الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة مفتوحة إلى الإخوان المسلمين: بعد الحكم فى قضية القرن المعركة الآن هى عزل تلميذ المجرم

هانى جرجس عياد

2012 / 6 / 2
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أعرف أن الشعب كان ينتظر الحكم بإعدام مبارك، وأعرف أن تبرئة مساعدى العادلى لن ترضى أحدا، وأعرف أنها مفارقة ساخرة حزينة أن تحكم أسبانيا بتسليم حسين سالم للقاهرة ثم تحكم القاهرة ببراءته قبل أن تتسلمه، وتلك هى مأساة الإحالة إلى المحاكمة الجنائية دون السياسية، لكننى أعرف أيضا أن الثورة هى التى أجبرت جنرالات مبارك على إعطاء الضوء الأخضر لبدء محاكمة قائدهم الأعلى القاتل، ولئن كان التعقيب على أحكام القضاء له وسائل وسبل معروفة قانونا، فإن شرعية الثورة لها الأولوية على كل ما عداها.
وفى كل الأحوال فقد أصبح لدينا رئيس سابق يدخل سجن طره باكيا مولولا، بينما رئيس وزراؤه يستعد لدخول القصر الجمهورى رئيسا لمصر، وتلك هى الآن معركتنا الحقيقية.
***
بموجب حكم محكمة جنايات القاهرة، لم يعد حسنى مبارك «الرئيس المخلوع» بل أصبح «الرئيس المجرم»، وبناء على عبث المستشار فاروق سلطان رئيس «عزبة الانتخابات الرئاسية العليا» أصبحنا أمام احتمال أن يحكم مصر رئيس يتخذ من مجرم مثلا أعلى له. من حق أحمد شفيق أن يتخذ من يشاء مثلا أعلى له، حتى لو كان قوادا، هذا شأنه الخاص لا دخل لنا فيه، لكن ليس من حق أمثاله –بالقطع- أن يتطلع لحكم مصر.
بيد أن الواقع أمامنا يقول إن مستشار السلطان فاروق سلطان، وبرعاية جنرالات القاتل المجرم حسنى مبارك وبينهم عمر سليمان، قد داس القانون بحذائه وفتح الأبواب واسعة أمام أحمد شفيق ليصل إلى حكم مصر.
هنا لا تعود القضية الآنية الملحة هى لمن تعطى صوتك، لتلميذ المجرم أم لتلميذ المرشد، بل القضية هى من ينقذ مصر من عبث مستشار السلطان فاروق سلطان، ويقصى رئيس وزراء موقعة الجمل عن المنافسة؟
أعرف أن لجنة مستشار الغبرة طارق البشرى والمحامى الفلوطة صبحى صالح قد حصنت أعمال «عزبة» الانتخابات من الطعن أو حتى التأويل، ثم صدق قطيع «غزوة الصناديق» على ما ارتكبه المستشار والفلوطة، لكننى لا أظن أن هذا التحصين يعطى المستشار سلطان الحق فى أن يدهس القانون بحذائه، ثم يضع مصر كلها أمام مستقبل حالك السواد، وهى تستقبل إما رئيس يحتذى بمجرم، أو رئيس سرق الثورة وخان دماء الشهداء وساهم فى وصولنا إلى هذا المأزق.
ربما يقول قائل لماذا لم تتذكروا قانون العزل إلا الآن عندما وصل شفيق إلى جولة الإعادة؟ وهو تساؤل صحيح ومنطقى وفى محله تماما، وخطأ تتحمل مسئوليته كل قوى الثورة ومرشحيها فى سباق الرئاسة، لكنه خطأ لا يغير من عبث فاروق سلطان شيئا، ولا يحيل انتهاك القانون إلى عمل قانونى، ولا يحرمنا من حق مواجهته حتى ولو متأخرا. ما ارتكبه فاروق سلطان فعل فاضح على قارعة الانتخابات الرئاسية، يجب وقفه وتصويبه.
ولئن كان صحيحا أننا تأخرنا كثيرا فى مواجهة دخول أحمد شفيق إلى السباق الرئاسى، فليس ثمة ما يبرر أن نعيد الكرة ونتأخر –مرة أخرى- فى المواجهة بانتظار أن يفوز بالرئاسة.
إن مشاركة «تلميذ المجرم» فى أية انتخابات، حتى لو كانت انتخابات نادٍ رياضى، تحيلها انتخابات غير شرعية، ليس فقط لأن أحمد شفيق يواجه حوالى أربعين بلاغ تتهمه بالتربح والنهب، وليس فقط لأنه رئيس وزراء موقعة الجمل، لكن أيضا لأنه معزول سياسيا بموجب تعديلات قانون العزل التى صدق عليها (مضطرا) وزير دفاع المجرم حسنى مبارك، حتى وإن داسها سلطان بحذائه. والأجدى الآن أن يكف الإسلاميون عن اللهاث الأحمق وراء السلطة ويوجهوا جهودهم –مع باقى قوى الثورة- من أجل عزل تلميذ مبارك، فليس من دواعى الفخر والسرور أن تدخل منافسة مع رجل لا يجد أى غضاضة فى اعتبار مبارك (نزيل سجن طره الآن) مثله الأعلى، حتى وإن فزت فيها، فما بالك لو حدث العكس؟
