الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخصخصة بين السياسة والإقتصاد /2

بشرى علي وهيب

2012 / 5 / 29
الادارة و الاقتصاد



إذا كانت الدوافع الأساسية للخصخصة في البلدان المتقدمة في معظمها دوافع إقتصادية ، فالسؤال الذي يتبادر إلى الذهن ماهي دعوى قيامها في البلدان النامية ، هل هي بفعل ضغوط سياسية خارجية أم بفعل رغبة داخلية حقيقية في الإصلاح الإقتصادي ؟ وإذا كانت بفعل رغبة داخلية للإصلاح الإقتصادي فهل أن الدول النامية لها نفس المشاكل الاقتصادية في البلدان المتقدمة ؟ .
ان التسليم بآلية السوق كأداة مهمة لتخصيص الموارد يمكن أن يصح فقط في حالة وجود منافسة كاملة ، وهذا من غير الممكن تحقيقه حتى في الأسواق المتقدمة . فمن المعلوم أن المنافسة إختفت لتحل محلها نوع من المنافسة الإحتكارية، بالإضافة إلى أن آلية السوق نفسها كانت من الممكن أن تجر الدول الرأسمالية إلى كوارث وأزمات كثيرة لولا تدخل الحكومات . ففي الولايات المتحدة مثلا تقوم الحكومة بتقديم دعم إلى القطاع الزراعي بما لايقل عن (5 ) مليار دولار سنويا من أجل الإبقاء على هذا القطاع ، لأن انخفاض متوسط الربح فيه أسوة ببقية القطاعات (المالية – البنوك - .. ألخ ) يؤدي إلى عزوف القطاع الخاص عن الاستثمار فيه كما أن تدخل الدولة هو الذي مكن من نقل بعض الصناعات لولايات أخرى كولاية واشنطن التي لم تقم بها أي صناعة . وفي إنكلترا عندما حدثت بطالة بسبب سوء توزيع الصناعات، تدخلت الدولة لتعيد نشرها وتوزيعها . وبذلك كان وجود الدولة ضرورة تنموية لم تستطع أكثر الدول تقدما الإستغناء عنها، فكيف يمكن أن تستغني البلدان النامية عن وجودها .
لقد تعددت الآراء التي تفسر دوافع نقل الخصخصة إلى البلدان النامية فيرى البعض أن الدول المتقدمة تسعى لتطبيق هذه السياسة من خلال أساليب الضغط المتمثلة بشروط البنك الدولي وصندوق النقد بدوافع عقائدية (الصراع ضد الماركسية وما ترتكز عليه من أفكار ) إن التسليم بهذا الرأي دفع تحزب المؤيدين إلى هذا الطرف أو ذاك وأدخلهم في دائرة الجدل العقيم (الرأسمالية أو الإشتراكية ) ، ( التكيف أم فك الإرتباط ) .. ألخ . مما قاد إلى إهمالهم المشكلة الحقيقية التي تقف وراء هذه الدعوة .
أما الرأي الثاني ، فهو الذي يفسر هذه الدعوة بدوافع إقتصادية بحتة ، كأن تهدف إلى تقليص عجز الموازنة الحكومية . وهنا يتبادر إلى الذهن السؤال التالي :- هل أن الإطار العام للنشاط الإقتصادي أصبح مؤهلا لسريان قوانين الإقتصاد الرأسمالي ، بحيث أن مجرد إنسحاب الدولة وإحلال القطاع الخاص بدلا عنها يعني تطبيقا للخصخصة وتحقيقا لمعدلات نمو مرتفعة ؟
إن الوسائل المباشرة في تحفيز القطاع الخاص ، لاتلعب دورا مهما إلا بعد أن يكون الإطار العام للنشاط الإقتصادي مؤهلا فعلا لتطبيق الخصخصة .لأن إذا نجحت في البلدان المتقدمة ، فلأن لهذه البلدان أطر مؤسسية وأدارية وقانونية مناسبة يعمل في ظلها القطاع الخاص. إضافة لسلوكيات الفرد والمجتمع التي تختلف عماهو موجود في البلدان النامية .
لقد شهدت الفترة من 1775 -1850 مساهمة الدولة الجادة في تصنيع الدول الأوربية ، ورغم تفاوت هذه المساهمة وعمقها بين الدول والتي تراوحت بين تشجيع المنح والإعانات إلى القروض والتمويل الحكومي المباشر والضمانات والمكافآت على براءات الاختراع ، بالإضافة إلى القيود على الواردات وتعريفات الحماية والإعفاء الضريبي .. إلخ ، إلا أنها تشترك جميعا في كونه تدخلا مؤقتا ريثما يستطع المشروع الوقوف على قدميه . كما حصل بالنسبة لفرنسا وسويسرا وهولندا وبلجيكا وهنغاريا والولايات المتحدة الأمريكية ،ففي عام 1799 ، إشترت الحكومة السويسرية أربعة الآت للنسيج كنماذج ، وما أن ثبت نجاحها حتى قامت ببيعها للقطاع الخاص ، وبذلك لعبت الدولة دور القطب الذي تشكلت حوله الرأسمالية الخاصة ووفرت لها شروط الإنتقال .


يتبع / .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - - كل يوم - يفتح ملف الدعم أيهما أفضل للمواطن العيني


.. النائب أيمن محسب: الدعم النقدي هو الأفضل للفقير والدولة والط




.. كل يوم -د. أحمد غنيم : الدعم النقدي لن يؤدي لمزيد من التضخم


.. د. أحمد غنيم لخالد أبو بكر: كلما تقدمت الدول كلما تحولت من ا




.. كل يوم - د. أحمد غنيم :الدولة تقدم الدعم النقدي لأصحاب المع