الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأديب والسياسة

حميد المصباحي

2012 / 6 / 2
الادب والفن


صيغة الجمع,في علاقتها بالسياسة,لاأعتقد أنها تصح,فالشاعر غير الروائي والقاص,إذ لكل منهما عالمه الخاص,فحتى عندما يكون الأديب,شاعرا وروائيا مثلا,فإن أحدهما من يمتلك الآخر أكثر,ويحضر بملامحه,فالحديث عن علاقة الأديب بالسياسة يفترض التمييز بين هذه الأنماط الأدبية.
الشاعر
مهما كان ارتباطه بالسياسة,فهو يستحضر الإنساني في سموه,يحاول هو التعالي,لكن السياسة تشده لعالم مختلف عنها,وربما لهذا السبب يمضي في اتجاه التنظير للسياسة,وهذا ما يفسر ميول الشعراء للقوى السياسية التي تعطي أهمية قصوى للنظرية,وتعتبرها أساس البناء السياسي للحزب وحتى للدولة,أما اليومي فإن الشاعر به يدخر السخط على المظالم,إحساسا وانفعالات,تكون زاده الشعري,للسخرية من الظلم,بما ينتج من صور تفوق اليومي براعة وجمالية في تصوير الإختلالات التي تعرفها العلاقات البشرية,بين قوى متصارعة,كطبقات وفئات وشعوب تعاني الإحتلال والإستعمار والظلم,الشاعر هنا,لايصغي للكلمات التي يتفوه بها الساسة,لكنه فقط يحاول النظر للقضايا,ولا يعنيه استغلالها من طرف الساسة,فغالبا ما يشعر بالحسرة تجاه كلماتهم غير المنضوضة,والمفككة,لكن واجب النصرة يفرض عليه تجاهل عاهات القول,ليغذي أمله الكبير في التحرر من المظالم,السياسة لديه تقوي شحنة الغضب,التي يحتاجها للتعبير عن الإنساني فيه,بها يوقظ الصور ويحررها من رتابة اليومي,سياسيا كان أو إيديولوجيا.
القاص
هو لايبحث عن الصور,ليغذي عاطفة الرفض أو القبول,بل يعيش في السياسة هدوءه,منتظرا لحظات بروز المفارقات,التي بها يحرث لحظات التحفز لترتيب الأحداث وتأمل تفاصيل الأحداث كما يواكبها الساسة ويحكمون عليها,القاص يقبض على اليومي,باحثا عن جزئيات قابلة لأن تجمع بطرق أخرى,لتحدث المفاجأة,أو رجة إنهاء القصة,بحيث لايستطيع القاريء توقعها,هنا يكون القاص,شبه ملاحظ وشبه صامت,يستأنس بالمعتاد,يرتبه بدون غضب,ينساه لإحداث إبداعية التركيب.
الروائي
وحده,لاتكون استفادته دائمة,فغالبا ما تهرب منه أحداث الرواية,التي لايمكنه كتابتها وهو لايزال منخرطا في السياسة,فعندما تختمر حياته الإبداعية يجد نفسه مرغما على التمرد في وجه الساسة,ولا يمكن للروائي إرضاءهم حتى في صمته,فغالبا ما يسوي حسابه معهم بنقد عميق لتجربة السياسة,ولا أحد يمكنه التسامح معه,إذ يبدو في كتاباته,متحاملا,مهما كانت جمالية اللغة التي يكتب بها,وربما لهذا السبب الروائيون لايكتبون إلا مرة حول السياسة والأحزاب السياسية بشكل واضح,الروائي يعري ويهرب نحو قضايا أخرى,ربما أكثر قوة,وحتى عمقا,رغم أن الناس لايستبعدون أنه يكتب عن السياسة بطريقة أخرى,ولو كان موضوعه هو الهوية,أو الذات الهاربة من ذاتها وماضيها.
لهذا السبب ادعيت أن علاقة الأدباء بالسياسة,تختلف باختلاف نمط كتابتهم,وأريد التوقف عما يوحدهم تجاه السياسة,لا أجد غير القول بأن السياسة تشحذ موهبتهم ومعارفهم,سواء استمروا فيها أو اعتزلوها,لكن المؤكد أن هذا النوع من الأدباء بدأ يقل,بفعل هجومية الساسة,وخوفهم الغريزي من سادة القول,كما أن الساسة بدأوا رحلة التحول الجيني إلى أدباء,شعراء قصاصين وحتى روائيين,صفق لهم الجمهور,خصوصا عشاق السير الذاتية,الذين ينتظرون منهم البوح بأسرار موت السياسة في البلدان المتخلفة,وأولها عالمنا العربي,وهنا أشير أن هذه العلاقات بالسياسة هي خاصة بهذا العالم نفسه ومقتصرة عليه وحده.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده