الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتهازية السياسية و المحاكمة

عماد عبد الملك بولس

2012 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تأبي السياسة المصرية الثورية إلا أن تتربع علي قمة البراجماتية (النفعية و الانتهازية السياسية) بما قد يخالف الخلق الرفيع من تقدير المقامات و الترفع عن إذلال الضعفاء.

فالناظر إلي المشهد يري فئتين ضربتا بأحكام القضاء عرض الحائط و نصبتا من نفسيهما قضاة للقضاة، برغم أن اجراءات التقاضي لا تنتهي و لا تفرغ، و أدوات العدالة متاحة و تكاد تكون مجانية، و تلقفتا الفرصة الساخنة للنفخ في نار العاطفة للمرة المائة ألف، و لتهييج جهلاء الشعب الذين يتمنون الفرصة للاحتفال و الرقص، حتي علي جثة العدالة.

الفئتان المخطئتان و اللتان أرهقتا الشعب المريض و التائه و المتعب من الحياة ذاتها، هما الأخوان المسلمون و اليساريون الثوريون، برغم عدم التقائهما الأيديولوجي، التقيا علي البراجماتية الآن و في هذا الموقف الدفاعي (!) لأحدهما و الهجومي للآخر، فالأخوان يهجمون علي شفيق خلف ستار المحاكمة بالعزف علي نغمة الشهداء، بهدف الانتقاص من رصيده الشعبي المتنامي، و اليساريون الثوريون لا تفوتهم الفرصة للتشدق بنفس أغنية الشهداء و المصابين المساكين (وهم كمحرضين يحاسبون أيضا علي الدفع بهؤلاء إلي القتل)

و برغم اتهام اليساريين للأخوان بإهدار حق الشهداء في سبيل المناصب، فهؤلاء لا يتعلمون و لا يرون إلا الثورة و الغضب و لا يدركون ألاعيب السياسة التي تمرس بها الأخوان، بل هم يساعدونهم – بسذاجتهم – للوصول إلي مكاسبهم.

إلام تهدف الفئتان؟ و هل يستحق الأمر كل هذه الضجة؟

تهدف كل فئة إلي مكاسبها السياسية، و لا تأبه أيهما للشهداء (!) فأول حق للشهداء هو إعلاء المبادئ التي استشهدوا من أجلها بالعقل و بخطة و بهدف:

بالعقل: من ضحي بحياته، ضحي بها من أجل الحق و العدل، فلا يجوز أن ندوس الحق و العدل ولو بحجة طلب الحق و العدل.
بخطة: باب القانون و الضغط السياسي مفتوحان إن كان هناك هدف واضح و خطوات معلومة متفق عليها وبثبات، أما الرقص السياسي فلا مجال له في الحديث عن حق الدماء.
بهدف: أين ما تحقق لمصر في هذا السياق؟ دعوني أسأل أهالي الشهداء أنفسهم: هل يفضلون سداد ديون مصر علي حق أولادهم أم لا؟ هل يفضلون إنقاذ الشعب المصري كله أم قتل المتسببين؟ فبهذا يصير أيناؤهم أبطالا وطنيين خالدين، دعوني أسألهم بعيدا عن التجار و التجارة، ماذا تفضلون؟ و كيف تريدون القصاص؟ هل بالتدمير أم بالبناء؟ هل يرضيكم أن يتاجر بدماء أبنائكم المتاجرون؟ و أعلم أن الدولة كان عليها التقاط طرف هذا الخطاب و لم تفعل (!!!؟؟؟)

سؤال ساذج جانبي: لماذا يثور هذا و ذاك إذا جاءت الأحكام علي غير ما يرضون و يغمضون العين إذا راقت أهواءهم، كان الأجدر – لولا التجارة – بهؤلاء و أولئك إن كانوا صادقين بالثورة – و أنا ضدها و لكن للقياس – علي أحكام أبو قرقاص.

المشهد ليس بحثا عن الحق كما يبدو، بل هو بحث عن السلطة كالعادة، و سينجح فيه – إذا نجح – الأخوان كالعادة بينما يضرب و يصاب و يقتل الساذجون من اليساريين.

الجديد، أن الشعب بدأ في الإدراك أن لا أحدا من الفصيلين يهمه إن كان يدفع البلد إلي الهاوية طالما في سبيل مكاسبه السياسية، و اليسار يتوهم أن أصوات "حمدين" تبشر بانتصاره و تريد استثماره بسرعة، و لا يدركون أن غياب الاختيارات الجيدة هو الذي دفع بالناخبين إلي اختيار الأقل سوءا، و ليس في هذا شرف و لا انتصار، الأجدي هو التمسك ببناء معارضة قوية حقيقية لأي من القادمين للسلطة.

سيحفظ الله مصر كما حفظها، و سيخزي كل التجار و المغرضين و العملاء، و ستستيقظ مصر، ليستسلم أعداؤها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة