الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل هي محكمة ثورية حكمت على مبارك؟

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 6 / 2
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لقد ذكّرتني قرارات المحكمة التي حكمت (فقط) على الرئيس المصري السابق (حسني مبارك) ووزير داخليته أثناء ثورة يناير (حبيب العادلي) بالسجن المؤبد من دون أن يطال اي نوع من الأحكام المتهمين الآخرين ومن دون توجيه التهم الى مساعدين آخرين أو ممن شاركوا في الأحداث التي أوجبت القاء تهم القتل العمد عليهم، ذكرتني بقرارات محكمة (ثورية) شكلها نظام البعث في العراق عام 1977 أرى من المفيد ايرادها هنا. ففي يوم 5/2/1977أصرّ زائروا الأمام الحسين من الشيعة على تأدية مراسم زيارة ذكرى اربعينية الامام كاملة، أي سيرا على الأقدام من النجف الى كربلاء، وعدم الرضوخ لنداءات الحكومة بعدم أجراءها، وبعد تحرك المسيرة فتحت النار عليها من الدبابات فيما أمطرتها المروحيات المقاتلة بوابل من اطلاقات الدوشكات، وعلى أثر ذلك قتل كثيرون وجرى القاء القبض على من نجا من الموت. شكلت الحكومة (محكمة ثورية) من الرفاق الحزبيين الأعضاء في القيادة العليا لحزب البعث لمحاكمة المشاركين في مراسم الزيارة ومن حرّض على اتمامها. جرى اسناد رئاسة المحكمة الى الدكتور عزت مصطفى، الذي كان في حينها وزيرا للصحة، و عضوية كل من فليح حسن الجاسم الذي كان وزيرا للدولة لشؤون الشمال ومن قبلها وزيرا للصناعة و علي حسن العامري الذي أصبح فيما بعد وزيرا للتجارة. ولم يكن لاي من أعضاء هيئة المحكمة صلة بالقضاء، ولأن الأحكام قد فُصلت لهم أصلا لكي يحكموا على ثمانية من (المتهمين) المحددين باسماءهم بالاعدام وعلى خمسة عشر آخرين بالسجن المؤبد وعلى واحد وعشرين بالسجن لمدة سبع سنوات واخلاء سبيل البقية الباقية، فقد أعترض فليح حسن الجاسم (كان شيعيا) على صيغة الحكم بحجة أن القضية جنائية ولا تستدعي تشكيل محكمة ثورية، ووافق رئيس (المحكمة) عزت مصطفى (سني) على ما تجرأ به الجاسم فيما اصدر علي العامري (شيعي من كربلاء) الأحكام مثلما رُسمت له وجرى بعد ذلك تنفيذها. جردت قيادة البعث كلا من مصطفى والجاسم من مناصبهما في الحزب والدولة ووُضعوا تحت الأقامة الجبرية لحين تصفيتهما، اذ قتل الجاسم في يوم 8/8/1982 في بلدته (المقدادية) بوساطة اثنين من رجال المخابرات بمسدسات كاتمة للصوت فيما توفي عزت مصطفى بظروف غامضة في مدينة الرمادي في الوقت عينه. وتختلف محكمة جنايات القاهرة التي حكمت في الأتهامات الموجهة الى حسني مبارك ومن معه عن محكمة البعث (الثورية جدا) بكونها محكمة حقيقية تألفت من قضاة وأدعاء عام ومحامي ادعاء ودفاع وجرت بموجب قوانين العقوبات المصرية الجارية، الا ان النتائج لاتختلف عن محكمة البعث من خلال الحدية الظاهرة في قرارات الادانة، أي اما الصفر أو المئة، وهي اما السجن المؤبد أو البراءة فيما حكم على الرؤوس فقط وجرت تبرئة المرؤوسين وكأن الأحكام مخطط لها أصلا وأشبه بمحكمة ثورية لتشمل أشخاصا دون غيرهم على الرغم من عدم وجود الدليل القاطع على ادانة المحكومين كما جاء في قرار الأدانة والذي ربما يعني الغاء الاحكام بعد الطعن بها، وهو الأرجح. ولعل ماجاء في قرار الادانة على لسان رئيس المحكمة السيد أحمد رفعت حين ذكر: "عندما بزغ صباح يوم الثلاثاء 25 كانون الثاني/يناير 2011 اطل على مصر فجر جديد لم تره من قبل اشعته بيضاء وضاءة تلوح لشعب مصر العظيم بأمل طال انتظاره بعد 30 عاما من ظلام حالك اسود اسود اسود بلا امل ولا رجاء" يطعن في حيادية المحكمة ويزيد من امكانية اعادة المحكمة من قبل محكمة النقض في حال الطعن في قراراتها يساعده في ذلك الوضع السياسي المتمثل بتيار قوي موال لمبارك يمكن استخلاصه من نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة والتي حل فيها السيد احمد شفيق، العسكري المتمرس والوزير في فترة مبارك، ثانيا وامكانية فوزه في المرحلة الثانية من الانتخابات في ضوء التوجه العلماني المتزايد للشارع المصري والذي لامناص من اختياره لواحد من اثنين، اما رئيس علماني لايمثله سوى شفيق أو اسلامي متمثل بالاخواني محمد مرسي. أما الاحتجاجات على قرارات الحكم فيبدوا أنها غير ذات تأثير في ماصدر من أحكام، ولربما كان تأثيرها سلبيا على ما سيقرره الناخب المصري في نهاية المطاف من الأختيار بين الرئيس العلماني الذي يتمناه المحتجون والرئيس الاسلامي الذي يدعمه اعداء مبارك من الاسلاميين على أقل تقدير، وكذلك يمكن أن يكون تأثيرها سلبيا في قرار الطعن اذا مابدر من المحتجين ما يفيد في اثبات التهم على مبارك ولو من وجهة النظر العاطفية. هنا تكون قرارات المحكمة غير نهائية بانتظار تقديم الطعون من قبل محامي الدفاع، وقد تكون الحدية في اصدار الاحكام واقتصارها على الرؤوس فقط ، وهو ماتفوح منها رائحة البعد السياسي غير البعيد عن قاعة المحكمة، الحجة في مشروعية الطعن. وبذلك تكون نتيجة المرحلة الثانية من الانتخابات هي الفيصل في اختيار المصريين لرئيسهم بحدية أخرى، فاما شرعية مبارك التي تعاكس حدية المحكمة أو منح الشرعية للاسلاميين فتكون المحكمة عندها قد شرعنت ثوريتها سلفا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة في إسرائيل: خطاب غا


.. حركات يسارية وطلابية ألمانية تنظم مسيرة في برلين ضد حرب إسرا




.. الحضارة والبربرية - د. موفق محادين.


.. جغرافيا مخيم جباليا تساعد الفصائل الفلسطينية على مهاجمة القو




.. Read the Socialist issue 1275 #socialist #socialism #gaza