الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حصانة -العسكر-... هل هي إعلان عن تأسيس الجيش -الحر- من المحاسبة؟

إبراهيم العدراوي

2012 / 5 / 28
حقوق الانسان


حصانة "العسكر"...
هل هي إعلان عن تأسيس الجيش "الحر" من المحاسبة؟
إبراهيم العدراوي
تناقش الدوائر الساسية مشروعا يتعلق بإعطاء الحصانة للعسكريين، وفي تغييب كلي للجمعيات الحقوقية، والمنظمات المدنية، وحتى الرسمية المعنية بحقوق الإنسان...تعود الذاكرة إلى سنوات الرصاص، تنبعث في المخيلة ما كتب من تدول من أساطير عن "البطاقة البيضاء" LA CARTE BLANCHE، من الماضي والحاضر ترسم صورة تورط العسكريين في جرائم التعذيب والاختطاف والاعتقال السياسي وتصفية المعارضين...وصورة شباب عشريني يحلم بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
الائتلاف المغربي لهئيات حقوق الإنسان، وهو يتكون من عدد كبير من الجمعيات الحقوقية الفاعلة، عبر في بيان رسمي عن قلقه من المشروع باعتباره متناقضا مع المطالب الملحة المطروحة بقوة في الساحة السياسية، ومنها دعوات "محاربة الفساد" و"ربط المسؤولية بالمحاسبة" وحماية حقوق الإنسان. مصدر التوجس واضح وهو أن الأمر يتعلق بشريحة من منفذي القرار، والتي لم تغب ظلالها عن السياسة أو الاقتصاد، بل وحتى الرياضة.
سنعود قريبا، إلى ملف "طي صفحة الماضي" الشعار الذي شكل سجادة لدخول اليوسفي إلى حكومة "التناوب".. وبالخصوص إلى توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة ، خصوصا في الجانب الاتفاقي حيث أوصت الهيأة الدولة المغربية بالمصادقة على مجموعة من الاتفاقيات الدولية لحماية حقوق الإنسان، ومن بينها على الخصوص "اتفاقية روما".
دون أن ننسى أن عددا من الهيآت الحقوقية طالبت بعدم الإفلات من العقاب، وبمحاسبة المسؤولين عن التعذيب، ومحاكمتهم...نستحضر هنا مبادرة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، ونشرها لائحة 46 الشهيرة لعدد من الأسماء التي تمت الإشارة إليها في شهادات ضحايا الانتهاكات الجسيمة، أو في شهادات عائلاتهم...والضجة التي رافقتها، بما فيها متابعة قياديين في الجمعية بسبب وقفة نظموها عشية تخليد ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 09 دجنبر 2000 وكذا التجاوب الدولي مع مطالب الجمعيات المدنية الأوروبية بمتابعة "المتهمين" في حالة دخولهم أراضيها.
وللإشارة، فمجموعة من الأسماء التي ورد ذكرها بخصوص الانتهاكات في العهد السابق، ما زالت تتحمل المسؤولية في دواليب الدولة، وفي المؤسسة العسكرية، كما أنه لم يفتح أي تحقيق بشأن الاتهامات الموجهة إليها حول ضلوعها في مجموعة من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
إذا، وفي الاتجاه المعاكس لهذه التوصيات والمطالب الحقوقية وعائلات الضحايا، يطرح مشروع يزكي تخوفات العودة إلى الانتهاكات الجسيمة، خاصة وأن الأمر يتعلق بفئة من منفذي القرار.
دستور يوليوز 2011، ربط المسؤولية بالمحاسبة، ومشروع القانون، خاصة في فصله السابع، يناقض كليا، الادعاء الرسمي بالحرص على مايسميه"التنزيل السليم لمقتضيات الدستور"...فعندما لا تصبح أية مؤسسة قابلة للمحاسبة فرديا وجماعيا، فستدخل ضمنا في خانة "المقدسات"...وشعار "يكفينا مقدسات، زيدونا في الحريات" هو تنديد بالتهرب من تحمل المسؤولية...والمحاسبة.
وبدون مقدمات كبيرة فالتمييز في القوانين خاصة تلك المتناقضة مع مقتضيات القانون الدولي والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، هو ضرب لمبدأ "الحماية" المنصوص عليها دستوريا، والتي التزمت بها الدولة في الاتفاقات السابقة، كما أن مشروع خلق الجيش "الحر" من المحاسبة، سيكون إفراغا متعمدا ل"سمو المواثيق الدولية" المنصوص عليها في تصدير دستور 01 يوليوز2011.
أما عن توقيت إخراج المشروع من جملة مشاريع منتظرة ومتراكمة، فيجعله في مصاف "المشاريع الاستعجالية" التي تحضى لدى الدولة بالأولوية، كما ولو أننا مقبلون على حرب أهلية تقتضي تدخل الجيش لخمدها بالقوة وهو في مأمن تام من أية مساءلة أو محاسبة، وبعد أن نصح رئيس الحكومة المعطلين بالتجارة، وبعد موقعة "الدعاء المستجاب"، وبعد تصريحات بعض المسؤولين عن "الاحتفاظ ببعض العمال والولاة" رغم "فسادهم".. يصدح في الأفق مشروع حصانة العسكر في إطار استراتيجية "هيبة الدولة".
الحصيلة، ونقول بالعامية "الحاصول"، ان لعبة المهرج وصلت إلى مابعد "الكشف عن اقتصاد الريع"، الذي مازال الشعب ينتظر الكشف عن أسسه وخلفياته والمستفيدين منه ، عسكرا أو مدنيين. بعد إخراج "النكات الحامضة" و"الدعاء المستجاب"...يبدو أن بنكيران وصل إلى مرحلة إخراج "الثعابين"...
ف"هيبة الدولة" مهددة، ليس بالفقر والبطالة ومشاكل العمال والصحة والسكن....
بل "هيبة الدولة" مهددة بحجم الحركات الاحتجاجية التي خرجت، بلغة جديدة، مكسرة حاجز الخوف بعد 20 فبراير.
فلايمكن للمغرب أن يعود إلى ما قبل 20 فبراير، ورغم...ورغم...فالشعب تعلم تكسير حاجز الخوف بعد خروج المسيرات الجماهيرية رافعة سقف المطالب، ومشيرة إلى رؤوس أضحت مقدسا في الشأن العام.
إن الحراك الاجتماعي، حصن الشعب، بإعطائه سلاحا ضد الخوف. وأعاد الكرامة ل"أصحاب الكرامات" من زعماء النقابات الخالدين.
فمن سيحصن هيبة الدولة؟
هل مشروع حصانة العسكر، بداية نهاية، ل"حروز بنكيران" وبركات الفقهاء الداعين معه إلى حكم المغرب إلى يوم الدين؟
"هيبة الدولة" ومؤسساتها، لا يمكن أن يقلل من شأنها شاب عشريني يحمل قيتارته ويسب"قدره" و"قدر" أقرانه، الذين وجدوا في دولة كل شيء فيها محصنا ضد التغيير.
"هيبة الدولة" هل ستعود عندما نقرأ في الصحافة أن شابا اعتقل لأنه "سب البوليس" في أغنية، فحكم عليه بسنة، وأن والي الأمن بأسره، بقده وقدوده ،يضرب من طرف شباب آخر يشرف الدولة المغربية بأن يبتهج في مهرجاناتها، فيعربد ويضرب كبار المسؤولين...ولكنه يملك "الحصانة".
حقا، لم يكن العقل البشري يفكر في القوانين الملائمة لتحقيق الحقوق والحريات إلا ليحصن "الكرامة الإنسانية"، ففيما يفكر هذا العقل الذي يحن لسنوات الرصاص...وللتمييز والتهرب من السؤال(وهو يختلف عن المساءلة)، وربط المسؤولية بالمحاسبة وعدم الإفلات من العقاب....
أي فقيه دستوري يخرج ليفتينا في دولة مازالت لم تشرعن كيف تحمي أطفالها؟ وتبحث عن تحصين "عسكرها".. وأي حصانة بعد حصانة العسكر للشعب؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. العضوية الكاملة.. آمال فلسطين معقودة على جمعية الأمم المتحدة


.. هيئة التدريس بمخيم جباليا تنظم فعالية للمطالبة بعودة التعليم




.. كلمة أخيرة -ماذا سيحدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم ا


.. تونس: ما أسباب توقيف سعدية مصباح رئيسة جمعية تدافع عن المهاج




.. هل تجهض أميركا عضوية فلسطين بالأمم المتحدة ؟ |.. سامويل وربي