الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اقليم الديوانية ... ومهزلة الديمقراطية

هيثم القيّم

2012 / 5 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


الأزمــة السياسية الخانقة التي تعصف بالبلد هذه الأيام .. والتي قد تأخذه الى المجهول المـُرعب ( لا سامح الله ) .. تؤكد بما لا يقبل الشك مقولة أن العراق بلد ديمقرطي يخلوا من سياسيين ديمقراطيين ..!
في الآليات الديمقراطية المعروفة عندما يتم تشكيل حكومــة سواءاً عن طريق البرلمان المـُنتخـَب شعبياً كما هو الحال عندنا ، أو عن طريق التعيين والأختيار من قبل رئيس الجمهورية المـُنتخـَب شعبياً أيضاً كما هو الحال في النظام الرئاسي .. كما هو الحال في مصر مثلاً .. وفي كلتا الحالتين يكون البرلمان هو الضابط لأيقاع عمل الحكومــة .. ومدى تنفيذها لبرنامجها الذي يــُفترض أنها قد اعـدّته بعد تشكيلها ... لتأخذ بعد ذلك مساحتها الزمنية والمالية والتنفيذية لتطبيق ما ورد في برنامجها .. وعندما يجد ويلمس البرلمان ( ممثل الشعب ) أن الحكومة قد أخفقت في تطبيق البرنامج .. عندها يلجأ الى الآليات الديمقراطية لتصحيح الأخفاق ومعالجته ووفقاً لما أقرّه الدستور النافذ والقوانين المـُنبثقة عنه .. ومن بين الآليات الديمقراطية عملية الأستضافة وثم الأستدعاء للبرلمان ومن ثم الأستجواب ومن ثم التنبيه والتوجيه وثم المحاسبة وتغيير المسؤول المعني .. وعندما لا تنفع هذه الآليات يلجأ البرلمان الى آلية سحب الثقة عن الحكومة ليـُعاد تشكيلها من جديد ..
يقول نص المادة السادسة من الدستور: ( يتم تداول السـُلطة سلمياً .. عـِبرَ الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور ).

المادة الثامنة والخمسين / البند ثامناً / الفقرة ب-1 تنص على :( لرئيس الجمهورية، تقديم طلبٍ الى مجلس النواب بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء).
وفي الفقرة ب -2 من نفس المادة يـنـُص الدستور: ( لمجلس النواب، بناءً على طلب خُمس (1/5) اعضائه سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، ولا يجوز ان يقدم هذا الطلب الا بعد استجوابٍ موجهٍ الى رئيس مجلس الوزراء، وبعد سبعة ايام في الاقل من تقديم الطلب).
وفي الفقرة ب-3 ينص الدستور :( يقرر مجلس النواب سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء، بالاغلبية المطلقة لعدد اعضائه).
وفي الفقرة ج من المادة نفسها يقول الدستور : ( تـُعدُ الوزارة مُستقيلةً في حالة سحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء).
هذا ما نـَصّ عليه الدستور النافذ حالياً في العراق وهي آليات ديمقراطية لمعالجة الخلل في الأداء الحكومي ... ومنذ مـُـدة والسيد رئيس الوزراء يؤكد في كل مناسبة أن علينا الأحتكام للدستور وأن الدستور هو مرجعيتنا الأولى .. ويومياً نسمع من نواب كتلة دولة القانون والبعض من نواب التحالف الوطني نفس التأكيد على مرجعية الدستور ...!!
المشاورات والأجتماعات واللقاءات التي جــرَت وتجري الآن بحماسة ونشاط غير مسبوق من قبل كل الأطراف السياسية العاملة في المشهد السياسي العراقي .. وكلّ حسب موقفه من رئيس الوزراء وحسب ما ترتأتيه مصالحه ورؤيته للأمور .. تـُشير الى خلل فاضح في فهم الأليات الديمقراطية الواجب أتباعها وفق ما جاء في الدستور .. أذ على الجميع الذهاب الى خيمة البرلمان وهناك تتناطح المواقف والآراء وربما الرؤوس ..! بدلاً من أتباع سياسة بالونات الأختبار والضغط السياسي والمعنوي من قبل كل طرف ضد الآخر .. واستخدام وسائل الأعلام والفضائيات المأجورة والمـُـجنـّدة لهذا الطرف أو ذاك وغير المأجورة كذلك .. والمواطن لا يدري ولا يفهم مالذي يجري ومن الذي يكذب ومن الذي يصدُق .. وكأننا في حلبة صراع ديكـــة يتناطح فيها الطرفين لحد جريان دمائهما .. وبعد الجـُهد والعرق والدم يـُـذبـَح الديكين من قبل مالك كل منهما ...!!
وانا هنا لست في معرض تأييد أو معارضة مواقف أي من هذه الأطراف أو مدى صحة هذا الموقف أو ذاك .. فهذه لها موضوع آخر.
من ناحية أخرى لو تابعنا ردود أفعال كتلة دولة القانون وأعضاء حزب الدعوة وفي مختلف مستوياتهم ومسؤولياتهم .. لوجدنا أن مؤشرات يوم القيامــة قد ظـَهرَت لمجرد الحديث عن سحب الثقة عن السيد المالكي ...!! فهذا يـَـعدُنا بفوضى عارمة ستحل بالبلاد والعباد أذا خرج السيد المالكي من الوزارة .. وذاك يـُـعيدنا الى المربع الأول .. والآخــر يـُـهدد بحكومة أغلبية .. ولكن أطرف وأعجـَـب رد فعل هو التهديد بأعلان أقليم الديوانية ..! ومن ثمّ أقليم الكوت وبعدها وبعون الله وتوفيقه أقليم الوسط والجنوب ..!! وقد نسي الجميع كيف قامت الدنيا ثم قـَعدَت عندما طالبَ مجلس محافظة صلاح الدين وديالى بتشكيل الأقاليم .. واشتغـَلت في حينها أنغام الوحدة الوطنية ووحـــدة التراب المـُقدس .. ولا ندري من هو المـُقدس الآن ..؟ هل تراب الوطن أم السيد المالكي .. ألا يـُعيدنا هذا المشهد الى المـُربع ما قبل الأول عندما كان صدام هو العراق والعراق هو صدام ..؟ وهل سنـُعيد أنتاج مفهوم أن الدولة والناس تتوقف مصائرهم ومصالحهم على شخص واحد .. ثـُم أليس مـُخزياً على قائمة دولة القانون ومن ثم التحالف الوطني أن يـَـرهنوا مصير البلد والمجتمع بفرد واحد لا يوجد من يحلّ محلـّه من نفس دولة القانون أو التحالف الوطني..وهل مفهوم الديمقراطية عند هؤلاء أنها تستطيع أيصالهم الى كراسي السلطة و الحـُكم .. ولكنها غير مسموح لها أن تتحارش بهذه الكراســـي .. وألا سنحرق البلد بمن فيه ..!
هل يـُشير كل ذلك الى أننا بصدد بناء دولة مؤسسات ودولة قانون تسود فيها قيـَم العدالة والحق والسلام الأجتماعي والتداول السلمي للسلطة والتنمية والنمو الأقتصادي المـُضطرد ... وهل نحن ديمقراطيين فعلاً .. أم بلعنا كبسولة الديمقراطية في المساء .. لـنـُصبح في اليوم التالي ديمقراطيين ...!
حــَفظ الله العراق وشعب العراق من كل مكروه .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجبهة اللبنانية تشتعل.. إسرائيل تقصف جنوب لبنان وحزب الله ي


.. بعد عداء وتنافس.. تعاون مقلق بين الحوثيين والقاعدة في اليمن




.. عائلات المحتجزين: على نتنياهو إنهاء الحرب إذا كان هذا هو الط


.. بوتين يتعهد بمواصلة العمل على عالم متعدد الأقطاب.. فما واقعي




.. ترامب قد يواجه عقوبة السجن بسبب انتهاكات قضائية | #أميركا_ال