الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرهان الأخير للنظام السوري

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2012 / 5 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


حي الشيخ مقصود الذي تقطنه غالبية سكانية كردية في مدينة حلب السورية أصبح في الآونة الأخيرة بؤرة ساخنة لصدام كردي – عربي, إذ يقطن في الحي أيضاً أقلية من مواطنين عرب سوريين منتمين إلى بعض العشائر العربية وفي مقدمها البقارة التي بخلاف شيخها نواف البشير المعارض المعروف وضعت إلى حد بعيد بيضها في سلة النظام الأمني الحاكم, ما حوَّل الحي المتداخل سكانياً إلى بؤرة قلاقل ومشاكل ومواجهات متكررة بين الفينة والأخرى.

حصيلة المواجهة الأخيرة أكثر من عشرة قتلى في صفوف الطرفين في طبعة مشابهة إلى حد ما لما تشهده مدينة طرابلس اللبنانية بين العلويين والسنة, ظل الاحتقانات الممتدة تاريخياً والتي رعتها الدولة الأمنية البعثية خلال عقود ووفرت لها البيئة الخصب عبر سياسة ضرب المكونات السورية ببعضها وخلق انقسامات فيما بينها استطاعت الثورة السورية تخفيف حدتها إلى حد ما.

ظل الاحتقانية القائمة منذ عقود ( إحدى منجزات النظام الداخلية ) كل حادث فردي عابر يؤدي إلى فتنة بين المكونات, والمطلوب من القوى المجتمعية والحالة هذه تفويت الفرصة على المحرضين والمخططين في هذا الاتجاه, إذ يبدو من السهل إشعال الحرائق لكن إخمادها لن يكون بتلكم السهولة, وهذا ما عايناه مراراً في العديد من الحروب الداخلية التي شهدتها العديد من بلدان العالم.

نحن نعلم أن النظام الحاكم في سوريا عمل على مدى عقود في تفتيت النسيج الوطني السوري وخلق الهوات بين المكونات السورية, وكان هاجسه الأوحد منع أوجه الاندماج الوطني والتناغم الوطني وبث روح التنافر والبينونة بين تلكم المكونات, وقد كانت الانتفاضة الكردية 2004 إحدى المحطات المفصلية لجهة قيام النظام بتحريك بيادقه العنصرية لتحويل الانتفاضة إلى منحى آخر عنوانه اقتتال كردي – عربي في قامشلو التي تعد إحدى البؤر الساخنة أيضاً بنتيجة التشابك الأقوامي في المدينة بخاصة وفي الجزيرة السورية بعامة.

رهان النظام كما يتبدى من المشهد السوري اليومي هو على فصم العرى مطلقاً بين المكونات المجتمعية السورية, ومحاولة ضربها ببعضها ليتسيد هو الموقف كما في السابق, ولكن هذا الرهان يتخذ الآن منحى آخر, فخطورة وحساسية الوضع الداخلي السوري يجعل إشعال عود ثقاب نذيراً بإشعال غابة, وهذا التعاضد الملفت بين المكونات السورية يشكل خطراً بالغاً على سياسات النظام الداخلية المفوتة, ولهذا انطلاقه في تأجيج صراعات بين القوميات والطوائف وصولاً بها إلى حرب أهلية للحفاظ على سلطته في بلاد محطمة.

يعلم النظام السوري جيداً أن الحرب الأهلية إذا ما وقعت ستكون بمثابة خشبة الإنقاذ له, فالثورة السورية المستمرة منذ 15 شهراً ستدخل في خبر كان, والقوى العسكرية والأمنية للنظام ستخلد إلى الراحة وتجلس على مقاعد المتفرجين مع بقاءها أقوى وتعزيزها لإمكاناتها وبنيتها, والواحد الثوري الذي جمع السوريين من أقصى البلاد إلى أقصاها سيتبدد ويدخل السوريين بذا ومجدداً إلى نفق الاحتقانات المديدة ولكن المشتعلة هذه المرة.

يحتاج السوريون في هذه اللحظة السورية إلى بناء الجسور وتعزيزها فيما بينهم, ووعي حساسية الوضع الهش في البلاد, ووعي مخططات النظام وعدم الانجرار إلى المنزلقات المرسومة, وتتحمل القوى السياسية الكردية والعربية وكذلكم الأمر النخب والتنسيقيات الشبابية قسطاً من مسؤولية تطويق حالات الصدام التي تقع بين الفينة والأخرى, ووأدها في مهدها, لئلا تتفاقم مودية بالجميع إلى تهلكة جانبية في أوج كفاح السوريين من أجل إعادة دولتهم المنهوبة والمصادرة, وإذا كان السوريون جميعاً يعدون أنفسهم من أجل عقد اجتماعي جديد في سوريا ما بعد النظام الحالي كما تنص العديد من الوثائق الصادرة عن أطر المعارضة السورية, فإن مقدمات ذلكم العقد الاجتماعي تكمن في اللحظة السورية الراهنة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - النظام السوري
اسعد حمامي ( 2012 / 5 / 30 - 10:50 )
افتهمنا النظام في سوريا فتت النسيج الوطني؟هذا اذ كان هناك نسيج وطني؟ أعني ان الهويات الدينية والاثنية تنتمي الى هوياتها الفرعية ولاعلاقة للنظام سوى المحافظة على تجاورها بالقوة والا فلن تعرف ان تجد رأس الخيط فالعراق ولبنان الان نموذجان لهيمنة الهويات الفرعية على فكرة الدولة وان الديمقراطية التوافقية تم النص عليها في الدستور عبر تعريف الموطن وفق مرجعياته الدينية والقومية فماعلاقة النظام السوري او غيره بهذا التجاور .أخشى ان تقول لي ان النظام السوري مسؤول عن عدم اندماج الجيك والسلوفاك الصرب والكروات البوسنة والهرسك الشيشان والروس وهلم جره


2 - فذلكة وحذلقة
نبيل السوري ( 2012 / 5 / 30 - 15:18 )
حين سطا هذا النظام منذ 63 لم يكن هناك مشاكل طائفية،واليوم وبعد 50 سنة وبأفضال هذا النظام وصلنا إلى ما وصلنا إليه فقط لأن النظام مستعد أن يحرق الأخضر واليابس والكحلي كي يظل يتنعم بخيرات المزرعة السورية التي صارت ميراثاً حلالاً
ويأتينا سدنة معبد من أمثال المعلق ليهمبك ويهمرج ليعطي مصداقية لنظام سافل معروف للقاصي والداني أنه بلا مبدأ ولا أخلاق ولا ضمير وأنه لص لا يشق له غبار
نعم هذا النظام اللص مسؤول عن كثيرمن المفاسد والموبقات في المنطقة، ويكفيه أنه باع الأراضي في الجنوب والشمال وسحل ونهب وقتل من شعبنا السوري العظيم
هو من ضرب الفلسطينيين واللبنانيين والعراقيين والأكراد، كل ذلك لمآرب شخصية وليس لا سمح الله لقضية فهو من يبيع ويشتري في أي قضية طالما تطيل ولو دقيقة إضافية في بقائه اللاشرعي في سلطة اغتصبها ولن يتخلى عنها إلا بحرق البلد، كما يقول هو بعظمة لسانه
كفاكم فذلكة فما أنتم إلا خدم لنظام لم يعرف التاريخ أشر منه


3 - تحية
موجيكي المنذر ( 2012 / 5 / 30 - 18:10 )
لا مشكلة لي مع هذا النظام أو ذاك

عندي قناعة عميقة أنه لو تم تغيير هذا النظام كما يشتهي ويروم البعض المتفذلك المتذاكي فإن الأوضاع في سورية لن تكون ولن تستقيم بأكثر مما هي عليه الآن

لو أجرينا دراسة مقارنة لنظم الحكم في المنطقة والتي نشأت بعد حركات التحرر الوطنية، كما يحلو تسميتها وياليتها كانت حركات تحرر لعقولنا قبل أوطاننا من استعمار -ماضينا- العتيق اللعين المصدّي، فإن هذه الدراسة ستبين وتظهر حقيقة أن نظم الحكم هذه كلها متشابهة لدرجة التطابق حتى وإن اختلفت أسماؤها بين جمهوري أو ملكي

هذا يدل على أنه في حال تم العبث دون ضوابط بهذا التوازن المجتمعي الطبيعي -كحال الثورة السورية السلمية الراقصة الحالية- فإن اختلالاً مزلزلاً مدمراً من المتوقع حدوثه سيؤدي ليس لحالة تراجع بسيطة ثم إعادة انطلاق مثله كمثل أي حراك بشري ثوري، بل سيزيد من تهوّي (من هاوية) وتردّي وضياع وتراجع لا ردود لحالة المجتمعات صاجبة العلاقة

هذا ليس نظرة ريبة أو تشكيك بما يجري، وإنما استقراء للنواتج المحتملة بعد المرور على حوادث تاريخ المنطقة، ماضيه البعيد والقريب، وما رافقه من أمزجة لشعوب المنطقة

اخر الافلام

.. نتنياهو يرفض الضغوط الدولية لوقف الحرب في غزة


.. أثار مخاوف داخل حكومة نتنياهو.. إدارة بايدن توقف شحنة ذخيرة




.. وصول ثالث دفعة من المعدات العسكرية الروسية للنيجر


.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تدين في ختام أعمالها الحرب على غز




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة طولكرم وتتجه لمخيم نور شمس