الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارون على شفا الهاوية

فايز صلاح أبو شمالة

2005 / 2 / 3
القضية الفلسطينية


أمام مبنى رئيس الحكومة في القدس، نجح المستوطنون في تجنيد ما يقارب ربع مليون يهودي وفق تقديرات صحيفة (هتسوفيه) وكما ذكرت صحيفة هآرتس على لسان منظمي المظاهرة، أما صحيفة معاريف فقد اعتبرت ما حصل أكبر مظاهرة في تاريخ القدس، وأطلقت عليها أم المظاهرات، رغم التقديرات الرسمية التي قالت أن المظاهرة لم تتجاوز المئة والخمسين ألف، لقد شارك في نقل المتظاهرين ألف حافلة خلافاً للسيارات الخاصة، في عملية منظمة ومرتبة، وكانت المظاهرة تحت عنوان: ( إخلاء المستوطنات لن يمر، دعوا الشعب يقرر) وطالب المتظاهرون بالاستفتاء العام على خطة شارون للانفصال عن قطاع غزة.
لقد عكست منصة الخطابة تآلف أطراف اليمين إلى جانب المستوطنين، فكان على المنصة أعضاء كنيست من متمردي حزب الليكود، حيث قال (عوزي لنداوي) بلسانهم: إن هذه الحكومة حكومة ترحيل اليهود، أما ممثل حزب مفدال الديني، (آفي إيتام) الذي أكد لشارون: نحن هنا لئلا تمر الدكتاتورية، لن نسمح بنزع حق الشعب في الاختيار، ذات يوم تشكلت لجنة وفصلتك عن وزارة الأمن، فإذا اقتلعتنا ستقوم لجنة لتقعدك في البيت.
هذا يحدث في المجتمع الإسرائيلي الذي تتبادل فيه الأحزاب الحكم بمقدار تمثيلها في صندوق الانتخابات، وبالتالي سيكون لمثل هكذا مظاهرة ألف معنى ودليل، وأمام شعارات المتظاهرين المطالبين بالعودة للشعب كي يحسم الخلاف بين المستوطنين والحكومة، لا يجد رئيس الوزراء من بد غير مراجعة الحساب، وليس أمام أعضاء الكنيست من الأحزاب اليمينية غير سحب الثقة من هذه الحكومة التي سترحل اليهود عن أرضهم على حد زعمهم، لقد قدم قائد القطاع الشمالي في حكومة شارون استقالته من وظيفته من على منبر الخطابة أمام المتظاهرين، احتجاجاً على خطوة الفصل.
لقد تحدى المتظاهرون شارون بالديمقراطية، وطالبوه بأخذ التفويض من الشعب، وفي ذلك ما يؤكد على ثقة المستوطنين بسلامة نهجهم الفكري الذي قامت عليه أسس دولة إسرائيل، وفيه إشارة على أن اليهود بجلهم على قلب رجل واحد ضد التخلي عن الأرض، وفي تعليقهم لصورة شارون التي كتب تحتها ( أنا أتجاهلكم جميعاً) إعلان تمرد على رئيس حكومة يتمرد على الأغلبية، أو يخاف الفشل على مشروعة السياسي لو عاد به إلى الاستفتاء الشعبي، لقد اظهر المتظاهرون شارون وكأنه لا يمتلك أغلبية داخل الشارع الإسرائيلي، وإن امتلك أغلبية داخل الحكومة والكنيست حتى هذه اللحظة، فنادوا عليه:
يا رافض الديمقراطية، يا شارون ليس لك تفويض من اليهود، وليس لك حق تمزيق الشعب اليهودي.
هذه الشعارات التحريضية لا تأذن للجيش الإسرائيلي بتنفيذ مهمته في إخلاء المستوطنين فيما لو صدرت إليهم الأوامر بذلك، وهذا ما يسعى إليه بجد واجتهاد المستوطنون، إنهم يبذرون عدم الثقة بقرار الحكومة، ويزرعون التشكيك في سلامة خطة الفصل، ما دام رئيس الوزراء يتخذ قرارات مصيرية بعيداً عن الاستفتاء الشعبي، ففي لقاء استمر ساعتين بين موشي يعلون رئيس هيئة الأركان في الجيش الإسرائيلي مع رؤساء تجمع غوش قطيف، طالب رئيس الأركان من المستوطنين شجب الألفاظ التي يرددها المستوطنون ضد قيادة الجيش وجنود، فرد عليه رئيس مجلس شاطئ غزة (أفنر شمعوني) ونحن نطالب رئيس هيئة الأركان موشي يعلون بعدم تدخل الجيش في القضايا السياسية.
لم يقف تأثير المستوطنين على القرار السياسي في إسرائيل عند حدود رفض خطة الفصل، فقد بات مجلس المستوطنين يتدخل في شئون مجلس الوزراء؛ إذ طالب باستقالة وزيرة الاتصالات (دالية إيتسك) التي اشتكت من سلوك المستوطنين الذين يثيرون العالم ضد اليهود بارتدائهم الملابس التي تذكر بالنازية، بل وأسهموا في إثارة اللاسامية ضد اليهود، وذهبت الوزيرة الإسرائيلية إلى القول بأن المستوطنين يتركون أولادهم في مفارق الطرق يوزعون النشرات التحريضية، ويتعرضون للخطر، والأولى بهم أن يكونوا إلى المدارس.
هذه الأقوال أغضبت وزيرة التعليم (مائير لبنات) التي قالت لدالية: أنت تقزمين اللاسامية بكلامك هذا، في الوقت الذي تثار فيه قضية اللاسامية على مستوى العالم، هذا القول يسبق لقاء وزيرة التعليم مع حزب شاس في خطوة تسعى من خلالها للإسهام في توسيع الائتلاف الحكومي، وحجتها في ذلك؛ أن هناك شريك فلسطيني قادم لمرحلة الفصل، أي أن وجود شريك فلسطيني بات نقطة تفاوض، وبات وسيلة إقناع لباقي الأطراف الحزبية في إسرائيل بأهمية الخطوة.
تفاعل خطة الفصل داخل المجتمع الإسرائيلي في مراحلها الأولى بعد، فإذا كانت هذه البدايات النظرية، فكيف سيتطور الوضع مع بداية التنفيذ العملي للخطة؟
لقد أطلق شارون الأيديولوجي الحزبي اليميني فكرة الاستيطان في رمال قطاع غزة قبل ثلاثين عاماً، ظناً منه في حينه إن ذلك مجدياً لدولة إسرائيل، ولكن شارون السياسي توصل اليوم إلى نتيجة عكسية بشأن ذلك، فهل يستطيع شارون السياسي أن يلجم المارد الاستيطاني اليهودي، ويعيده إلى القمم؟ هذا ما يتشكك فيه كل متابع لتاريخ المستوطنين، تاريخ دولة إسرائيل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرسيليا على أتم الاستعداد لاستقبال سفينة -بيليم- التي تحمل ش


.. قمع الاحتجاجات المتضامنة مع غزة.. رهان محفوف بالمخاطر قبيل ا




.. غزة: ما هي المطبات التي تعطل الهدنة؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. البنتاغون: الانتهاء من بناء الميناء العائم الذي سيتم نقله قر




.. مصدر مصري: استكمال المفاوضات بين كافة الأطراف في القاهرة الي