الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يتنازع على كركوك

عبدالقادر بشير بابان

2012 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


مرَت كركوك عبر مراحلها التأريخية المتعاقبة بأزمات ؛ واحتقانات سياسية مفتعلة غير موجودة بين مكوناتها المتآخية ؛ وطوائفها المتفاهمة لأن ذلك التنوع الجميل جعل من كركوك الثرية بثقافاتها المتعددة عراقا مصغرا ؛ وخارطة طريق للتعايش المشترك وقبول الاخر ؛ وان تلك الاحتقانات السياسية والازمات اخذت حدتها وبعدها المخرب من صناع القرار( من غيرالكركوكيين ) من الذين اعادواتشكيل المدينة وفقا لمصالحهم ؛ فتارة أخذت بعدا قوميا شوفيا ؛ وتارة اخرى بعدا طائفيا مغرضا لفك النسيج الاجتماعي لمكونات كركوك ؛ فأدخلوا كركوك في دائرة صراع الأرادات ؛ وصراع النفوذ ؛ ولكن بتعبئة طائفية قومية شوفينية ؛ فأشعلوا بذلك نار الفتنة الهوجاء لتمرير ماراثون الصراع على المناصب بين مستفيد قوي ركب عباب المغامرة ؛ وتسلم مقاليد السلطة عنوة حتى تحولت (تلك السلطة ) الى سبيل للثراء الفاحش ؛ والترف الموغل في الشهوات وحب الدنيا فتبدد(المال العام ) بيده في سبيل تحقيق اطماعه السياسية ؛ وبين معارضة تحمل اطماعها الدنيوية بين ايديها لاغير...
فبين سلطة متنفذة وعبر فبركات سياسية ؛ ومعارضة طامعة وعبر صناعات شيطانية تغير مجرى حياة الكركوكين ؛ وتغير مسار تطلعاتهم وآمالهم واحلامهم من سلم وسلام الى حرب ؛ ومن امان الى خوف في ظل ازمات مفتعلة واحتقانات سياسية ليتحول عدوى الخلافات السياسية بين الفرقاء الى عداء شخصي أي شخصنة الخلافات السياسية لشق صف الكركوكيين الى جبهة معارضة ؛ وجبهة مواجهة وكلاهما وللاسف يصبان في مجرى صناعة الازمات وتنويعها ؛ فصارت كركوك بالنتيجة في مصاف ( المدن الساخنة ) أي منطقة( متنازع عليها ) سياسيا وجغرافيا واقتصاديا....
فبين تلك الجبهتين ؛ وفي غفلة عن عين الكركوكيين برزت فئة منتفعة ممن صوروا الموقف على ان اهل كركوك يقف بعضهم ضد الأخر قوميا وطائفيا وثقافيا ؛ وكأن كركوك أرض مسلوبة من قبل قومية أو طائفة دون غيرها تشاع فيها لغة التطرف والطائفية؛ وأهلها منقسمون الى جبهات للتناحر والاقتتال الداخلي لتختبىء تحت شماعة( المتنازع عليها ) حزمة من المصالح السياسية والاقتصادية لتشكل في مجملها كومة احجار عثرة امام استقلالية كركوك وتنميتها وتطورها وتقدمها وازدهارها ...
أن هذه الثقافة التحريضية السلبية هي نفسها من التي روج لها النظام السابق لمصادرة حقوق الكركوكيين القومية والثقافية والاجتماعية ؛ وماهدم قلعة كركوك الاثرية رمز اصالة وحضارة كركوك الا خير شاهد على ذلك ؛ اما اليوم فأن تلك الثقافة تأخذ مسميات براقة اخرى ( كالديمقراطية والتعددية والفيدرالية) وفي واقع الحال ماهي الا مطبات لحرمان الكركوكيين من حق المواطنة؛ وحق حفظ هوية مدينتهم من التزوير...
من هذا المنطلق نقول لمن يتنازع على كركوك بغيا وعدوانا ؛ ومهما كانت هويته : ان التعددية الدينية والقومية والثقافية من التي توظفونها "انتم" بجدارة لمصالحكم الشخصية الضيقة ؛ ولطموحاتكم السياسية غير المقبولة هي في واقع الحال نقاط قوة ومنعة ؛ وواقع ايجابي ساهم ويساهم دوما في تعزيز العيش المشترك في كركوك ؛ بل ان تلك القواسم المشتركة مساحات تفاهم رحمانية لتفكيك خطاب الكراهية والعنف ؛ وتحقيق العدالة ؛ وبناء الثقة ؛وتعزيز علاقاتنا الاجتماعية المستقرة والقوية الموجودة فعلا وبأمتياز بين مكونات كركوك المتآخية....
لقد اثبتنا هذه الحقيقة بجدارة على ارض الواقع ؛ بل اثبتنا للقاصي والداني بأننا قادرون فعلا على الوصول الى حلول توافقية لمشاكلنا عبر لغة الحوار الأخوي ؛ وعبر الجلسات التشاورية لعقلاء المدينة لحلحلة خلافاتنا ؛ وللتفعيل الواقعي للشراكة الحقيقية في مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية ؛ وأيجاد حالة توازن بين ممثلي المكونات المتآخية كضمانة حقيقية لعدم هيمنة مكون دون غيره على شؤون كركوك ؛ ولقطع الطريق أمام من يحاول الاستحواذ غير المشروع على المناصب السيادية وثروات المدينة دون غيره ؛ وأعادة النظام الديكتاتوري الى الحياة السياسية في العراق الجديد .....
لكل ذلك نقول بلسان وقلب كركوكي واحد : ان من يحكم كركوك هو من يحمل هويتها الاصيلة غيرالمزورة ؛ طابعها خارطة كركوك بكل تفاصيلها التأريخية ؛ لأن من يسير على خطى الغرباء سيدفع بكركوك الحضارة الى التفكك ؛ والى صراعات قومية طائفية لاتحمد عقباها ( لاسمح الله ) ....
ولتحقيق ذلك الهدف الكركوكي لابد للعقول الكركوكية ان تتحرر من عقالها ؛ وتنتفض من كبوتها ؛ لأن جحيم الانشقاق والنزاع والصراع يهدد كل من يحمل الهوية الكركوكية الاصيلة ؛ ولابد لنا ان نرجع الى ماتركه ابائنا واجدادنا من تراث خالد من اساليب أصلاح النفس وتزكيتها مانقهر بها المستيحل ؛ ونرتقي بالانسانية الى درجات لم تشهدها الاجيال على أمتداد ازمانها اذا ماعزمنا وتوكلنا على القوي المتين رب البرية ... وكفانا مزايدات ومساومات ومتاجرات رخيصة بمدينتنا ارض ابائنا واجدادنا وملاذ وستر حرائرنا وأعراضنا... وللحديث بقية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - كركوك تمثل العراق بشكل مصغر بكل اديانه وقوميا
طارق عيسى طه ( 2012 / 6 / 1 - 13:18 )
ان مدينة كركوك هي عراق مصغر بفسيفسائه الجميل والحوار هو الحل الوحيد ستبقى الطوائف وألأديان والقوميات متأخية كنموذج للعراق الكبير

اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا