الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا تضيعو هذه الفرصة !

محمد ناجي
(Muhammed Naji)

2005 / 2 / 2
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


- الآن وقد انتهت عملية التصويت وأغلقت مراكز الاقتراع أبوابها ، وبغض النظر عن عدد المقاعد التي سيحصل عليها هذا الطرف أو ذاك في الجمعية الوطنية ، برغم انها مسألة في غاية الاهمية للعملية السياسية اللاحقة ، فان دروس الانتخابات ونتائجها ينبغي ألا تضيع وسط الهلاهل ومظاهر الفرح والبهجة التي تغمر الشارع العراقي . وفي نفس الوقت علينا ألا نتجاهل المعطيات السلبية للواقع السياسي وتلك التي رافقت الانتخابات والتي ستظهر لنا ، لاحقاً ، وكأنها مفاجئة ، كما حدث في مراحل واحداث تاريخية ، حيث فقدنا فرص حقيقية للتغيير والتطور ، مر بها العراق والعراقيون ، خصوصا في تاريخنا المعاصر. لذا لابد من وقفة ودراسة مستفيظة وموضوعية لما قبل الحدث وبعده ايضا ، بعد اعلان النتائج .
- لقد سمعنا نفس الهلاهل وقرأنا نفس الكلمات في أكثر من حدث ، سياسي وغير سياسي ، آخرها كان لمنتخبنا الاولمبي لكرة القدم الذي شارك في اولمبياد أثينا ، بعد أن احسن الاداء وحقق نتيجة طيبة ، سرعان ماانقلبت الى العكس بعد أن خرج من المسابقات التي تبعتها ، ولم يستطع الوصول للدور الثاني من تصفيات كأس العالم المقبلة . ومرت الاحداث دون أن نعرف لماذا النجاح هنا والاخفاق هناك ، ولنظل نراوح في نفس المكان .
- ولم يعد من المقبول ، ان نذكر بأننا أعرق شعوب المنطقة والعالم ، ونحن كذلك ، الا اننا في نفس الوقت نتعامل مع شؤوننا بطريقة انفعالية ، فرحا وترحاً , وبمزاجية وفردية واضحة ، فأين نحن من هذه العراقة ، وما هكذا يصنع التاريخ وتتطور الامم والشعوب . وليس من المعقول ان نسقط دكتاتوراً ونظاما مستبداً لنهتف لآخر، بيافطات متعددة ( وتعود حليمة الى عادتها القديمة ) ! ولابد من تفسير للغياب عن الشارع وتركه للارهابين يعبثون به قتلا وتفجيرا ، في وضح النهار ، وأن تتجنب القوائم الاعلان عن مرشحيها ! ثم يتبعها الخروج بكثافة وتحت وابل من القذائف والقصف الاعلامي للتصويت ، لتتعمد هذه المشاركة بالدم العراقي المقدس .
- وبنظرة مجردة ، فقد أظهرت الانتخابات وبجلاء حقيقة ونتيجة اساسية ، ليست جديدة ، يحاول الجميع التشويش عليها وتسخيرها لمصالحهم الضيقة ، وهي ان المواطن العراقي موجود ، وله كلمة ودور وهو الفيصل . وهو متى شاء ، وتحت أية لافتة ، يظل فرساً رابحا وماردا جبارا وقامته أطول من الجميع . ولذا فعليهم ، الآن ، ان يضعوا برامجهم وخططهم ، بالفعل ، لمصلحة هذا المواطن ، وليس العكس بتقزيمه ثم تغييبه ، لتتوالى الكوارث على الجميع !
- ومن النتائج الاخرى ، ان العراقي قال ( باي باي ) واضحة لنظام صدام واجهزته القمعية ودعايته الديماغوجية ، التي لاتزال فاعلة في الشارع العراقي ، وابتعد عنها بمسافة جعلته أكثر قرباً للمحطة الديمقراطية التالية . كما قالها ، أيضا ، للنظام السياسي العربي ولكل مثقفي الكوبونات والماكنة الدعائية والارهابية الضخمة المعادية للشعب العراقي .
- ولكن ، ونحن في غمرة الاحتفال ، علينا ان لا ننسى ماكنا نردده قبل الانتخابات ، بان هذا المارد لايزال يعاني طيلة عقود من ثقافة الاستبداد ، وخاصة في ظل النظام البائد ، والتي أرادت ترويضه بعد ان شوهت وزيفت وعيه وتركت أثراً عميقاً في نفسيته ومزاجه ، لن يمحي بين انتخابات وضحاها ! وان لايفوتنا أن المشاركة الفاعلة كانت في مناطق مستقرة أو شبه مستقرة ، في الشمال والجنوب أهلها ضحايا للنظام البائد ، ومقابره الجماعية , كما انهم الآن ضحايا الجهاد والكبسلة الزرقاوية . كما لا يمكن للمتابع الموضوعي تجاهل الدور البارز لرجال الدين ، وبالتحديد السيد علي السستاني في هذه المشاركة ، ودور هيئة علماء المسلمين في عدم المشاركة في المنطقة الغربية ، مما ستكون له انعكاسات لاحقة على الساحة والعمل السياسي في العراق .
- ان الانتخابات كانت وحتى عشية فتح مراكز الاقتراع ، عرضة للتجاذب بين التأجيل أو عدمه ، رغم انها كانت مقررة قبل مدة كافية ، تسمح لمن لديه وجهة نظر أو اجتهاد آخر ان يسعى لتحقيقه ، بما فيها فكرة المصالحة ، ان كان ثمة مصالحة ؟ وليس تأجيل الانتخابات أو تخريبها وان كان بحسن النية . وهذه الحالة تستدعي التوقف عندها ، بعد أن اصبح التأجيل ظاهرة في الحياة السياسية العراقية حدثت في أكثر من مؤتمر ومناسبة ، كنت مشاركاً في بعضها ، وتكفي الاشارة الى قرار مجلس الحكم الذي اعلن فيه عن العلم العراقي الجديد ، الذي طواه النسيان لاحقا ، والى القرار (37) الذي اصدره نفس المجلس ، والغي غير مأسوف عليه ، وكذلك المؤتمر الوطني الذي انبثق عنه المجلس الوطني المؤقت والمطالبة بتأجيله والانسحابات التي حدثت ثم جرى التراجع عنها . وهنا يطرح السؤال : هل اصحاب الشأن من الساسة العراقيون جادون في عملهم ؟ أم انهم يمارسونه على سبيل الهواية وتمضية وقت الفراغ ؟ فالبلد والمواطن يعاني من كارثة وعليهم التأني ودراسة القضايا والملفات من جوانبها المختلفة والنظر عميقاً لابعادها الآنية والمستقبلية ، قبل اتخاذ أي قرار، ومن ثم عليهم قبل غيرهم الالتزام به .
- اننا اذا لم نستوعب الدرس والنتائج التي افرزتها هذه الانتخابات ، ونحسن التعامل معها ، فليس لنا الحق ان نلوم أحداً بما سيصيبنا من ضرر ومآسي ، سوى انفسنا ، فالكرة في ملعبنا وعلينا ان نحسن اللعب ، والعالم كل العالم ينتظر حسن الاداء منا ، ليرقص بعدها معنا على ايقاع الدبكة والهيوة العراقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد يطالب عضو مجلس الحرب ب


.. عالم الزلزال الهولندي يثير الجدل بتصريحات جديدة عن بناء #أهر




.. واشنطن والرياض وتل أبيب.. أي فرص للصفقة الثلاثية؟


.. أكسيوس: إدارة بايدن تحمل السنوار مسؤولية توقف مفاوضات التهدئ




.. غانتس يضع خطة من 6 نقاط في غزة.. مهلة 20 يوما أو الاستقالة