الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جائزة التحرر من الإتفاقات لنوري المالكي

علي بداي

2012 / 6 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم تكن الوثيقة( الورقة) التي كشفتها رئاسة إقليم كردستان حول إتفاقات السيد البارزاني مع السيد المالكي بخصوص شروط تشكيل الحكومة مفاجئة لي الا بالقدر الذي تفاجأ به الصحفي الراحل أحمد بهاء الدين حين قصد وزارة الخارجية المصرية للإطلاع على ملف العلاقات المصرية الليبية ( وقت الصدام بين السادات والقذافي) فأعطوه بعد بحث وعناء ورقتين كانتا مركونتين في مجر مهمل. حينها ذهل "بهاء الدين" وصرخ: "ياربي علاقة بين دولتين تلخصها ورقة تافهة مثل هذه؟" نعم لم أباغت بالمحتوى بل بالشكل الذي يجعلني أعيد الصراخ "
"مستقبل شعب من 30 مليون إنسان تلخصه ورقة سرّية غير رسمية بخط اليد ؟"
غير هذا لم أفاجأ بشئ، فنوري المالكي، كما سلفه الجعفري كان قد عمل المستحيل لكي ينصب نفسه رئيساً للوزراء ، لم يبق عشيرة أثناء الحملة الإنتخابية الا وزارها وإلتقى بشيوخها ملمحاً الى دعمه للعشائر وسعيه لتدعيم "دورها بالمجتمع" ، هدايا، مسدسات، وعود بخدمات راقية وأمن مستتب وأدوار في مجالس الإسناد . حاول المالكي تصوير تجمعه " دولة القانون" كتجمع مدني لاديني فطعمه بصور نساء متحضرات وأسماء لشخصيات تقدمية الرؤى، بذات الوقت كان يتوجه للوسط الديني برسالة أخرى عن " نهج آل البيت" و" عودة الحكم لهم!"
وحين أظهرت نتائج الإنتخابات تقدم "العراقية" كاد المالكي أن يجن فطعن بشرعيتها وأعاد العد والفرز ليضيف عبئاً زمنياً جديداً لزمن إنتظار العراقي الذي طال ،ولما لم ينفع ذلك كله توجه الى طائفته داعياً أياها الى أن تدعمه لتحقيق حلمه الذي لم يكن يتصور في يوم أنه سيتحقق بعد أن كان أعظم ماطمح اليه بعد 2003 منصب مدير تربية لاأكثر( حسب الشهادة الشخصيةالمتلفزة لحسن العلوي). وهكذا، فيما كانت المفخخات تفتك بالعراقيين، غرقت المحكمة الدستورية بجنجلوتية الكتلة الأكبر أو القائمة الأكبر لتنتهي أخيراً بما تمنى المالكي فأصبح الحلم على مقربة أمتار من التحقق .
أشد ماكان يغيض نوري هو وجود شركاء لايستطيع بدون دعمهم الوصول لمبتغاه... عليه أولاً إقناع أحزاب طائفته، ثم عليه الإتفاق مع القائمة الثانية الكبرى " العراقية" بإسناد منصب هام لزعيمها، وإذا ماأفلح بذلك ستقف أمامه كل جبال كردستان مطالبة بالفدرالية التي لاتقوم لها قائمة بدون حدود وتثبيت حقوق وصلاحيات .. لكن يبدو أن ذلك كله لايمكن أن يعيق الفتى الذي قرر أن يكون رئيساً .. المهم هو الوصول الى الكرسي ثم الجلوس عليه وبعد ذلك ليتقدم العالم كله أما أنا أو الخراب! هذه الحكمة المدمرة التي تخيلنا برهة أننا تحررنا منها ولكن ..هيهات...
كان نوري يغدق الوعود دون حساب، للكرد بتطبيق مواد الدستور، لحلفاءه في التحالف الوطني ببناء جنة الله على الأرض التي ستنقل شيعة العراق من الفقر والعيش بين المزابل الى الرقي والتقدم .. ولعلاوي بما يروم من رئاسة مجلس السياسات الإستراتيجية والمضي في المصالحة الوطنية، وعود بخدمات تتحقق خلال مئة يوم ووعود بحل لمشكلة الكهرباء التي أكلت 27 مليار دولار ووعود بإعادة إعمار لامثيل لها.
لم يف المالكي بالطبع لأي أحد بأي وعد على الإطلاق.لا للذين خدعهم وجرجرهم الى قائمته " العلمانية" ولا للمواطن الذي لم يحصد من العهد الجديد سوى إبتكارات لممارسة الهلوسة وتعاطي المخدرات والإستنجاد بالتعاويذ والخرافات وأشكال مشرعنة للمارسة الرذيلة .أما شركاء المالكي من السياسيين فلم يتبق لهم سوى التلويح بكشف المستوروالإقرار آخيراً أنهم كانوا ضحية خدعة كبرى. كل ماحدث أراه قد كان أمراً طبيعياً فالوفاء بما إتفق عليه من شراكة في السلطة سينقل المالكي من موضع "الطائفي" الى "الوطني" وهو إنتقال لاقبل له به، و لاتسعه مدركاته المحدودة بحدود ماتعلمه في هذه الحياة ، ليس هو فقط بل أي طائفي آخر.فالرجل كان قد إتفق بما إتفق عليه مدفوعاً برغبة لاتقاوم في إطالة الجلوس على الكرسي الذي أراده كالعرش المقدس، يقول من فوقه للشئ كن فيكون ،بلا إعتراض، ولا جدال، بل بالخطابات المقاطعة بالهوسات ها..ها..هاها . ولكي يكون الكرسي عرشاً لابد أن تلغى كل مراكز القوة الأخرى فإستحوذ الرجل على كرسي الدفاع وكرسي الداخلية وأجهزة الأمن بحجة أن المرشحين بعثيون وقد كان أجدر به لو كانت مصلحة الوطن هي المرام، أن يقبل بالمرشح البعثي أو غير البعثي طالما كان وجوده يحفظ الأمن لا أن يرفض المرشح تلو المرشح بذرائع جاهزة، فهل فات المالكي أن يدرك أن فشل المرشح "البعثي" في تحقيق الأمن سيهديه فرصة ذهبية للبرهنة على أن وزير"العراقية" البعثي قد فشل؟ ثم أيرغب المالكي أن نطلعه على البعثيين من مستشارييه وضباطه ومدراء مكتبه ووزراء قائمته ومحافظيه والناطقين بإسم تجمعه؟ على من يضحك دولته إذن؟
قبل شهر منح " حسين الشهرستاني" جائزة التحرر من الخوف " حين إكتشف العارفون الآن .. فقط الآن بعد أن فُرض حسين مشرفاً على حياتنا ومستقبلنا ومصادر طاقتنا، إنتبه العارفون أنه قد "إنتصر على خوفه" قبل عشرين سنة!. وأعتقد أن نوري المالكي يستحق بلا منازع "جائزة التحرر من الإتفاقات" لكي تكتمل فرحتنا بقادتنا الذين يحصدون الجوائز العالمية ويرفعون إسم العراق عالياً.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في ظل تعذر إقرار ميزانية 2025.. فرنسا تلجأ إلى -قانون خاص- •


.. هل تنجح المعارضة بطمأنة المجتمع الدولي لقيادة مرحلة إنتقالية




.. غارات إسرائيلية عنيفة على قطاع غزة تقتل عشرات الفلسطينيين


.. سكاي نيوز عربية ترصد تقدم دبابات إسرائيلية في الجولان




.. لماذا تحركت إسرائيل في سوريا بعد سقوط الأسد؟