الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رياح التغييرفي العراق ... والسباق العکسي للإعلام العربي مع الحقائق

نزار جاف

2005 / 2 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


في عقدي السبعينيات و الثمانينيات من القرن العشرين کان المثقفون العراقيون يجنح بهم الخيال الى آفاق بعيدة حين يقرأون قصائد مظفر النواب الممنوعة وقتها ويدرکون إنعدام کل الإحتمالات في أي تغيير إيجابي مرجو في العراق . ولانغالي أن حالة من التشاؤم المفرط الذي کان ينتهي الى يأس غير عادي هو الذي کان يسود في أوساط المثقفين العراقيين . ولم يکن هذا التشاؤم و اليأس إعتباطيا أو عرضيا وإنما کان مبنيا على أسس قوية أهمها هو البناء البوليسي القمعي للنظام السياسي في مرحلة حکم البعث البائد ، وسياسة الترهيب و الترغيب ضد کل حملة الاقلام التي لم تقتصر على العراقيين وحدهم فحسب وإنما شملت آفاقا أرحب لتضم بين جوانحها المثقفين العرب أيضا ، ولعل التفريط بمقدرات العراق المادية من أجل شراء ذمم العاملين في وسائل الاعلام العربية کانت تدخل في هذا السياق في سبيل ضمان محاصرة أوسع و أکبر للمثقفين و المفکرين العراقيين وخنق کل آمالهم و تطلعاتهم في أي عملية تغيير في العراق . وهکذا أصبح البعث لامجرد کابوس و إنما قدرا لايملکون العراقيون أي خيار لابتغييره ولاحتى برفضه . وبرغم الذي قاله و يقوله الاعلام العربي حول التغيير الذي حصل في العراق و ربطه بتداعيات ماضية و مستقبلية ، لکنه مع هذا کان الحلم و المستحيل الذي تحقق بسقوط أقوى و أقسى و أجرم حکم دکتاتوري ـ شمولي مر بتأريخ المنطقة . وبعد سقوط القلاع و الحصون الخاوية و الجوفاء أمام القوات الامريکية ، شرع الاعلام العربي في طرح تنظيرات و آراء التيارات الفکرية و السياسية العربية و الاقليمية و حتى الدولية الرافضة لشکل و أسلوب و التداعيات المستقبلية لعملية التغيير التي جرت بواسطة الجيوش الغربية ، ورغم تباين آراء و أهداف تلک التيارات مع بعضها إلا أن جمعها و توليفها وفق سياق مبرمج هدفه الاساسي هو الذي سيجري بعد التغيير لا الذي جرى ! أو بتعبير آخر مواجهة فکرة النظام السياسي الذي سيرى النور بعد إنقشاع السحب و الضباب . وقد کان التأکيد المستمر و المتوالي لوسائل الاعلام العربية على " مسألة الاصلاح " الذي يأتي من الداخل لا المفروض من الخارج و الذي هو بالاساس ترجمة حرفية للموقف العربي الرسمي من تلک المسألة ، هو المجاهرة الصريحة بالرفض الضمني للتجربة العراقية والسعي لوءدها في المهد،ولم يکن الترکيز على العمليات الارهابية المتوالية أو الترکيز على بيانات و آراء قادة المجموعات الارهابية المتطرفة و المشبوهة في العراق بشأن مسألة الانتخابات و المستقبل السياسي لهذا البلد مجرد کلام إعلامي عابر رددته القناة أو الصحيفة الفلانية إعتباطا بل إنه کان تخطيط و برنامج معد له سلفا لحرف الرأي العام العراقي بوجه خاص و العربي بشکل عام . وقد جاء العرس الانتخابي الزاهي و البديع في العراق ، ليضع النقاط على الحروف و يحدد وزن القوى السياسية العراقية و العربية الرافضة لعملية التغيير في العراق ، فقد کانت المشارکة الجماهيرية التي فاقت کل التوقعات لطمة توجه لا للتيارات السياسية المتطرفة في العراق و المنطقة فحسب وأنما کانت صفعة موجعة أخرى موجهة بالاساس للإعلام العربي و توقظه من سبات الوهم و اللهاث خلف المراهنات الفاشلة من الأساس .

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الذي يربط الحوثيين بحركة الشباب الصومالية؟ | الأخبار


.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟




.. -هدنة تكتيكية- للجيش الإسرائيلي في جنوب قطاع غزة ونتانياهو ي


.. جرّاح أسترالي يروي ما حصل له بعد عودته من غزة




.. حل مجلس الحرب الإسرائيلي.. والترددات على تطورات الحرب في غزة