الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من دلف الإخوان إلى مزراب الفلول

تميم منصور

2012 / 6 / 2
مواضيع وابحاث سياسية



أثبتت نتائج انتخابات الجولة الأولى للرئاسة المصرية بأن هذه الأمة من محيطها إلى خليجها بحاجة إلى قيامة خاصة بها، وليس إلى نسمات (ودغدغات) حراك سياسي يهب عليها ويلاطفها.
نعم الشعوب العربية بحاجة لقيامة كي تكون صدمة كبيرة تقلب أسافلها أعاليها وتصل إلى جذور وأعماق أحاسيسها، ربما بعدها تستيقظ وتدرك بأنها تقف فوق دروب من التخلف وتتأكد من عمق الهوة التي تفصل بينها وبين شعوب العالم المتطورة المتحضرة، الشعوب التي قطعت أشواطاً طويلة داخل ميادين غزو الفضاء والاكتشافات الدقيقة بفضل التطور الفكري والعلمي والتكنولوجي.
نعم قيامة تكون على مقاس هذه الأمة لعلها تستطيع تطهير كل رواسب حب الذات والفساد وتأليه الزعماء وتقطع دابر امتصاص دماء ومقدرات شعوبهم باسم الدين وباسم الوطنية وباسم التاريخ، فقط قيامه شعبية عارمة قادرة على تطهير الأقطار العربية من دنس وطغيان هذه الأنظمة المتحالفة مع كل القوى الامبريالية العالمية التي صنعتهم ولا زالت تحرك أشرعة حكمهم.
بحاجة إلى قيامة وليس ربيعاً لعل هذه القيامة توقظ غيرتهم وانتماءهم ووطنيتهم وضمائرهم الغائبة النائمة القابعة في أسواق الرهان والسخرة والذل في مدن السعودية والكويت وقطر وغيرها، ثبت بأن هبوب نسمات الربيع السياسي بجمال أزهاره وطيوره وأناشيده وخرير مياهه تزيد أبناء هذه الأمة تثاؤباً ونعاساً ونوماً عميقاً، إن ألف ربيع مثل هذا الربيع تعجز عن تحريك حرص وغيرة وبذور القومية بدولة تسمي نفسها السعودية على اسم جد الأسرة المالكة الأول، في هذه الدولة الفريدة من نوعها اليوم في تخلفها وطريقة الحكم فيها لا يزال حكامها يتصرفون بعقلية شيوخ القبائل في إدارة دولة يصل دخلها السنوي من النفط فقط حوالي 70 مليار دولار.
الربيع الذي هب على بعض الأقطار العربية تحول إلى إيحاء أصولي زاد من التشرذم والفوضى والتبعية لأن قادته ينظرون إلى الولاء ولا يريدون الاعتراف بأن الدين يجب أن يعيش معنا بما يتطلبه الحاضر وليس الماضي وحده.
العرب بحاجة إلى قيامة لوضع حد ولمنع قادة الأنظمة من الاستمرار في ممارسة الدعارة السياسية باسم الوطن والشعب و الدين والحرية كما أنهم يمارسون الشذوذ الاجتماعي والانحراف الاقتصادي باسم رفاهية المواطن، السؤال الذي يطرح نفسه ماذا كسبت حتى الآن الفئات والعناصر والقوى القومية والوطنية والطبقات الكادحة من ثورة 25 يناير؟ مع أن هؤلاء هم من صنع الثورة هم أول من حمل عقيدتها وقدموا الشهداء من أجلها،لكن سرعان ما تم ازاحتهم عن قيادة مراكبها لأن عقيدتهم كانت منذ البداية بدون قوة تدفعها وتحميها، الثورة الشعبية تعني عدم الرضا عن كل شيء والقيام بتغيير كل شيء، وحجم التغيير هو نفسه الذي يكون معياراً لحجم الثورة.
في ثورة 25 يناير هناك من صنعوا الثورة وهناك من صنعتهم الثورة، فأما الذين صنعوا الثورة فهم حريصون عليها وقد تجسد ذلك في كل أولئك الذين وقفوا وراء مرشح الثورة في انتخابات الرئاسة حمدين صباحي، هؤلاء هم من أشعلوا فتيل الثورة وكانوا وقودها وهم اتحاد قوى الشعب العامل كالشيوعيين والناصريين وطلاب الجامعات وأبناء الكادحين.
أما الذين صنعتهم الثورة وتسللوا داخل صفوفها وسرقوها من أصحابها فهم حريصون فقط على أنفسهم ومصالحهم الفئوية وقد اتضح ذلك أيضاً في انتخابات الرئاسة ذاتها، النتائج كانت مغايرة إلى حدٍ بعيد عن فكر الثورة ودوافعها وأهدافها، لقد سلب جماعة الإخوان بالاتفاق مع فلول النظام وبالتواطؤ مع المجلس العسكري الذي بات واضحاً بأنه دعم قوى الفلول لأن هذا المجلس كان ولا زال يحكم بعقلية النظام السابق وبإيحاء من واشنطن وبدعم من أموال الخليج لأن حكام الخليج يريدون أن تبقى مصر ساحة للتواطؤ والانجرار وراء الذيل الأمريكي وغيرها من القضايا أهمها زواج المسيار وزواج المتعة الذي أفرز آلآف الاطفال ضحايا هذا الزواج ،هناك معلومات بأن قطر هذه الدولة المجهرية المسخ تتطاول على مصر وتخطط لأستئجار قناة السويس لمدة مائة عام بالتنسيق مع شركات اسرائيلية.
بات من المؤكد بأن أيادي أجنبية تدعمها عصابات الحزب الحاكم سابقاً عبثت بالانتخابات المذكورة تحت مباركة وغطاء المجلس العسكري والسفارة الأمريكية في القاهرة والسفارة السعودية وغيرها، لقد تم الكشف عن تدخل عدد من ضباط الجيش في توجيه الناخبين في العديد من المحافظات لدعم مرشح فلول النظام السابق وصديق أيهود براك وغابي أشكنازي وربيب واشنطن أحمد شفيق، كما بذل المجلس العسكري كل جهوده لتوجيه أفراد القوات المسلحة وأجهزة الأمن لدعم مرشح فلول النظام ويقدر عدد هؤلاء حوالي مليون ونصف كما أن رئيس المحكمة الدستورية العليا الذي كلفه مبارك لإصدار فتاوى التوريث هو الذي كان يترأس كل لجان الانتخابات في كافة المحافظات.
في رأيي بان الميزان الدقيق لتقييم نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة المذكورة في مصر ومردودها السياسي والوطني هي إسرائيل ، فقد تنفس الإسرائيليون الصعداء وباعترافهم لأن مرشح الثورة صباحي لم ينتقل إلى الجولة الثانية، وقد اعترف بذلك جميع المحليين الإسرائيليين عبر الفضائيات وكافة وسائل الإعلام، جميعهم أشاروا إلى النتائج المفاجئة للانتخابات المذكورة وعبروا عن رضاهم من هذه النتائج، لقد طمأنوا المواطنين في الدولة بأن وصول الإخوان إلى قصر الرئاسة في القاهرة لا يقلق إسرائيل بسبب اتساع مساحات التفاهم بين الإخوان وواشنطن.
لقد أفلتت أشرعة الثورة من أيدي من قاموا بها مرتين، المرة الأولى في انتخابات مجلس الشعب والثانية في انتخابات رئاسة الجمهورية التي وضعت الشعب المصري أمام خيارين هما إما دلف الإخوان أو مزراب الفلول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