للأخلاق السياسية التي لايمكن أن يتأسس عليها أي مشروع سياسي لدولة جديدة,تحمل مشروعا حضاريا بديلا لكل الدول التي عرفها التاريخ البشري,ولم يتحقق ذلك إلا من خلال الدولة الديمقراطية الحديثة التي عرفتها أروبا,وانخرطت بها ومن خلالها في مشروع الحداثة والتقدم والتنمية,من هنا نبعت الحاجة للحصانة السياسية,التي ليست امتيازا أو ريعا رمزيا الغاية منه مراكمة الثروات والتهرب من المتابعات القضائية وأحكامها,فلا حصانة خارج الحق في القول السياسي,ولا حصانة لحملة السلاح,فالعقوبات تطال كل مخترقي القانون,وطنيا وحتى دوليا,لأن الغاية من مثل هذه الحصانات,ليس حماية الجنود,لأنهم يحاكموم بقوانين عسكرية كما يحدث في كل دول العالم,بل الغاية هي حماية قادته الذين قد يتورطون في اوامر تقتضي المتابعة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