ربما يعتقد الإخوان الآن أن المعركة الرئاسية أمام أحمد شفيق أسهل بما لا يقاس مما لو كانت أمام مرشح أخر، (حمدين صباحى أو عبد المنعم أبو الفتوح مثلا)، لكنهم لو نظروا أبعد من أنوفهم قليلا، وتخلصوا من هذا الشبق للسلطة الذى انتابهم فجأة، لاكتشفوا أن الخسارة أمام أى من هذين المرشحين، أشرف كثيرا لهم من الفوز على تلميذ مبارك، (وماذا لو خسروا؟) باختصار «قل لى من تنافس أقل لك من أنت»!!.
على الإخوان الآن الانسحاب من جولة الإعادة والعودة إلى صفوف الثوار فى معركة عزل أحمد شفيق، فالحقيقة الصارخة تقول إن الإخوان خصوصا، والإسلاميين عموما، هم الذين انعزلوا عن الثورة والثوار، والتحقوا بصفوف جنرالات مبارك (سجين طره الآن بعقوبة المؤبد)، وإنهم كانوا أداة طيعة فى أيدى الجنرالات لشق صفوف الثورة ثم القضاء عليها، وفيما لو كانوا يدركون الآن حجم الجريمة التى ارتكبوها فى حق الثورة والوطن، فعليهم هم العودة إلى صفوف الثورة، وليس العكس.
بكلمات أخرى ليس من المنطق فى شيء أن يطالب الإسلاميون الآن أن يلتف الجميع حولهم ويدعموا مرسى، فهم الذين تخلوا عن الجميع، وعليهم أن يعودوا إلى صفوف الثورة فى معركة عزل أحمد شفيق، ذلك هو الأسلوب العملى الوحيد لاعتذار يمكن قبوله من الإسلاميين عما ارتكبوه فى حق الثورة والثوار والوطن بأسره.
ثم إن عودة الإسلاميين الآن، الآن وليس غدا، إلى صفوف الثورة والوطن، سوق تجعل من الجميع معسكرا واحدا، ربما لا يجدون معه مبررا للتنافس فيما بينهم.
المعركة الآن ليست معركة الرئاسة بل معركة عزل تلميذ المجرم، ومحاسبة فاروق سلطان على جريمة انتهاك القانون، وتجميد ترشيح محمد مرسى لن يقود تلقائيا إلى فوز شفيق بالتزكية، فهو تجميد مسبب يعود إلى ممارسات «عزبة» الانتخابات الرئاسية ورئيسها المستشار سلطان، ثم أنه، وهذا هو الأهم، تجميد للترشح مترافق مع النزول الجماعى إلى ميادين التحرير، وهى ليست مهمة الإخوان فقط، لكنه دور كل قوى الثورة، وبما هو كفيل بتجسيد الفعل الشائن الذى ارتكبته «عزبة» الانتخابات الرئاسية.
الغضب من الحكم الصادر فيما اصطلح على تسميته «قضية القرن» يجتاح النفوس، وجميعنا يعلم أن المجرمين ليسوا هؤلاء فقط الذى كانوا داخل القفص، لكن هناك الكثير منهم خارجه وبينهم الفريق أحمد شفيق، ومن العار مواصلة (التنافس الديمقراطى) مع شريك أساسى ومؤثر فى قتل شهدائنا وإجهاض ثورتنا، بينما الشعب يموج غضبا من حكم يراه مخففا على زعيم العصابة.
ثم يتحمل المحامون المصريون الشرفاء، وهم كثر، مسئولية ملاحقة ومطاردة المستشار فاروق سلطان قضائيا وقانونيا، وهو جانب أساسى ولا غنى له لإحكام الطوق حول المستشار ومن يحميه.
***
صحيح أن الحكم أثار غضبا مشروعا لدى الناس، لكن الصحيح أيضا أن المستشار أحمد رفعت صفع المستشار فاروق سلطان، صفعة قوية وفتح لنا الأبواب لاستكمال الثورة، والكرة الآن فى ملعب الإخوان، وملعب قوى الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما هي الثورة؟
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 6 / 3 - 09:27 )
يقولون عندما سئل العقيد القذافي عن الثورة أجاب: الثورة هي أنثي الثور، لو كانت هذه الثورة التي تعنيها فأنا أفهم مقال سيادتك، أما إذا كانت الثورة من الفعل -يثور- فأنا للأسف لا أفهم، الشعوب تثور لتضع حدا و تبدأ بعده جديدا، هذا ما أفهمه، و هذا ما لم يحدث

إذن نستأنف الكلام عن أنثي الثور


2 - الأستاذ عماد
هانى عياد - الكاتب ( 2012 / 6 / 3 - 09:40 )
الفارق بينى وبينك أنك تأخذ كلام العقيد القذافى على محمل الجد، وربما يؤهلك ذلك لتقول لنا كام ساعة يجب أن (تثور الشعوب لتضع حدا وتبدأ بعده جديدا)؟؟


3 - مخاطرخلط الأوراق مع تيار الإسلام السياسى
بشير صقر ( 2012 / 6 / 3 - 10:40 )
فى الحقيقة أتفق معكم فى تشخيصكم لسلوك الإسلاميين منظرين وقادة وأعضاء تنظيماتهم فى موقفهم المعادى للثورة.. وفى دور الحكماء من رجال القضاء فى إعداد وتهيئة الأرض القانونية .. بل والمشاركة فى التآمر مع العسكر على الثورة ومستقبلها وشبابها .. لكنى أختلف معكم فىالنتيجة التى انتهيتم إليها فيما يتعلق بمعالجة الوضع الراهن للثورة كلية.. لأن التاريخ القريب لممارسة الإسلاميين - ناهيك عن موقفهم التاريخى المعروف من الحركة الوطنية المصرية ومن الحركة الاجتماعية وبالتحديد الانحياز التام ضد الفقراء- حسبما ذكرتم فى المقال هو موقف أسوأ من موقف العسكر فى عدد من الجوانب لأنه لا يعنيه سوى إزاحة الثورة من طريقهم- شأنهم شأن العسكر- والهيمنة على المجتمع والدولة وإعادتهما إلى عصر القرون الوسطى ، ومن ثم فأية تقديرات تزج بهم أو تعتبرهم ضمن القوى والتيارات التى تشارك فى إنقاذ المجتمع والشعب المصرى من الخروج من الأزمة الراهنة هو تمهيد الطريق لهم للتخلص من العزلة الشعبية المتنامية التى صنعتها مواقفهم طيلة الـ15 شهرا المنقضية .. بل وجر الجماهير الى معسكر الثورة المضادة وخلط الأوراق معها - بعد شرعت فى خلع رداء الوهم


4 - محاولات للفهم
عماد عبد الملك بولس ( 2012 / 6 / 3 - 13:04 )
أستميحكم عذرا سيدي

أين الثورة التي لا تعرف ما تريد بل و لا إلي أين تمضي و تتجاهل أي تدمير للبلد؟

لا أنكر فساد النظام السابق، و لكن لا يليق بنا أن نقلد الدببة، و إذا كان الهدف هو الأفضل، فالعبرة بكيف نصل إليه

لقد خُدعنا بكلمة الثورة، لأهداف ضد مصر و المصريين، و بدأ اليساريون استخدامها تفاؤلا، مع أن اليسار فقد أرضيته تماما في مصر، و صار أساطينه رأسماليين عتاة، و تلقفها المغرضون و الحنجوريون (استرزاقا) في رأيي، أما في الواقع، فأين هي الثورة؟ وأين هم الثوار؟ هل هم هؤلاء الفرق التي لا تلتقي إلا لتفترق؟ و ما المبادئ الموحدة التي يسعون لتطبيقها؟

إن أكثر من 16 شهرا من الاختلاف و التحزب و الصراع و اللف و الدوران لدليل علي أن الفوضي و الصراع علي السلطة فقط هي الهدف، إذ من غير المعقول أن شعبا كبيرا فقد قادته و مفكريه فجأة، بل إن هذا الاختلاف هو في حد ذاته قاتل لمحاولة الثورة التي ثبت فشلها

هذا رأيي مع كل الاحترام


5 - كلنا سوف ننتخب
محمد مختار قرطام ( 2012 / 6 / 4 - 07:11 )
شعارنا ياسيد هاني هو الشيطان ارحم من الاخوان وكما قال الاستاذ طارق حجي لو ابليس نزل امام مرسي سوف اعطي صوتي لأبليس خلاص فهمت ولا لسه
وأأكد لك مرة اخرى انا مستعد انتخب نتبياهو او ليبرمان ولا انتخب حد من الاخوان ارتارح والكل يرتاح لا للأخوان واهلا بمبارك وجمال والعدلي من جديد

اخر الافلام

.. تحدي اللهجات.. مقارنة بين الأمثال والأكلات السعودية والسورية


.. أبو عبيدة: قيادة العدو تزج بجنودها في أزقة غزة ليعودوا في نع




.. مسيرة وطنية للتضامن مع فلسطين وضد الحرب الإسرائيلية على غزة


.. تطورات لبنان.. القسام تنعى القائد شرحبيل السيد بعد عملية اغت




.. القسام: ا?طلاق صاروخ ا?رض جو تجاه مروحية الاحتلال في جباليا