الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاصلاح طريق لتحسين حياة المواطنيين ومدخل لنهضة وطنية رائدة

محمود محفوري

2005 / 2 / 3
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


قلة قليلة من أبناء بلادنا قد لا تلتقي مصالحهم مع الإصلاح، لكن عامة الناس بشرائحهم المختلفة يرغبون به ويسعون إليه ويعملون من أجله إن كان بعفوية خالصة أو عن إدراك. فالحس السليم للإنسان العاقل يتجه بشكل فطري نحو الموقف الصحيح مؤيدا إياه ومتمسكا به. هذا القول يؤكده تشكل رأي عام شامل سلبي عند كل موقف يجانب الحقيقة ويسيء لها ويجيٍر منافع من المفترض أن تعود إلى المجتمع وعليه لصالح قلَة من الأفراد فقط، مختزلا مصالح الشعب إلى مصالح بعض الأفراد.
ومما لا شك فيه أن مصالح الشعب هي من مصالح الأفراد، ولكن صحيح أيضا أن تكون مصالح الأفراد من مصالح الشعب لا أن تختزل مصالح عامة الناس بمصالح بعض الأفراد!!!. من هنا يبدأ الغبن الاجتماعي واللامساواة وعدم تكافؤ الفرص وسقوط مبدأ العدالة الاجتماعية والذي يقود إلى تهديد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية لتحل مكانها تشكيلات يفترض أن الزمن قد تخطاها. هنا تظهر التحزبات المرضية بأشكالها المختلفة القبلية والمناطقية الجغرافية والعرقية وليس آخرها الطائفية والدينية. تنبعث هذه الأدوات القديمة من قبورها لتمعن في التفكيك والفتك بأدوات المجتمع المتمدن التي تشكلت ونمت على مدار مراحل طويلة من الحضارة الإنسانية ومن تراكم التقدم الاجتماعي. وتتصدع الأحزاب السياسية التي لا يمكن أن يدار المجتمع بدونها كحاضنة للتعددية الفكرية والثقافية والاقتصادية ومعبرة عنها، وتضعف النقابات أدوات المجتمع المدني الفعالة للتعبير عن مصالح أصحاب المهنة الواحدة والدفاع عنهم في وجه غابنيهم وتخبو ثقافة الوحدة الوطنية والانتماء للوطن الواحد لتحل محلها ثقافة فئوية هزيلة، وتزداد التوترات الاجتماعية المدمرة وتبرز الجريمة وتزداد البطالة و ..... وغير ذلك الكثير من الآفات الاجتماعية المدمرة للوطن وأبناء الوطن.
من هنا نجد أن الفساد والمفسدين يتحملون جزءا كبيرا من الظواهر السلبية ونتائجها التي تظهر في الحياة اليومية للوطن، المفسدون الذين خانوا ما أوكل لهم من أمانة بصون مصلحة الوطن والشعب وتجييرها لمصالحهم الفردية. وتتحمل كذلك النخبة الوطنية المثقفة قسطا من المسؤولية لأنها لم تقم بما يكفي لسد الطريق أمام موجة المنافسة المرعبة في سباق الفساد والإثراء غير المشروع التي اجتاحت المجتمع وشكلت لفترة من الزمن حافزا قويا في الاندفاع إلى الأمام في عملية فساد وإفساد طالت القيم والأخلاق والمبادىء واستنزفت قدرا كبيرا من ثروات الوطن، وشوهت في طريقها كثيرا من البنى المتينة.
لمواجهة الفساد لا بد من تفعيل دور المجتمع في مراقبة وحماية ممتلكات الشعب وحقوقه وثروات الوطن، تفعيل يبدأ بإيجاد الوسائل التشريعية الدستورية اللازمة أسوة بباقي الأمم المتحضرة التي أوجدت منذ زمن طويل آليات فعالة لحماية أوطانها وشعوبها تقوم على مبدأ احترام التعددية السياسية والاقتصادية والتنوع الاجتماعي وحماية حق الأفراد والجماعات في التعبير عن الرأي بكل حرية تحت حماية القانون عن طريق وسائل التعبير المختلفة، والاحتكام إلى قضاء مستقل غير مسيس، وبحماية إجراءات أمنية تحت سقف الدستور، وتحرير العمل النقابي الوطني ليصبح رائدة مصلحة منتسبيه بعيدا عن التحزب، كل ذلك ضمن آلية دستورية تضمن مشاركة الجميع في إبداء الرأي والمشاركة في اتخاذ القرارات التي تمس حياتهم ومصير الوطن، عن طريق ممثليهم المنتخبين عبر صناديق الاقتراع بعملية حرة ونزيهة، واحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة لما فيه خير الوطن والشعب مع تأمين وبكل حزم كل ما يلزم لحماية أمن وسيادة الوطن.
تحتاج بلادنا في هذه المرحلة الصعبة إلى استنهاض همم كل أبنائها الخيرين وتجنيد جهودهم من أجل الانطلاق بعملية إصلاحية نهضوية شاملة تقود:
أولا: إلى تحسين الأداء في إدارة الاقتصاد والمجتمع مما يحسن مردود العملية الاقتصادية الاجتماعية ويحفز جهود العاملين لرفع نسبة النمو في الناتج القومي والذي بدوره يؤدي إلى تحسين حياة العاملين وينعكس على حياة الشعب بشكل عام من خلال تجديد الإنتاج وتوسيعه وتأمين فرص عمل جديدة وزيادة الجباية في الضرائب وبالتالي عائد الخزينة العامة. إن أحد أهم عوامل تحسين حياة الناس هو من خلال تحسين وزيادة الإنتاج. والثروة تأتي من الإنتاج بالدرجة الأولى؛
ثانيا: رفع مستوى المشاركة السياسية والاجتماعية؛
ثالثا: تحسين الأداء الثقافي والإعلامي والأدبي؛
رابعا: رفع مستوى الأداء العلمي للمؤسسات التعليمية بكل مراحلها والمراكز البحثية وزيادة عددها وعدد مؤسسات التعليم العالي وعدد طلابها ليقترب من نسبتها ونوعيتها في البلاد المتقدمة علميا حيث تصل إلى ما يزيد عن 5% من عدد السكان، علما أن التركيبة العمرية لمواطني بلادنا تركيبة شابة يفترض أن تتسبب في زيادة هذه النسبة فوق ذلك. و يتوجب كذلك أن نوفر عددا وتوزيعا جغرافيا مقبولا للجامعات بحيث يراعي المعيار العالمي أن لكل 400 ألف مواطن جامعة موزعة على المحافظات والمناطق المختلفة.
يتطلب الانطلاق بهذه العملية الإصلاحية النهضوية المصيرية أن نستفيد من جميع الطاقات المادية والفكرية والروحية الكامنة لدى الشرائح المختلفة لشعبنا وتوظيفها لما فيه خيره وخير أجياله القادمة كي تأخذ بلادنا مكانا يليق بها في السباق الحضاري للبشرية كما أخذته في سالف العهد والزمان.
فلنتوحد جميعا دون إقصاء لأحد مهما كان موقعه داخل السلطة أو خارجها من أجل بناء وطن آمن، مزدهر، وشامخ وطيد الاستقلال والسيادة تحترم فيه كل تطلعات الأفراد والجماعات في الحياة الكريمة وفي الحرية والمساواة.

د. محمود محفوري : رئيس المكتب السياسي في حزب النهضة الوطني الديمقراطي في سوريا
www.alnahdanews.com
www.alnahdaparty.com








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لماذا استبعدت روسيا ولم تستبعد إسرائيل من مسابقة الأغنية -يو


.. تعليق دعم بايدن لإسرائيل: أب يقرص أذن ابنه أم مرشح يريد الحف




.. أبل تعتذر عن إعلانها -سحق- لجهاز iPad Pro ??الجديد


.. مراسلنا: غارة إسرائيلية على بلدة كفركلا جنوبي لبنان | #الظهي




.. نتنياهو: دمرنا 20 من 24 كتيبة لحماس حتى الآن