الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة الآداب

حميد المصباحي

2012 / 5 / 31
الادب والفن


الفكر في الآداب,مختلف عن كل أصناف الفكر الأخرى,إنه فكر المتعة,وأجمل المتع ما كان لعبا,وليس لعبة,أي ما لانرجوا منه أية منفعة مادية,فليس تجارة,ولايشبع بطون القراء,إنه فقط مصدر ابتهاج,وليس معنى ذلك أنه مفرح بالضرورة,فالمتعة الجمالية,لاتتحقق فقط بالفرحة,بل حتى بالحزن,عندما تكتئب حزنا على شخص أو من قضية ما,فإنك تجدد انتماءك إلى الإنسانية جمعاء,أليس هذا الشعور منتهى السعادة؟هذا ما أعتقد,إن الآداب,يحعل من لحظة المتعة وعيا,وربما من الوعي متعة,رغم أنه يخدش الوعي الفردي والجماعي,ويؤجج فيه الجموح والرفض للمعتاد,في القول والحياة,من هنا تبدأ سلطة الآداب,لكنها سلطة,لاتستمد وجودها من السلط المعتادة,ولا من عنفها,ولا من سطوة الفكر الرمزية,سلطة الآداب,إنصات عميق لحاجات لاأحد يريد الإعتراف بها,إن هذا
الفن,يعكس نباهة الفكر,وعمق الروح,وجمالية الوجود المنشود,به يدرك الآتون بعدنا,نبل السابقين,فوحده الآداب يظل تفوح منه حقيقة الأمم,مهما تراكمت عليه أتربة السياسة والإيديولوجيا,الكلمات فيه,والعبارات لاتطالها رقابة السطوة السياسية والتاريخية,فهو وحده يحمل النقيضين معا,عمق الإحساسات,وفظاظات المجتمعات والسلط الحاكمة,رغم أن الآداب ليس تاريخا,لكن فيه تاريخ نبل الأمم,وجماليات قولها,تحيل على عالمها الخفي,حيث لايكتشفه علم الآثار ولا علوم الإنسان الوثائقية,هنا سلطته,التي تفرض الحذر منه,وضرورة الوعي بأن الأديب ينتصر للحقيقة التي لايكلف نفسه عناء الخوف عليها من الطمس والنسيان,فكل الآثار التاريخية,حتى إن كانت وثائق مكتوبة,لايعتد بالحقيقة التي تدافع عنها,إذ ترفع في وجهها الإعتراضات,والتخمينات,أما الآداب,فلا يحتاج لشهود,ولا يعترض على حقائقه,لأنها ليست صورا صامتة,بل أقوال وكتابات متكلمة,تحمل صدقها الروحي معها,غير قابلة للمساءلة,لأنها تجيب دون أن تسأل أو تقاد لحيث تستنطق ويعاد ترتيبها زمنيا ووقائعيا.
لاأقول له كل هذه السلطة,وربما لهذا السببب,يتم تجاهل القول الفني,تفاديا له,وحدا من امتداده في المجتمعات التي تعرف هدا النوع من الكتابة,كمن يراد قتله بالصمت,لتنكسر الأقلام من تلقاء نفسها,وتترك المجال لمن يريدون تصوير المجتمعات والحضارات بمنظارهم الخاص,ذاك الذي لايرى في نجاح الحضارات,إلا ما راكمته من ثروات,وإنجازات صناعية وعسكرية وحتى تقنية في أحسن الحالات,وكأن الإنسانية مجرد استهلاك لما يضمن العيش بأية طريقة,وبعيدا عن كل الثروات الروحية التي تحتاجها الإنسانية كما تحتاج إلى الثروات المادية والإنجازات العلمية.
سلطة هذا النمط من الفكر,تحول الإنسان إلى كائن لايمل من البحث عن ذاته,يضيف قيما جديدة,أكثر إزعاجا للمدافعين عن حاجات الناس الطبيعية,ناسين قصدا,أن الأمم التي لاتلعب,يقودها جدها وجديتها المبالغ فيها إلى الكثير من المآسي,أقلها هونا الحروب.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده