الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الباشوات- في الهواء الطلق

إبراهيم عبدالمعطي متولي

2012 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تحول مؤشر الأحداث في مصر بعد النطق بالحكم على الرئيس السابق وصديقه حسين سالم وابنيه "علاء" و"جمال" ووزير داخلية الأسرة ومساعديه، أعادت الأحكام الدماء إلى جسد الثورة، وأثبتت أن الثورة تهدأ لكنها لا تموت. في جلسة النطق بالحكم، صعد بنا القاضي إلى أعلى درجات التفاؤل بحكم رادع يجعل من يجرؤون على العبث بمقدرات هذا البلد عبرة للجميع، لكنه هبط بنا إلى أسفل سافلين عندما نطق بحكم لم يرقَ إلى حالة الجلال التي أوصلنا إليها بعد استماعنا إلى استهلاله. ذهل الجميع ولم يصدقوا ما يصل إلى أسماعهم، علاء وجمال وحسين سالم لم يسرقوا الشعب أو ينهبوا مقدراته أو يأكلوا أمواله في بطونهم ظلما وعدوانا، ومساعدو العادلي بريئون من كل روح أزهقت في ميادين مصر عند بدايات اشتعال الثورة المصرية، وليسوا مسئولين عن أي قطرة دم أريقت في الأيام الأولى للثورة.
من قتل المصريين وأهدر دماءهم؟ الفاعل مجهول، وقد يكون الفاعل كائنات فضائية غريبة هبطت إلى الأرض واختطفت أرواح المصريين وأسالت دماءهم. كل ما يحدث هزل في هزل، نشاهد "مسرح العبث" عندما نرى أمام أعيننا بعض أركان النظام السابق يُحاكمون على جرائم ارتكبت خلال ثمانية عشر يوما فقط، ونغفل عصرا بأكمله نهبت فيه البلاد نهبا لم تشهد مثيلا له من قبل على أيدي مجموعة من المصريين وليس المحتلين الأجانب، لوثوا غذاءنا بالمبيدات وقدموا لنا مياها مملوءة بالجراثيم وجعلونا نتنفس هواء بعبق الرصاص والمعادن الثقيلة، فتركوا أجساد المصريين تئن من أمراض لم يعهدوها، وضاعت الصحة التي كان المصري يفخر بها. شغلونا بمحاكمات هزلية، وسحبوا من المصريين الشعور بأنهم أنجزوا ثورة عظيمة، وأعاد المجلس العسكري طريقة "مبارك" في إشغال المصريين بالأزمات، حتى يكرهوا الثورة والثوار.
اليوم، من حق مساعدي "العادلي" أن يفعلوا ما يشاءون، يجلسون في بيوتهم، يخرجون إلى الشوارع وسط حراسات مشددة، يستمتعون بمساكنهم الفارهة، يذهبون إلى شواطئهم الخاصة، يسافرون للترفيه عن أنفسهم في أي بلد تختاره أسرهم. لكن، هل يكتفون بهذا؟ إن أخطر شيء يمكن أن يفعلوه هو أن يتصلوا بأتباعهم في جهاز الشرطة وأن يجتمعوا بهم ويضعوا لهم الخطط للانتقام من الشعب المصري الذي انتفض على سادته من الباشوات ونقلهم من خانة "السجَّانين" إلى خانة "السجناء"، وهز إمبراطوريتهم التي صنعوها تحت رئاسة قائدهم "العادلي"، وجعلهم يعيشون أياما لا ينسونها.
واهم أشد الوهم من كان يظن أن ثورة الشعب المصري لن تستمر طويلا وأنها ستخمد في يوم ما إلى الأبد. اقرأوا التاريخ جيدا تدركوا أن هذا الشعب لم يتوقف عن الثورة على الظلم، لكنه كان مسالما مع حكامه بعد ثورة يوليو، لأن هؤلاء الحكام مصريون، ولم يكن الشعب يرضى بأن يثور على أبناء جلدته، ولما فاض الكيل وبلغ السيل الزبى، ووجد الناس أن المحتلين الأجانب كانوا أرحم من ابن وطنهم "مبارك" ورموز نظامه، انتفضوا عليهم وأعلنوا رفض من أفسدوا حياتهم. وقبل ثورة يوليو، كانت الانتفاضة والثورة على الظلم عادة مصرية. ومثال ذلك، أن الشعب لم يتوقف عن الثورة ضد الحملة الفرنسية، ولم يهنأ الفرنسيون بالمعيشة في مصر، واضطروا إلى أن يرحلوا عنها بعد ثلاث سنوات فشلوا خلالها في أن يخدعوا الشعب.
لن يتوقف الشعب حتى يكمل ثورته. الثورة ما زالت في البداية لم تكمل حلقاتها. الشعب المصري لن يعود إلى الوراء، ولا تنسوا أن الوعي السياسي يزداد، والبسطاء ليسوا أقل من المتعلمين في هذا الأمر، فالهم واحد والهدف واحد والحلم واحد، هو الوصول إلى مصر الخالية من الفساد والواقفة على أعتاب التقدم والازدهار، لنفخر جميعا بوطن نبنيه بعقولنا وسواعدنا، حفظ الله مصر من كل سوء.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا تعلن أسقاط 4 صواريخ -أتاكمس- فوق أراضي القرم


.. تجاذبات سياسية في إسرائيل حول الموقف من صفقة التهدئة واجتياح




.. مصادر دبلوماسية تكشف التوصيات الختامية لقمة دول منظمة التعاو


.. قائد سابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية: النصر في إعادة ا




.. مصطفى البرغوثي: أمريكا تعلم أن إسرائيل فشلت في تحقيق أهدف حر