الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديمقراطية هي الحل !!

جورج حزبون

2012 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية



لا شك إن الثورات العربية بدأت تدخل مرحلة الحسم ، والأمر لا يستند إلى مفهوم ( الضربة القاضية ) ، بل إلى إنهاء مرحلى الاستدلال ، بعد إن كانت تهتم بإسقاط الاستبداد ، أصبحت تهتم بالخيار الديمقراطي ، وهي حالة تشمل كافة المواقع التي تحركت فيها الثورات الشعبية ، بغض النظر عن كونها استمرت سلمية او عسكرية او الاثنين معاً ، فهي جميعاً وصلت في صراعها وتصارعها إلى إن الأمر يحتاج ألان إلى ترسيم نظام ذا توجه ديمقراطي ، من اليمن إلى ليبيا وسوريا ، والى أيضا المواقع التي تتفاعل فيها الجماهير لإنهاء الوضع الراهن ، مثل الجزائر والأردن والبحرين وربما مواقع أخرى ستتوضح حالها قريباً .
وحسب واقع كافة الثورات في التاريخ ، تظل هناك قوى الثورة المضادة ، مكونة من مجموعات المنتفعين من السلطة الساقطة ، وغايتهم حرف الثورة ، وإقامة نظام يحافظ على مصالحهم ، ليستمر استغلال الشعب وقمعه بأساليب جديدة ،او اعادة انتاج النظام بشكل يتلائم مع المرحلة، وفي حالنا العربي تضاف الى تلك الثورة المضادة ، دول حافظت حتى الان على كيانها بغطاء ديني تعمل على تصديره ، لتحقق هدفين ، الأول ، رسالة الى مواطنيها على انها الشكل المثالي ، وثانياً ، لإقامة أو تحويل الثورات الى نماذج مستنسخة عنها ، حتى تتمكن من الهيمنة باعتبارها النموذج، وبالتالي الأكثر خبرة ومعرفة ، وتستفيد من كل ذلك بسيطرتها على الثروات المتكدسة لمجتمعات فقيرة وأمية ، مبررهم أنهم سدنة المقدس .
وبحكم طبيعة المرحلة التاريخية الراهنة ، وتتطور رأس المال العالمي ، وتوسع الحاجة إلى الأسواق باستمرار ، خاصة ذات النزعة الاستهلاكية ، ومنها المنطقة العربية فان الثورة المضادة تصبح ذات امتدادات عالمية بعضها بصلة مباشرة والأخر بصفة نفعية برجوازية صغيرة تنتظر دورها بدعم عالمي وسلطة محلية يطمحون لها .
وهنا تتلاقى المصالح الإقليمية الراجفة لحالها والساعية لإفشال واحتواء الثورة ، والعالمية الساعية للهيمنة السياسية والاقتصادية على سوق ضخم واستهلاكي ، ومصدر أساسي للطاقة ولطرق الموصلات العالمية ، وهكذا يتشكل تحالف واسع لمواجهة الثورة وإجهاضها ، والى جانب ذلك وبحكم التجارب التاريخية لشعوب المنطقة رغم غياب الحزب القائد ، او برنامج واضح محدد للثورة ، فان نجاح عملية الثورة المضادة رغم ما تملك من قدرات لا تستطيع النجاح ، قد تعطل ، وقد تعيق في مرحلة او موضوع ، لكن المدخل الأولي لنجاح الثورة المضادة هي توفر قاعدة اجتماعية تستند اليها لتنفيذ مخططاتها منها السياسية ومنها العسكرية التي يجري التفكير بها لسوريا .
بالطبع الامر في سوريا مختلف تماماً فقوى الثورة محقة في طلب الديمقراطية ، والسلطة القائمة مستبدة ومتفردة وقمعية ، لكن الإشكال هنا ان المعارضة الرئيسية مدفوعة من المال الإسلامي السعودي والخليجي ، وتهدف الى إقامة دولة إسلامية لا تستطيع ان تكون بديلاً بل ستكون كارثة في بلد تقسيمه المحرمات ،واضعافة أيضا ، بحكم الموقع والتأثير ، فإسقاط سوريا بذلك البديل سيؤدي الى فوضى في ركن عربي اساسي يفجر لبنان ويقسم سوريا وينهي القضية الفلسطينية، سواء بالاتفاق او بالتغاضي او على طريقة الهدنة عام 1949 ، التي نصحت ووقعت عليها الدول العربية لتصبح حدوداً معترف بها دولياً وعربياً ، وذلك ان قوى الإسلام السياسي هي حالة تحالف مع القوى العالمية المتفقة جميعاً على الهيمنة والاستغلال ، فلنقرأ تاريخ إقامة المملكة السعودية ، حيث هي نتاج تحالف بين الأسرة السعودية والتيار الوهابي بمباركة بريطانيا حسب قرأت اتفاقية ( دارين عام 1915 ) حين اعترف الانجليز بعبد العزيز ملك على الإحساء والقطيف مع وعد بيرسي كوكس بحكم حائل بدل إل الرشيد وحكم الحجاز بدل الهاشميين ، وهنا ترسخت تجربة التحالف بين السلطة والدين السياسي كوسيلة ناجحة في الوصول الى السيطرة .
بالطبع الثورة تعمدت بالدم ، وبهذا لا يمكن تراجعها لعدة أسباب اولاً بحكم التربية والثقافة العربية، هناك وفاء للشهداء يقتضي الاقتصاص من القتلة ، ثانياً: لقد حققت الثورات مكاسب ابسطها التحرر من رهبة الاستبداد ، وبذلك فقد أصبح غير ممكن إعادتها إلى السابق بعد زوال حاجز الرعب وبعد تحقق تجربة العمل الجماعي الشعبي ، وثالثاً : لان النجاح يحفز التواصل ، وعموماً يجعل من فرص الثورة المضادة بكل إمكاناتها ضعيف وغير قادر على تحقيق مبتغاه ، ولهذا بالضبط تم إدخال الدين كفكر يمكن تطويعه لتمرير مقتضيات الثورة المضادة ، ولكبح الحراك الشعبي ، وهو رهان قد يحقق نجاح كما حصل عند انتخابات مجلس الشعب المصرية ، حيث تعلم الشعب بتجربته طبيعة قوى الإسلام السياسي وماهيتها ، صحيح يظل لها حضور بفعل طول تجربتها وإمكانياتها المدعمة من البتر ودولار ، الا انها هي بالذات تدرك ان هيمنتها ووصايتها وبفعل نهجها على الأرض وتحالفاتها الخارجية، لن تسمح لها بأخذ الثورة الى طريقها الذي رسمته له ، وغير بعيد ملاحظة ذلك التطور في تونس التي رغب حكامها الاسلامين في الظهور بليبرالية ، ومع ذلك أخذت معطيات الحكم تحتم عليهم التقرير بالمنهج بين الدولة والدين ، بين ادارة الحكم ووصاية الإفتاء ، فقد أصبح هناك نظام عالمي يفرض حضوره من الأمم المتحدة الى البنك الدولي ، الى منظمة التجارة العالمية حتى الى حلف الأطلسي ، مما جعل حالة تكامل عالمي لنظام حكم بين دول العالم ، لم يعد يستطيع الدين بالقائمين عليه وتفسيره التعامل مع العالم حتى لو انقطعوا ان استطاعوا عن التعامل مع العالم .
وهنا نتطلع قيادة الثورة المضادة العالمية الى انتهاج سيناريو أكثر غموضاً ، فهي تتعامل وحتى تتحالف مع الإسلام السياسي ، وقد فعلت ذلك كثيراً عبر التاريخ ، كمدخل لدور غير مباشر ، ثم حين يستنزف ذلك التحالف تكون قد جهزت لدورها المباشر بوسائل كثيرة لعل منها العمل العسكري مثل ذلك الذي تسعى أميركا لشنه على سوريا بتحالف خارج الأمم المتحدة كما فعلت مع البلقان ، حيث قصف الناتو ودمر 14 دبابة و 373 مصنع وقرار بيع 70% من الشركات الوطنية، الى مستثمرين أجانب ، وفي مجمع برشينيا المقدر بخمسة مليارات دولار استولى عليه 2900 جندي برصاص مطاط وقنابل غاز ، والغاية الاستيلاء عليه فهو قطاع عام ، والعبرة أنهم اهتموا بتدمير صناعات البلد وليس قوته العسكرية فقط لابقائه سوق استهلاكي بعد تدمير قدراته الاقتصادية ، وما جرى في العراق معروف ايضاً ، اذن تحقيق المصالح أكثر أهمية من امن الشعوب ، واسقاط النظام سيكون ممراً لتدمير البلد وخلق الفوضى ومنع الاستقرار ، وهنا يكون ممكناً تنصيب قيادة تقبل بما يريدون وليس فقط فرض الشريعة التي ليست همهم ، بل إعادة تغير جيوسياسي للشرق الأوسط وحل أمر الجولان باتفاقية ما ؟! ، وتقسيم البلاد من المحيط إلى الخليج .
وبالتأكيد تبقى الأنظمة المستبدة سبب قمع الشعوب وفتح الطريق إمام كافة الانتهازيين محلياً ودولياً للهجوم على الوطن وتحقيق غاياتهم ، وفي الحالين تكون الديمقراطية هي تحصين الوطن وتطويره فقط ، وعلى كافة الأنظمة الإدراك انه بممارستها تستبيح بلادها وتسقط ذاتها ، وان الثورة ستستمر وفقط يمكن إعاقتها لكنها تتمكن من النصر وان أصبح الثمن اغلى، وستقوم الديمراطية عربيا من حيث هي الحل والمصير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الديموقراطيه جهاز الكتوني حساس
صابر صامد ( 2012 / 6 / 11 - 12:27 )
الاخ العزيز ابو يوسف ،
تحية ومحبة
اذا كانت الديموقراطيه جهازا الكتونيا حساسا للغاية فانه ليس باستطاعة اي فرد استخدامها وانما يجب على مستخدمها ان يكون على درجة معينة من الوعي الحضاري والثقافي التي تسمح له بالاختيار بين عدة اشياء وضعت امامه او اختيار سياسة حزب معين والتصويت له اذا ما كان على الساحة العديد من الاحزاب والسياسات المطروحة .
نعم الديموقراطية شيء رائع لكنها في مجتمع مغسول الادمغة هي
قرار - كمي - وليس عن وعي حضاري وثقافي محدد.
لذلك وان كنا بأمس الحاجة الى الديموقراطية فاننا نتطلع الى قيادة وطنية سياسية واعية ديموقراطية تأخذ بعين الاعتبار حاجة الشعب في الحرية والتطور وتساعده على بلوغ اهدافه عن بناء مؤسسات وطنيه هدفها خدمة الجمهور وليس استثماره سياسيا واقتصاديا.
مع كل تمنياتي لك بالصحة والعافية ودوام الكتابة .
مع الاحترام

اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة