الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يحمل أحزان حزيران؟

ابراهيم جوهر

2012 / 6 / 1
الادب والفن



... هذا الوجه أعرفه . نعم أعرفه ! لكن ، أين التقيته ؟ اين التقاني ؟ من هو بالتحديد ؟!!!!

إنه الأول من حزيران !! نعم 1 حزيران . الآن تذكّرت ، أذكره جيدا ! ؛

وجه حزيراني يحمل الحزن منذ ذلك اليوم البعيد القريب ... يوم بدأت أستعد لعام دراسي سيقدم بعد ثلاثة أشهر .

استعرت كتب الصف الرابع الابتدائي من ابن جيراننا ( هشام سرور ) بل بادلتها بكتب الصف الثالث الابتدائي ، كتبي ، التي رافقتني فاحتفظت بها . ( لم نكن نمزّق الكتب كما يفعل عديد من الطلبة هذه الأيام .)

استلمت كتب الصف الرابع وبدأت بفرح غامر يطل على مستقبل حالم بالقراءة . قرأت كتاب ( وطني الصغير ) المقرر للصف الرابع ، وكتاب القراءة العربية ، ورحت أحلم بالصف القادم بحب وابتسام .

لم أكن أدري وقتها أن انقلابا كليا سيكون ، وأن ( وطني الصغير ) سيصغر أكثر فأكثر ، وأنني في الصف الرابع الذي بدأ بعد خمسة أشهر لا ثلاثة بسبب إضراب المعلمين والأهالي احتجاجا على الوضع الجديد ( الاحتلال ) سأتعلم ( مدنيات اسرائيل ) واللغة العبرية ، وأن معلمة بتنورة قصيرة ستعلمنا نحن أبناء القرية التي تلبس أمهاتنا وجداتنا فيها ثوبا بطول مضاعف يتم ثنيه من وسطه ....



هذا الوجه الحزيراني عرفته الآن . حضر بكل حزنه وذكرياته وأوجاعه ....

حزيران شهر الحزن فلا عجب أن تكون أحرف الحزن من مكوّناته ...



الجمعة ؛ اليوم الأول لرقدة الشهداء قريبا من أمهاتهم وترابهم الذي اشتاقوا ( التمرمغ ) فيه ... يوم بمشاعر مختلطة بين فرح وحزن ، وابتسامة ودمعة ...أليس حزيران شهر الحزن ؟!!



اليوم لم أخرج من المنزل . بقيت على حوار مع ذاتي أستعيد ذاكرتي البصرية التي تحجرت أمس مع مشهد تقبيل العظام ....

عظمة المشهد ، وحزنه ، و " لذّة " غريبة تنتاب الذاكرة التي تستحضر ذاتها ...

وقعت في ( حيص بيص ) . لم أقدر على الخروج ولم تفارقني العاطفة .



صديقي الشفاف ( محمد خليل عليان ) ذهب إلى رام الله أمس ، وعاد بحزن ، وارتفاع حاد بالسكّر ، وضغط شرايين ، وبقاء في مشفى المقاصد .

( ابو خليل ) سأل ، أو لعله أجاب ، تعليقا على المنظر المهيب لحملة النعوش الملفوفة بأعلام الحلم الملون :

من يحمل من ؟

سؤال فلسفي ، أدبي ، فكري ، وطني بامتياز ...من يحمل من ؟؟؟



( قال " شنّ " لأبي " طبقة " وهما سائران في الطريق : أتحملني أم أحملك ؟ وسأله : أتظن أن صاحب هذه الجنازة المحمول جثمانه حيّ أم ميت ؟ ) .



تصفّحت سريعا مشاركات أصدقائي فكتبت لصديقي (عيسى القواسمي ) : ماذا يقول الزعتر لو نطق ؟ تعليقا على صورة الزعتر البلدي والبهارات ...وقلت ل ( أبي خليل )تعليقا على قوله ( لن يهزمني المرض ) : ليأخذ المرض حصته منك ، وليبق لنا حصتنا الأكبر ...ليبق لنا إنسانيتك ، وبراءتك ، وشفافيتك ... لن يقدر المرض اللعين على الأرواح النقية .



قرأت رسالة من ( عبد المجيد حمدان ) جاء فيها : مرحبا ابراهيم ، أتذكر أيام " الطليعة " ؟

( أبو وديدة ) نكأ جراحي وهو يعيدني إلى أيام الشباب الفوّارة بالحلم والصدق والإيثار .

وقتها كتبت سلسلة ( حزيرانيات ) وقررت متابعتها . الفكرة الحزيرانية جاءت مع (حزيران) بيروت 1982 م .

( حزيرانيات ) حملت السياسة ، والأدب ، واللغة . حملت الجمال ، والدمعة ، والنبرة الواثقة ..... اليوم نبرتي ( حزينة ) كاسفة البال . الحلم تشظّى ...لكن ناره تنوس تحت الرماد .



يجب أن أزور ( أبا خليل ) . اتصلت به مطمئنا سائلا فطلب مني ألا ( أغلّب حالي ) !! من ( يتغلّب ) إذا ؟!!



قرأت مقالا / قنبلة ( !! ) نشره على صفحتي صديقي ( جمال غوشة ) جاء فيه إن تكاليف مفاوضات المصالحة بلغت بالتقريب ( خمسين مليون دولار ) بين تذاكر سفر ، وإقامة في الفنادق ....الخ ( الرقم للتأكيد : خمسون مليون دولار ) !! وسأل : لماذا لم تقم خمسون مدرسة بهذا المبلغ ، أو خمسون عيادة .......ولماذا لم تتم المصالحة بعد ؟

( المليون !! ، تعلمنا عنه في صفوفنا البعيدة ونحن أطفال بأنه واحد وإلى جانبه ستة أصفار ؛ أي : 1000000 ، ولم تستوعب عقولنا الغضة قيمة الرقم وقتها ...وما زلت إلى اللحظة على ما كنت عليه وقتها ....!!! مليون ؟!!! لا بل 50000000 )

... وما زالت المفاوضات متعثرة !

والمصالحة تحبو ،

والملايين الخمسون ستزداد ...



من يحمل من ؟

( من يحاصر من ؟)



صديقي الكاتب ( محمد خليل عليان ) في الطابق الثالث في غرفة العناية المكثفة بمستشفى المقاصد . من مكانه يطل على القدس والسور يحتضنها .

القدس ممنوع الإنفاق على بنيتها الثقافية التحتية والفوقية ؛ الدول المانحة تمنع ، والهيئات المانحة تمنع ، و ( نحن ) لا نجرؤ ! أو لا وفرة في الميزانية ...فالتكاليف باهظة ؛ المصالحة وسفرياتها ،

والفساد وسرقاته ،

فلتنتظر القدس حتى ( تعود ) في نعش من عظام ...لكن : من سيحملها آنذاك ؟؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في