الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما هي البدائل المتاحة لإسقاط النظام الذي يبحثها زعماء العالم؟

نادية حسن عبدالله

2012 / 6 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


الخيارات المتاحة لإسقاط النظام، التي يبحثها زعماء العالم ... هل هي خيارات سلمية، أم يتوجب اللجوء إلى الخيار العسكري، أم أن هناك خيارا ثالثا؟

يقول الخبراء أن الحل من وجهة نظر المجتمع الدولي، سيكون نتاج تفاعل بين الخيارين العسكري والسياسي، رغم إن ما يحدث في سورية من مجازر ومن تزايد العنف غير المسبوق بالطبع يؤثر على فرص الحل السياسي، وقد بدأ التحول الاستراتيجي نحو التفكير بجدية من قبل المجتمع الدولي في الحل العسكري بعد مجزرة الحولة (1). وبما أن فرص الحل العسكري قد تواجه عراقيل نتيجة "للفيتو" التي تستعمله روسيا والصين للدفاع عن النظام، بدأ بالتفكير أيضاً ببدائل أخرى...

وفي تحليل الاستراتيجيات الممكنة لإسقاط النظام كما يراها الخبراء الدوليين، تبدو الخيارات أمام الحراك السوري، خيارات كلها صعبة ومرة ولا يمكن التكهن بنتائجها، حيث دخلت الثورة السورية في نفق مظلم ومسدود، ورغم كثرة الدماء إلا إن النظام العالمي يواجه تحديات كثيرة في التدخل عسكريا، فالولايات المتحدة الأمريكية تعول على الزمن مع إيقاف القتل في حده الأدنى من اجل تأكل النظام بشكل تدريجي رغم انه لم يحقق شيئا من النقاط الست التي أعلن عنها كوفي انان بدعم من مجلس الأمن، ورغم عدم تحقق أي شيئ من هذه النقاط إلا ان أمريكا لا تزال تراهن على تفكيك عناصر القوة التي يستند عليها النظام خصوصا في الساحة الميدانية. الولايات المتحدة الأمريكية لن تتحرك إلا بعد ان تتأكد ان النظام السوري بدا ينهار وبدأت الانشقاقات تزداد داخله ، وأنه انهار بشكل كامل اقتصاديا وسياسيا، وبدأت تدب الفوضى الأمنية في سوريا، وبدأت الفوضى الأمنية والعسكرية تهدد امن اسرئيل خوفا من ان تصبح الأسلحة الثقيلة أو ربما الكيماوية (إذا كانت فعلا موجودة) في يد جماعات غير معروفة خصوصا إذا كانت جماعات متشددة، وهنا فقط قد يكون التدخل العسكري، حيث ستتدخل أمريكا لحماية امن إسرائيل عن طريق انشاء ممرات أمنة بالتحالف مع تركيا والدول الأعضاء في حلف الناتو تحت قيادة الولايات المتحدة الأمريكية (2).

المجتمع الدولي يضغط باتجاه الحل السياسي، ولكن هل يمكن هزيمة النظام بالوسائل السياسية؟ وخاصة من المعروف عن هذا النظام انه نظام محترف في المراوغة ونظام دموي لا يرحم ولذلك نجده مستمر في القتل وإعادة انتشار آلياته الثقيلة في مدن جديدة وخارج المدن. عندما يتحدثون عن الوسائل السياسية، نتساءل ما هي هذه الوسائل في ظل انعدام إمكانية الحوار مع نظام مجرم ودموي، وما هي البدائل الممكنة غير الحل العسكري والسياسي التي يتكلم عنها المجتمع الدولي وهيئة الأمم المتحدة.

المحكمة الجنائية الدولية

قرر مجلس حقوق الإنسان نقل الملف السوري برمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، ماذا يعني ذلك؟ طبعا هذا يتطلب قرار لمجلس الأمن، ولكن الأمر يكون مختلفا بين قرار لمجلس الأمن (يفرض الحل العسكري) وبين قرار لمجلس الأمن (يطالب بتحويل الملف إلى المحاكمة الجنائية والعدالة القانونية)، كما يتطلب هذا الموضوع إجراءات قانونية وتوثيق واثبتات للإدانة.

