الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا ينتظر المالكي من( العشاء الأخير) في دهوك؟؟ (الجزء الثاني)

عزيز الدفاعي

2012 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



قد يساعد الضوء المسلط على مواقف الأحزاب العراقية من مفوضيه الانتخابات منذ تأسيسها في تفسير بعض مظاهر ازمه الصراع السلطوي الراهن وأجنداته ويكشف ألصوره الحقيقية المغايرة كثيرا عما يحدث من ضجيج وسيناريوهات في الفضائيات العراقية التي أصبح بعضها بعيدا عن الشفافية والحياد والنزاهة .

فقد كان التيار الصدري عازفا عن المشاركة المعلنة في العملية السياسية بعد عام 2004م لنفس الأسباب المعلنة لعزوف العرب السنة تحت ذريعة الاحتلال الأمريكي للعراق لكن التيار الصدري من الناحية الفعلية كان موجودا في كل مفاصل العملية من خلال شخصيات مثلت نفسها في الظاهر ولكنها كانت واجهات معروفة الصدريين كما تمكن هذا التيار الشيعي بسبب جماهيريته الواسعة آنذاك (بسبب دعوته للمقاومة المسلحة وتصديه للقاعدة والتكفيريين في المدن والإحياء الشيعية) من حشد عدد كبير من الموظفين في مراكز الاقتراع وفي المركز الوطني للمعلومات من اتباع التيار في تناسب عكسي مع انحسار الوجود الجماهيري لأحزاب الخارج كالدعوة والمجلس الأعلى وانشغالها بمواجهه العنف المسلح والإرهاب وهموم السلطة وإغراءاتها .
وبهذا فقد هيمن اتباع التيار الصدري على اغلب عناصر المفوضية ومفاصلها الرئيسية وقدم هؤلاء خدمات جليلة لتيارهم خلال الانتخابات وحسب مصدر مطلع بلغت نسبة الأصوات المضافة للتيار مايقارب 35% في أدنى التقدير فوق استحقاقهم الفعلي بوسائل لا مجال لذكرها في هذا المجال.
لقد أدرك المالكي ان منافسه الأساسي من بين القوى الشيعية هو التيار الصدري بسبب قدرته على الحركة الجماهيرية في المناطق الشيعية الفقيرة لاسيما بعد ان لجأ السيد مقتدى الى إيران وفتح له باب المساعدة المادية السخية والدعم اللوجستي لتقوية التيار في التصدي للاحتلال وقد تمكن قياديو التيار من توظيف أموال المساعدات في مشاريع استثمارية أتاحها لهم وجودهم في وزارات الدولة المختلفة بعد عام 2006 بصفة وزراء ووكلاء ومفتشين عموميين ومدراء عامين وغيرها فجمعوا بذلك بين الحضور السياسي المنظم والقوة المالية ناهيك عن إدارتهم الناجحة للمدن التي هيمنوا عليها مثل مدينه الصدر .
من ناحية أخرى ووفقا لتقارير لم تنشر عمد الأمريكيون ومن خلال مستشارة الدعم الفني في بعثة الأمم المتحدة في العراق (ساندرا ميتشل) الى الحفاظ على حالة من التوازن السياسي بين الكتل البرلمانية وفقا للسيناريو غير المعلن بشان العراق من خلال تدخلها في البرامج الحاسوبية لحساب الأصوات وتوزيع المقاعد في انتخابات مجالس المحافظات عام 2009 مستغلين ضعف طاقم المفوضية في الاختصاص الفني ببرامج الحاسوب وتفرد طاقم الأمم المتحدة بالإشراف على هذا الجانب الخطير من العملية الانتخابية.
لقد سبق للنائب كريم اليعقوبي( حزب الفضيلة ) عام 2009 إن تقدم بطعن ضد هذه هذه الخروقات بالأدلة الدامغة عندما قام باستجواب المفوضية وكشف بالدليل القاطع الانتهاكات المالية والإدارية إضافة الى تدخل الأمم المتحدة السافر في العمل الفني لها ،
لكن دولة القانون كانت قد حققت في تلك الانتخابات نتائج غير متوقعة (في صفقة عقدها مفاوضو المالكي مع الأمريكيين مقابل توقيع الاتفاقية الأمنية) اذ قامت ساندرا بترتيب توزيع المقاعد في مجالس المحافظات بما يضمن حصول دولة القانون على الأغلبية المريحة في معظم المحافظات وحرمان الكتل الشيعية المعترضة على الاتفاقية لذلك عمد نواب دولة القانون إلى تسويف موضوع إقالة المفوضية والاكتفاء باستجواب المفوضية في وقتها وهو موقف تغير لاحقا كما سنرى!!
بعد انتخابات البرلمان عام 2010 علم المالكي من خلال لقاءاته مع كبار المسئولين الأمريكيين ان واشنطن تتجه الى إبقاء حالة التوازن بين الكتل السياسية في العراق وعدم السماح بتفوق إحدى الكتل تفوقا واضحا استجابة لضغوط عربيه ونصائح من أجهزه المخابرات الامريكيه مع إفساح المجال لسيطرة التيار الصدري ليشكل قوه ضغط على المالكي لكي لا يتمادى في نزعته للابتعاد عن المحور الأمريكي ونجح التيار الصدري بمباركه الأكراد في الهيمنة على عمل المفوضية ،
لقد سعى المالكي للإطاحة بالمفوضية العام الماضي وتم تنظيم الاستجواب الثاني لها من قبل النائبة حنان الفتلاوي تحت ذريعة الفساد المالي المعروف للجميع واخذ قاده دوله القانون يهيئون الأجواء لأقاله الحيدري وحل المفوضية بذريعة تهم الفساد ألمعروفه لكن الهدف الحقيقي لهم كان تشكيل مفوضية أخرى ان لم تكن موالية تماما لدولة القانون فإنها لن تغبن حقوقهم وبدئوا يهيئون الأجواء مع بعض مكونات التحالف الوطني ولكن خارج الجلسات الرسمية لهذا التحالف مما اثأر حفيظة الكتل الأخرى التي كانت مؤيدة لإقالة المفوضية في السابق ولكن بشرط وضع آليات محددة لإعادة تشكيلها وتأكد لرئيس الوزراء ان العراقية والكرد والتيار الصدري والمجلس الأعلى والفضيلة جميعهم يقفون ضد إقالة المفوضية خصوصا وان دولة القانون لم تقدم ضمانات لوضع آلية مقبولة لإعادة تشكيل المفوضية الجديدة أضافه الى ان عمر المفوضية الحالية كان سينتهي هذا العام.
في ضوء الحقائق المار ذكرها وبعد التمهيد الذي قدمناه في الجزء الأول من هذا المقال ومن خلال تبادل وجهات النظر مع بعض العارفين من مختلف الكتل السياسية العراقية ومن خلال قراءتنا المتواضعة للازمه ألراهنه يمكن ان نقدم خلاصه لحسابات إطرافها الرئيسية بعيدا عن قرع الطبول الاعلاميه التي تقود أي مراقب إلى ما يشبه المتاهة دون ان ندعي معرفتنا( بالغاطس) في بحر الحقيقة ولكنه اجتهاد المراقب الذي ينتظر التصويب والملاحظة من الذين يعيشون في قلب الإحداث :

.* حسابات السيد مقتدى الصدر أوصلته الى نتيجة مفادها ان المالكي لو بقي على رأس السلطة لحين انتهاء المدة الدستورية وبفعل النجاحات الداخلية وقدرته على كسب المؤيدين بوسائل شتى حتى من داخل الكتل الأخرى وخاصة العراقية فانه سيحقق نتيجة مذهله في الانتخابات البرلمانية القادمة...
و يرى بعض الضليعين في الشأن الداخلي في تقرير أعده احد الدبلوماسيين الأجانب ان حصة دوله القانون ربما لن تقل عن ١٣٠ مقعدا برلمانيا ، وان التيار الصدري الذي استحوذ على أصوات المجلس الأعلى والجعفري في الانتخابات الماضية لن يكون قادرا على تجاوز سقف يتراوح بين 17-20 مقعدا في البرلمان القادم في افصل الظروف باعتباره استحقاقه الفعلي في المناطق التي يمتلك حضورا واسعا فيها بعد ان التفت الجعفري والمجلس الأعلى( للسطو) الذي حصل لأصواتهم في الانتخابات التشريعية السابقة وفقا لهذا الدبلوماسي وقد عقد كلاهما العزم على وضع الآليات التي تمنع تكرار مثل هذا التلاعب مستقبلا عبر اختيار العاملين في المفوضية الجدد،
لذا فان الحل الوحيد أمام التيار الصدري لكبح جماح المالكي وفق هذا السيناريو هو إقالته ومنعه من الاستفادة من السلطة وامتيازاتها كعامل قوة في الانتخابات وتحميله لوحده مسئوليه جميع الفشل والإخفاقات في ملف الخدمات وهذا ما يفسر إصرار السيد مقتدى الصدر وتلاقيه البراغماتي مع العراقية والأكراد في تحالف غالبا ما جمعت قياداته العداوات وتبادل التهم خاصة بعد حادثه تفجير قبة الإمامين العسكريين عام 2006 وما تلاها خلال الحرب الطائفية لكن ما يوحدهم اليوم هو الخصومة للمالكي والسعي لإزاحته ومن ثم لكل حادث حديث ..

* .فيما يرى قاده المجلس الأعلى بان احتمالات حصولهم على رئاسة الوزراء كاستحقاق للشيعة باتت اكثر واقعيه في الأفق المنصور بعد ان نجح السيد عمار الحكيم في تغيير خطاب الحزب بصوره كبيره باتت اقرب الى الواقعية ومغازله هموم الشعب وابعد عن الوتر الطائفي لذا فأنهم يقومون بلعبه مزدوجة وخطاب غامض أحيانا تجاه ألازمه الحالية التي لم يترددوا عن خوض غمارها بحذر أي أنهم يظهرون التقريب بين أجنحه التحالف الوطني ويستبطنون التحريض بين المالكي والصدريين لاسيما وان تحالفات المجلس الأعلى مع الكورد تعد من الثوابت التاريخية منذ عام 1959 بينما صراعهم المرير على مدى اكثر من ثلاث عقود مع حزب الدعوة في المعارضة قبل عام 2003م او في السلطة لاحقا علمهم عدم التسرع وعدم قطف الثمرة قبل التيقن تماما من نضجها.... ألا أن السيد الحكيم يدرك ان نجاح بديل للمالكي سيكون امرأ صعبا جدا مع هيمنة دولة القانون على معظم الحكومات المحلية في الوسط والجنوب وهيمنه المالكي على مفاصل الاجهزه الامنيه والاستخبارات وعلاقته الجيدة مع الأمريكيين وخاصة السفير الحالي ومع قيادات سنيه وعشائرية لا تضمر الود للمجلس الأعلى والصدريين ، لذا فان المجلس ربما سيعقد صفقة مربحة مع المالكي مقابل بقائهم على الحياد في هذه الفترة بانتظار ما ستؤول إليه الأمور حتى موعد الانتخابات التشريعية القادمة وفي ضوء نتائج الانتخابات البلدية القريبة .

* أما الكرد فموقفهم مختلف تماما عن مواقف الآخرين سنه وشيعه، فمشروعهم هو إقامة دولتهم عبر مراحل تدريجية في إطار مشروع الشرق الأوسط الجديد والدعم الأمريكي غير المعلن الذي لولاه لما صعد البرزاني خطابه ضد المركز بعد عودته من واشنطن مؤخرا... وهم يخوضون الصراعات السياسية بهدف انتزاع مقومات تلك الدولة من بغداد حتى لو وصل الأمر الى الابتزاز واللعب على المتناقضات بين المكونين العربيين و يدركون جيدا بان منح الثقة لرئيس وزراء جديد بدل المالكي لن يكون بنفس سهولة سحبها عن المالكي - اذا كان ذلك سهلا- وان تشكيل الحكومة الجديدة في حال نجاح سيناريو التصعيد الحالي الذي فجره البر زاني سيستغرق وقتا أطول من تشكيل الحكومة المقالة وسيبقى المالكي رغم ذلك مسئولا عن تصريف الإعمال وربما لن يتردد في إدخال العراق في فراغ حكومي تكون له عواقب وخيمة على عموم العراق وخصوص منطقه كردستان التي تشهد ركودا اقتصاديا وانتشارا للفساد في ظل الاستثمارات الواسعة في الإقليم وهو أصبح أكثر قربا من كتله التغيير والإسلاميين الكرد .
من هنا يمكن القول ان الكرد ربما سيرضخون من خلال لطالباني( باعتباره طرفا اقل تطرفا وأكثر قربا من المالكي ولا يرغب ان يحقق منافسه البرزاني نجاحا يحسب له) لعقد صفقة يضمن لهم من خلالها تمرير قانون النفط والغاز مع بعض التعديلات مثلا وهو احد مقومات دولتهم واحد أسباب تفجر الخلاف مع المركز مقابل تنازلهم عن سحب الثقة عن حكومة المالكي... وربما سيدخل الأمريكيون والإيرانيون على الخط لتمرير هذه ألصفقه .
بطبيعة الحال فان المالكي لن يكون مستعدا للتفاوض قبل ان يؤكد له مام جلال ان العدد المطلوب لإقالته قد تحقق فعلا وهو أمر مازال مشكوكا فيه الى ألان... بل وفي تقدير عدد من العارفين بخفايا الأمور فان المالكي يمتلك عددا من الأوراق المهمة لإغراض التفاوض لن يلقيها ألا في الوقت المناسب وهو ما يعرفه الأكراد وقاده العراقية غير المتفقين تماما على ان البديل عن المالكي سيكون أكثر استجابته لتطلعاتهم في الحكومة وصناعه القرار وهم يمارسون لعبه ضغط إعلامي نفسي لإضعاف رئيس الوزراء القادر على ألمناوره أيضا بمهارة فائقة غير متوقعه.
يشير احد السياسيين الكورد في تعليقه على مقالنا السابق الى أن االكورد لا يثقون كثيرا بالعرب السنة ويعتبرونهم (أعداء تاريخيين) لهم منذ تأسيس العراق الحديث وانفجار الصراع مع بغداد في الثلاثينيات من القرن الماضي ولا ينظرون للعديد من قاده العراقية بثقة تامة ومن بينهم رئيس البرلمان النجيفي الذي كان من ألد أعداءهم حتى وقت قريب ويصفون بعضهم على ا نهم من ( تركة البعث ) وان تعاملهم الحالي مع الأكراد براغماتي مؤقت لذا فأنهم من وجهة نظر هذا السياسي الكردي المخضرم ليسوا جادين في المطالبة بإشراكهم في إدارة الملف الأمني او منح الكرد مزيدا من الحقوق كما ان المحافظات التي تشهد مشاكل قومية مع الكورد انما هي في الغالب المحافظات العربية السنية.
لايؤشر الأفق القريب أي انفراج في ألازمه خاصة ونحن لا نعرف حقيقة الحسابات التي لدى اللاعبين من الخارج خاصة واشنطن وطهران وتصوراتهم حول ما ستتمخض عنه بيد ان من المتوقع انه لن يكون هناك رابح كبير او خاسر كبير وان كل الإطراف ستقبل في النهاية ولو بالحد الأدنى لارضاء غرورها وحفظ ماء وجهها ألا ان من الثابت ان تحالفات سياسيه جديدة ستظهر في الفترة القادمة وأولها ان صوره التحالف الوطني والقائمة ألعراقييه ستتغير كثيرا عما كانت عليه سابقا

بوخارست









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عالم مغربي: لو بقيت في المغرب، لما نجحت في اختراع بطارية الل


.. مظاهرة أمام محكمة باريس للمطالبة بالإفراج عن طالب اعتقل خلال




.. أكسيوس: مجلس الوزراء الإسرائيلي المصغر يوافق على توسيع عمليا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من الطلاب المتضامنين مع فلسطين ب




.. مئات المحتجين يحاولون اقتحام مصنع لتسلا في ألمانيا.. وماسك ي