الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مؤشرات ودلالات(4)

حميد غني جعفر

2012 / 6 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


مؤشرات … ودلالات – 4 –
وإضافة إلى ما ذكرناه في الحلقات الثلاث من – مقالتنا هذه – فهناك الكثير ... الكثير من القرائن والدلائل التي تؤكد فشل وعجز هذه الحكومة وعدم قدرتها على تحقيق الأمن والاستقرار أو توفير الخدمات الأساسية الضرورية ذات المساس بالحياة اليومية للمواطن ، ولا حتى توفير مفردات البطاقة التموينية – التي هي المصدر الأساس لمعيشة العوائل الفقيرة الكادحة وإيصالها للمواطنين بانسيابية وبشكل منتظم فهي في حالة – شبه انقطاع عن المواطن – كما أنها غير قادرة على تحقيق طموحات الشعب وتطلعاته في العيش الرغيد والمستقبل الأفضل ، أو بناء نظام سياسي رصين وقوي ذات استقلالية قادر على الوقوف بوجه التحديات والتدخلات الإقليمية والدولية في شؤونه الداخلية ، ويمكن لأبسط مواطن عراقي أو أي متتبع للشأن السياسي العراقي أن يتلمس بنفسه هذه الحقيقة المرة ومن خلال متابعته لمختلف وسائل الإعلام المرئية منها والمقروءة والمسموعة حقيقة الأوضاع المأساوية المزرية التي يعيشها شعبنا وحقيقة فشل وعجز الحكومة ، ففي تصريح لأحد مسؤولي وزارة التجارة – قبل أيام – يعترف فيه بعدم قدرة وزارته على إدارة ملف البطاقة التموينية ... حتى أقرت أخيرا – وبعد سلسلة طويلة من الوعود وعلى مدى سنتين بتحسين مفرداتها وإيصالها بانسيابية للمواطنين – أقرت أن الفساد في هذه القضية – بحسب قوله – تحصيل حاصل ولا يمكن إيقافه خلال النقل أو التخزين وصولا إلى التوزيع ، وهذا الاعتراف الصريح الواضح هو تعبير عن فشل و عجز الوزارة ، وبعد المناقشات و الأبحاث والدراسات المطولة استقر رأي الوزارة في الاعتماد على الشركات الأجنبية بتجهيز كل مواطن حصته في علبة أنيقة ، وبحسب تصريح المسؤول بأن التكاليف الإضافية من المليارات التي ستصرف لمشروع التعليب هذا ، مهما بلغت فهي أقل من الأموال التي تستنزف في عمليات الفساد الكبرى ...فالتعليب وحده سيقضي على الفساد والروتين – على حد قوله - ... يا لها من عبقرية ..!
ولسنا – بعد كل هذا – من حاجة للمزيد من القرائن والدلائل ، فهي باتت واضحة جلية من تصريحات المسؤولين أنفسهم – حكومة وبرلمان – إضافة إلى الاجتماعات المتتالية المستمرة بين الكتل المتنفذة – مجتمعة – أو في الكتلة الواحدة هل بحثوا يوما أو تدارسوا في اجتماعاتهم الأوضاع المأساوية المزرية والهموم التي تثقل كاهل الشعب وطبقاته الكادحة الفقيرة ، ابتداءا من الأوضاع الأمنية المتدهورة والخدمات الأساسية والبطالة المتفاقمة وأزمة السكن المستفحلة وقضية الأيتام والأرامل المشردين ، وكذا اجتماعات البرلمان والحكومة هل تدارست مثل هذه القضايا الجوهرية التي تمس حياة الناس وهل شرعت قانون عمل جديد منصف بإلغاء قرار – 150 – الظالم لتتيح حرية التنظيم النقابي للعمال في القطاع العام ، أم أن لها مصلحة بالإبقاء على هذا القرار ألبعثي ؟ وهل شرعت قانون للإيجار ينظم إيجارات العقار و يحد من جشع واستهتار أصحاب العقارات وهل طرحت حلولا منصفة لقضية المفصولين والسجناء السياسيين منذ تسع سنوات ولا زالت معلقة ودون حسم ولا زال المفصولون السياسيون والسجناء السياسيون محرومون من حقوقهم المشروعة ويعانون شظف العيش ، إنهم جميعا تخلوا عن وعودهم ولم يبرروا ثقة الشعب بهم ولم يطرحوا أي من الحلول لهذه المشكلات الحساسة وغيرها الكثير وقد تطول قائمة المشكلات والمعاناة التي يعيشها هذا الشعب المبتلى ، لكنهم يشغلون أنفسهم بأمور لا تمس حياة الناس في التخفيف عن أعباء الحياة اليومية للمواطن ، فقد شغلوا أنفسهم في الشهر الماضي بمؤتمر القمة العربية وصرفوا المليارات ، واليوم في اجتماع – 5 + 1 – وأيضا صرفت عليه المليارات ، فما قيمة هذه الاجتماعات وما جدواها ، هل غيرت شيئا من واقع حياة الناس وخففت عن كاهل حياتهم ومعاناتهم اليومية ، لكنهم لم يتباحثوا في أي من المشكلات الأساسية التي ذكرناها أو غيرها الكثير ، إلا بما يتفق ومصالحهم الأنانية الضيقة تاركين الشعب الذي دفع بهم إلى هذا الموقع يسبح في بحر من الهموم ، الأمر الذي يؤكد بعد هؤلاء الساسة تماما عن قضايا شعبهم ووطنهم وغياب الضمير والحس الوطني عنهم جميعا ومن هنا فقد هؤلاء الساسة والمتسيسون أية مصداقية لهم ، وفقد الشعب العراقي ثقته بهم جميعا – بعد أن عانى الأمرين – جراء صراعاتهم ومهاتراتهم على الكراسي - وبعد أن ظللوا الشعب باسم الدين والطائفة واتخذوا من المذهب والمرجعية الوسيلة للسلطةوالتسلط ... حتى نبذتهم المرجعية ذاتها – بعد أن افتضح أمرهم – ولابد أن اطلع وقرأ الشارع العراقي والرأي العام على رفض كبار المراجع الأربعة العظام في النجف الاشرف استقبال المالكي في زيارته الأخيرة إلى النجف ... الأمر الذي امتعض له المالكي ودفع به إلى تخفيض حمايات المراجع الأربعة إلى النصف إذن فالشعب والمرجعية الدينية – التي أرادوا أن يجعلوا منها ستارا – قد نزعت الثقة من هذه الحكومة ، وكذالك القوى الوطنية والديمقراطية اليسارية ومنها الحزب الشيوعي العراقي قد أيقنت اليوم – أكثر من أي وقت مضى – بأن هذه الحكومة لن ولن تقود الشعب والبلاد إلى شاطئ الأمن والاستقرار ولم تتقدم خطوة واحدة باتجاه خدمة مصالح الشعب والبلاد ، وعلى هذا كان الحزب الشيوعي أول من طرح ضرورة عقد مؤتمر وطني شامل لجميع القوى الوطنية الحريصة على مستقبل الشعب والبلاد وبمشاركة منظمات المجتمع المدني في الجلوس إلى طاولة الحوار البناء ... للخروج بالبلاد من أزمتها المستعصية والذي تبناه رئيس الجمهورية ووافقت عليه أيضا كل الكتل المتصارعة وأقرته أيضا المراجع الدينية ودعت إليه ومنذ أكثر من ستة شهور ولا زالت المماطلة والتسويف ومحاولة فرض شروط مسبقة كل منهم على الآخر ، وهذا يعبر عن التهرب من انعقاده كما يعبر عن غياب الحس الوطني وعدم الشعور بالمسؤولية ويعني كذالك تنصل هؤلاء عن وعودهم الكاذبة بخدمة مصالح الشعب وهذا الخيار هو الأسلم والأفضل إن صدقت وطنيتهم ونواياهم ... وليس أمامهم من خيار آخر إلا الانتخابات المبكرة التي ينبغي ويجب أن يسبقها تعديل قانون الانتخابات الظالم وهم ملزمون بذالك بحسب قرار المحكمة الاتحادية العليا وتشريع قانون الأحزاب وإجراء التعداد السكاني العام الذي تأخر إجراءه بسبب محاولات التسييس من كل الكتل المتنفذة .
وعلى ما يبدو فإن المتصارعين يخشون الخيارين ، فالأول انعقاد المؤتمر لابد أن يتمخض عن قرارات وتوصيات تكون ملزمة لكل الأطراف ولا يمكن لأي منها التنصل عن التزاماته ، إذ يعرض نفسه للمحاسبة ، وهذا ما يخشونه تماما إذ يفقدهم الكثير من مصالحهم وامتيازاتهم ، والخيار الثاني – الانتخابات المبكرة – هو أكثر خطورة على مصالحهم لأنهم يدركون جيدا بأن الشعب قد نزع ثقته منهم لأنه أيقن أن هؤلاء لا يمثلون مصالحه إطلاقا وكشف أوراقهم ونواياهم وبأن صراعاتهم هي على المناصب والمغانم لا غير مهما حاولوا التستر بالدين والوطنية .
ولا يسعنا هنا إلا التذكير لهؤلاء المتصارعين بتجربتين متعارضتين تؤكد الأولى صدق الوطنية ونقاوة الضمير ، والثانية زيف الإدعاءات بالوطنية والكذب والنفاق وعسى أن يأخذوا العبرة من التجربة الأولى ، وهي استشهاد الزعيم الوطني عبد الكريم قاسم الذي استشهد على أيدي البعثيين الفاشست القتلة قبل خمسون عاما تقريبا ولا زال يعيش في ضمير الشعب الذي يكن له كل الحب والاعتزاز وكسب المجد وسيبقى خالدا أبدا في ضمير الشعب ووجدانه وفي قلوب كل الوطنيين العراقيين الشرفاء خصوصا الطبقات الفقيرة الكادحة ، أما الثاني فهو المصير المخزي للطاغية المقبور صدام ... الذي ستبقى تلاحقه أبدا لعنة الشعب والتأريخ ، ونقول لهؤلاء المتصارعين أنه لازال في الوقت متسع للإقتداء بالتجربة الأولى في أن تكونوا مع الشعب وكادحيه الفقراء ... فتكسبوا حبه ويكون معكم .











يتبع


حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس وإسرائيل.. محادثات الفرصة الأخيرة | #غرفة_الأخبار


.. -نيويورك تايمز-: بايدن قد ينظر في تقييد بعض مبيعات الأسلحة ل




.. الاجتماع التشاوري العربي في الرياض يطالب بوقف فوري لإطلاق ال


.. منظومة -باتريوت- الأميركية.. لماذا كل هذا الإلحاح الأوكراني




.. ?وفد أمني عراقي يبدأ التحقيقات لكشف ملابسات الهجوم على حقل -