في الوقت الحالي ليس لمكتب المدعي العام لمحكمة الجنائية الدولية اختصاصا للتحقيق في الجرائم ضد الإنسانية، نظرا لان سوريا ليست دولة مشاركة في نظام روما الأساسي المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، كما أنها لا تعترف باختصاص المحكمة".بيد أن المدعي لفت إلى أن "مجلس الأمن الدولي يستطيع مع ذلك إحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية إذا اعتبر أن العدالة يمكن أن تساهم في إحلال السلام والأمن في هذا البلد".

كما يمكن للدول المصادقة على المحكمة أو مجلس الأمن الدولي أن تحيل على المدعي العام قضايا تتعلق بالجرائم التي تختص المحكمة بالنظر فيها، كما يمكن له أن يبادر بفتح تحقيق في أي قضية يرى أنها تستحق ذلك. ويفرض قانون المحكمة على هذه الدول أن تتعاون معها في التحقيقات والمتابعات التي تباشرها، بأن تسلم المتهمين إن كانوا من مواطنيها، أو تعتقلهم وتسلمهم إن دخلوا أراضيها، وبأن توفر كل الوثائق المتوفرة لديها في أي قضية تفتح المحكمة التحقيق فيها.

الخطوة الأولى في هذا الاتجاه قد بدأت، حيث قام مجلس حقوق الإنسان بتكليف لجنة التحقيق الدولية بتوثيق الجرائم ضد الإنسانية والمجازر الوحشية، وفي حال تم الإجماع على نتائج التحقيق بإدانة النظام السوري في ارتكاب الجرائم ضد الإنسانية في مجلس حقوق الإنسان وتحويله لمجلس الأمن، ستقوم المحكمة الجنائية الدولية بدورها لمحاكمة كل من قرر وشارك وسهل وقام بتنفيذ المجازر ضد الإنسانية والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وماذا بعد ان توثق كل المجازر والجرائم ضد الإنسانية؟ ماذا بعد في حال استعملت الروس والصين حق النقض (الفيتو) لمنع محاكمة النظام في المحكمة الجنائية الدولية؟ هل هناك أي حلول أو بدائل للعمل من اجل حماية الشعب السوري؟

قرار الاتحاد من أجل السلام Uniting For Peace Resolution الذي اتخذته الجمعية في 3/11/1950 تحت الرقم (377/5)

ان الإسراف في استخدام حق النقض (الفيتو) من قبل روسيا والصين يعرقل كل الجهود الدولية من أجل إيجاد حل للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سورية، لقد كان دائما (الفيتو) يعرقل جهود السلام العالمي من أجل مصالح دولية خاصة وصراعات بين الدول الكبرى. والمعروف ان الدول الكبرى ( الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن) يستخدمون حق النقض في مجلس الأمن مما أدى إلى فشل مجلس الأمن من ان يقوم بدوره في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.

وبسبب الشلل الذي أصاب مجلس الأمن الدولي بسبب (الفيتو), كان من الطبيعي ان تفقد الدول ثقتها في نظام الأمن الجماعي، وكان أيضاً من البديهي ألاّ تطمئن الدول إلى الترتيبات التي يتضمّنها، أو تعتبرها ضمانة كافية لتحقيق أمنها الوطني، ولذلك بدأت تبحث عن ترتيبات أخرى خارج نطاق منظمة الأمم المتحدة وإطارها، فوجدتها في الأحلاف السياسية والعسكرية، وأهمها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وبدأت الدول بالبحث عن نظام بديل لقرارات مجلس الأمن وعملت من أجل ( نظام بديل أو الاتحاد من أجل السلام) وهذا يعني إعطاء دور للجمعية العامة للأمم المتحدة, بسبب عجز مجلس الأمن الدولي عن القيام بدوره في حفظ السلم والأمن الدولي وفقاً للميثاق وذلك بسبب الاستعمال المسرف لحق النقض. وقد كان هناك بالفعل دور كبير للجمعية العامة أثناء الحرب الكورية عام 1950, ودور مفقود في المجر عام 1956 ودور أفضل في عام 1956 في مصر أثناء العدوان الثلاثي عليها.

لذا ليس من الصعب على الجمعية العامة للأمم المتحدة ان تتخذ قرارا لحماية الشعب السوري، ان العجز المستمر لمجلس الأمن باتخاذ قرار لحماية المدنيين في سورية أصبح جريمة ضد الإنسانية بحد ذاته عندما يقف المجتمع الدولي كله متفرجا وشاهدا على المجازر بدون ان يتحرك بشكل جدي لحماية المدنيين. وقد يبدو قرار الاتحاد من اجل السلام هو الحل الوحيد أمام المجتمع الدولي لحماية المدنيين في سورية. حيث إن أية توصية للجمعية العامة في إطار قرار "الاتحاد للسلام" هي توصية تتمتع بالإلزام، لأن أحكام القرار تنص على إصدار مثل هذه التوصية في حالة إخفاق مجلس الأمن في التوصل إلى حل للمسألة قيد البحث التي تهدد السلم والأمن الدولي، وبالتالي فإن الجمعية العامة في هذه الحالة تكون قد تولت جانبا هاما من جوانب وظائف مجلس الأمن الذي عجز هو عن القيام بها. ما نريد أن نوضحه هنا، هو ما يمكن أن نسميه (الالتفاف) على مجلس الأمن، كهيئة من هيئات منظمة الأمم المتحدة، والتوجه إلى هيئة أخرى كل الدول صغيرها وكبيرها متساوية فيها، لأنها كلها تملك حق التصويت المتساوي، ولا يمارس فيها حق النقض، ونقصد بها الجمعية العامة للأمم المتحدة وذلك في حال الفشل باستصدار قرار من مجلس الأمن. ويمكن بالفعل اللجوء إلى هذه الجمعية العامة بغرض استصدار قرار يحيل إلى المحكمة الجنائية الدولية قضية اُرتكبت فيها جريمة من الجرائم التي أشارت إليها المادة 5 من نظام المحكمة الجنائية الدولية.

وقد تحركت الجمعية العمومية بالفعل، وعقدت جلستها في 16/02/2012 لمواجهة الوضع في سوريا فاستطاعت أن تعتمد قراراً يدعم جهود الجامعة العربية لحل الأزمة في سوريا بتأييد 137 دولة ومعارضة 12 دولة وامتناع 17 دولة، كما أدانت بشدة الاستمرار الواسع والممنهج لإنتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات السورية، كما وطالبت الحكومة السورية بوقف كل أشكال العنف وحماية مواطنيها.

تدخل الثورة السورية مرحلة جديدة ومختلفة على كل المستويات، وذلك انطلاقاً من كون مجزرة الحولة قد أسست لواقع جديد وخاصة في ظل تأكيد لجنة المراقبين الدوليين ارتكاب المجزرة وهنا علينا حماية كل الشهود لأن دماء شهداءنا هي التي ستكون الشعله لإنجاح الثورة ووضعها بمسارها الصحيح.

ان النظام القمعي يستخدم كافة الوسائل المشروعة وغير المشروعة بما فيها المجازر ضد الإنسانية واستخدام مختلف صنوف الأسلحة لإخماد نيران الثورة الملتهبة لإنقاذ نفسه من جهة وإنقاذ ماء الوجه لكل من روسيا والصين بعد أن غامرت الدولتان بموقف لن يكون بلا ثمن، لذلك فمن المتوقع ألا يقف دعم كل من روسيا والصين عند حدود الدعم الدبلوماسي للنظام، بل سيتعداه إلى الدعم العسكري والاقتصادي.

لقد وضع الفيتو المزدوج الوضع في سوريا على سكة الفوضى والصراع ودفعها باتجاه العنف والعنف المضاد، وستتحول البلاد نتيجته (الفيتو) إلى بركة دماء بسبب استعجال النظام عملية الحسم الواهمة واستمرار صمود الثورة، هي إذاً مرحلة الصراع على سوريا ومرحلة صرع شعبها على أيدي نظام سيتمسك بالسلطة حتى لو قتل آخر سوري.

قد تكون الآمال في توحد المعارضة الثورية السورية أمر صعب أو مستحيل في ظل صراعهم المستمر رغم المذابح الدموية للشعب السوري... هل تجمعهم المجازر ودماء شعبنا بعد ان فرقهم الصراع على المصالح.

******************
المراجع
1- وزير الخارجية البريطاني.
2- ما بين خيار الحرب الأهلية وخيار التدخل العسكري في سورية
د.عبد الحفيظ عبد الرحيم محبوب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع