الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صناديق الاقتراع كانت مكة العراقيات والعراقيين يوم الاحد التاريخي

فخرية صالح

2005 / 2 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


المدن بيضاء بشوارعها الداخلية والخارجية ، جبالها واشجارها اكتست حلة غريبة كفراء دب قطبي ، وجوه الالمان منكمشة عبوس بسبب البرد وانهمار الثلوج في الاسابيع الاخيرة، درجات الحرارة نزلت كثيرا تحت الصفر وحتى الريح كانت تصفربأزيز مخيف. كل هذا لم يمنع حوالي 26 الفا من العراقيات والعراقيين من التوجه الى مراكز التسجيل ومن ثم الذهاب مرة اخرى الى نفس المراكز الاربعة في المانيا للانتخاب وهي برلين وميونخ ومانهايم وكولونيا. الكثير منهم تجشم عناء قطع مسافة مئات الكيلومترات بالسيارة او القطار وتكاليف مالية عالية للوصول الى المراكز، التي بالغت الشرطة الالمانية في حمايتها بعشرات سيارات الشرطة واكثر من هذا العدد من افراد الشرطة بكثير، واجهزة التفتيش الالكترونية والاسلاك الشائكة واغلاق الشوارع الفرعية.

مخاض الموافقة الالمانية

الاحتياطات الامنية المشددة والتي هي ما تتميز به المانيا بجدارة دائما، كانت السبب الاساس في تلكؤ المانيا في الموافقة على اجراء الانتخابات المباشرة للجالية العراقية هنا، متخذ تا من محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي اياد علاوي اثناء زيارته الاخيرة هنا كمبرر لموقفها في عدم الموافقة على التصويت ومن ثم عن طريق البريد فقط ، وهي الطريقة التي لاتوافق عليها مفوضية الانتخابات قطعا.
وكان مخاض لجنة دعم الانتخابات العراقية في المانيا عسيرأ في السباق مع الزمن من اجل الحصول على الموافقة في الاتصال بالاطراف المعنية وايضا بيانها او بالاصح نداء الاستغاثة ( بيان * الديمقراطية ولكن* الذي كتبته انا بتكليف من اللجنة ) لمن يهمه هم الذين تغربوا في بلاد الثلج لتلبية نداءها الذي نشر في السادس عشر من كانون الاول الماضي، حتى اعلنت الموافقة في الخامس والعشرين من الشهر نفسه .
الوصول الى العراقيين المنتشرين على الساحة الالمانية لتوعيتهم بخصوص الحق الانتخابي واجراءاته كان من المشاكل الاساسية التي واجهتها لجنة دعم الانتخابات العراقية هنا، حيث كان للسفارة العراقية كوكر للمخابرات العراقية دور في توجس الجميع من الاخر الذي لايعرفه.
ومن المشاكل الاخرى كانت ضرورة التعريف بعدم وجود مبررات للخوف لدى اللاجئين من ملاحقة السلطات الالمانية لهم في حالة الاقتراع، ومن يحق له الانتخاب من عراقيين تجنسوا بالجنسية الالمانية، او طالبي اللجوء اللذين لم يبت بعد بأمرهم، وحتى لمن حصل على حق اللجوء، علما ان الكثير من العراقيين كانوا قد فقدوا الوثائق العراقية في المسيرة الشاقة للوصول الى المانيا، ولم يكن موقف الحكومة الالمانية واضحا بالنسبة للمنظمة العالمية للاجئين حتى منتصف الشهر الاول من هذه السنة.
بالرغم من كل تلك الاسباب اصرت العراقيات والعراقيين في المانياعلى الحج الى صناديق الاقتراع، وكما صرح مسؤول في المنظمة العالمية فأن نسبة المشاركة للناخبين العراقيين في الخارج هي اعلى نسبة لحد الان في تاريخ الانتخابات التي اجرتها المنظمة ، حيث جرت العادة ان يشارك واحد من كل عشرة اشخاص في العملية الانتخابة، بينما كانت نسبة العراقيين هي واحد من كل اربعة اشخاص يحق لهم الانتخاب في الدول الاربعة عشر التي سمح لعراقيي المهجر الانتخاب فيها، وهذه دلالة واضحة على تلهف الناخبين للمشاركة في بناء مجتمع ديمقراطي للعراق حتى وهم بعيدون عن الوطن.

مهرجان الديمقراطية اعاد لنا كبريائنا

السيدة سلمى موسى التي تسكن في مدينة كمنتس قطعت مسافة 250 كيلومترا بالسيارة لتصل الى اقرب مركز انتخابي لمدينتها وهو في برلين وسط الثلوج التي ارتفعت بعلو 50 سنتم وطقس بارد كان قد وصل الى 15 درجة تحت الصفر، لتعيش هذه اللحظة التاريخية والتي تسميها: لحظة اعادت الي كبريائي وكرامتي كعراقية وانا فرحة جدا لاستطاعة ابني ان يعيش هذة اللحظة وينتخب، وانا على قيد الحياة وهو يفتخر الان ويقولها بصوت عالي بأنه عراقي. لقد تركت العراق مع ابني وزوجي منذ 26 سنة واحس الان بأني قد عدت اليه جسما وروحا.
اما ابنها ياسر فقد عاش مهرجان الديمقراطية وعيدها قبل وصوله الى المركز الانتخابي، حيث حول هو واصدقاء له القطار الذي استقلوه من لايبزيج الى برلين الى مهرجان رقص وغناء ودبكات كردية وعربية واشورية طوال ثلاث ساعات، وحين دخوله مركز الاقتراع احس بأنتمائه الحقيقي للعراق وان له الان وطن ينتمي اليه ويفتخر به امام اصدقائه الالمان.
السفارة العراقية هي بيت الجميع

وفي ندوة عامة اعقبت الانتخابات اقامتها اذاعة المولتي كولتي ( تعدد الثقافات) مع اذاعة الدويتشة فلة التي تبث الى العالم العربي قال السيد علاء الهاشمي سفير العراق في المانيا : يشرفني بأني كنت اول من انتخب، وكنت ضمن من اصروا على ان الانتخاب هو اقوى من صوت الرصاص والتفجير والتفخيخ، وهو الرد على الارهاب الذي عانى منه الشعب العراقي خلال 35 عاما من الديكتاتورية ، و الانتخاب هو حجر الاساس في بناء الصرح العراقي الذي نتمناه ويتمناه كل مخلص للديمقراطية في العالم. واضاف بأن من اول مهامه كسفيرهو: بناء وتدعيم جسور الثقة بين السفارة والجالية العراقية الكبيرة في المانيا وقد رفعت من اليوم الاول لاستلامي مهامي شعار ان السفارة العراقية في المانيا هي بيت لكل العراقيين وسنوطد العلاقة ونشعرهم بأننا لسنا متسلطين عليهم كما كان الامر في السابق وانما طلبت منهم ان يكونوا مراقبين علينا لنحسن من ادائنا لما فيه خدمة المواطن العراقي

وفي معرض العلاقات مع المانيا قال السفير العراقي بأن النتائج العملية للانتخابات اكدت ان مسيرة الحرية والديمقراطية مستمرة في العراق ، وعلى اصدقائنا في الدول القريبة والبعيدة ان تعي ذلك والمطلوب هو خطوات عملية للوقوف مع الشعب العراقي والمساعدة في اعادة بناء البنى التحتية وتدريب الجيش العراقي وزيادة المساعدات لتقوية جهاز الشرطة والحرس الوطني العراقي ، لان امن العراق مهم لكل دول العالم وقوة العراق ستقلل من تأثير الارهاب في العالم.

العراقيون اثبتوا اليوم انهم شعب ضد الارهاب

اريج الطائي شاب في مقتبل العمر يطفح وجهه بالفرح وهو يحدثني عن تجربته الاولى في الانتخاب ويقول: انه يوم تأريخي اثبت العراقيون فيه انهم شعب متوحد ضد الارهاب، ويريد العيش بسلام وحرية كباقي الشعوب، واشكر كل من ساهم معنا في تحقيق هذا الحلم العراقي الازلي لكي نستطيع ان ننتخب وخصوصا هنا في المانيا وفي برلين العاصمة بالذات لتقرير مصير العراق المستقبلي.
اما الدكتور علي خلف حسن الذي ولد سنة 1935 فما زال يحن الى ايام صباه وذكريات الدراسة في البصرة واصدقاء الجامعة ، ولايريد التحدث عن عذابات الماضي حيث فقد عددا كبيرا من افرادعائلته بسبب اضطهاد النظام الديكتاتوري. ويذ كره ابنه المعوق بسبب الحرب العراقية الايرانية بتلك الخسارات في كل دقيقة من دقائق اليوم وسنوات الغربة المرة، فتلك الذكريات مازالت حادة ومؤلمة وكأنها حد ثت البارحة.
جاء الدكتور علي مع ابنتيه ليتمتعوا بحق التسجيل والانتخاب ويؤكد لي عندما سألته عن تاريخ ميلاده بأن له ثلاثة : يوم ميلاده الحقيقي ويوم ثورة 14 تموز سنة 1958 وعيد الميلاد الاخير هو اليوم .. الثلاثين من كانون الثاني من هذه السنة، يوم الانتخاب وقول كلمة لا للارهاب فهو ليس من طبع شعب الحضارات الذي افتخر وعائلتي بالانتماء له.

مكة والحلم
اما بالنسبة لزوجي وابنتي ولي فقد ارجأنا يوم الاقتراع الى يوم الاحد الثلاثين من كانون الثاني بعد الاتفاق مع اهلنا في بغداد على ان نذهب في ساعة محددة، ونسير بأتجاه واحد، قبلتنا ومكتنا كانتا مركزي انتخاب احدهما في بغداد لاهلنا في العراق والاخر في برلين لنا، وطوال الطريق ربطنا رابط روحي وكان لنا جميعا حلم قد تحقق.

فخرية صالح / برلين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها