الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سنة بيضاء....وسماء سوداء

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 6 / 4
مواضيع وابحاث سياسية




..و بينهما برزخ من البؤس و من أكياس القمامة ..و بينهما "البُكّ الرسمي" و "العرعار الثوري "..و بينهما سماء شعب ملبّدة بالغيوم ..و أحلام شعب حسب نفسه ثار على الاستبداد من أجل الحياة ..لكنه استيقظ على واقع مغاير ..فأدرك أنّه أخطأ الطريق الى مصيره أو أنّه وصل قبل الأوان أو أنّ الثورة لم تحدث أصلا ..بين السنة الحكومية البيضاء في الأجور و الرايات السوداء التي ترفرف في سماء البلاد تتأرجح آمال الشعب و أصواته التي نسيها في صناديق الاقتراع و خيبات أمل ..و جراح لم تبرأ بعدُ ..بين غلاء الأسعار و الزيادة في أجور التأسيسي و أطفال يتسوّلون في قلب العاصمة و آخرون يجوعون في عمق الريف الكريم ..و على ضفاف مطمورة روما..ثمّة برزخ آخر و هاوية و حفرة مدنية ديمقراطية الشكل و الدم ..
و تتعالى الأصوات في المقاهي .. و بمجرّد قهوة كابوسان ايطالية العرق .. صار الكلّ يفقه في السياسة .. قال الأوّل :"من هؤلاء الذين يلطّخون سمائنا بالأسود ؟" قال الثاني :" من أين جاؤوا ؟ "و كرم اللوز سيّجه أهلي و أهلك بالأحلام و الكبد ؟ " ..و صوت ثالث غاضب "لماذا يقضّون مضاجعنا و يقصّون أيادي من سرق بقرة واحدة في عام الفيل..ويكفرون من يحتسي قارورة يتيمة في سنة كبيسة من سنوات التنين ؟ و يسجدون مع من سرق أرواح العباد و أحلامهم "و صوت رابع حانق :" لماذا يحتضنون الدكتاتور في مدينة الله ..و لا يقدرون الاّ على البؤساء الذين تتلخص حياتهم في ضحكة محمومة و خمرة مهمومة و ليلة من الفواتير المؤجلّة ".
و تأتي الاجابات سريعا قبل أن ينتهي السائل من التسآل ..أحدهم يقول: " لقد نبتوا في أفغانستان و جاؤوا يبيعون قطعة منها غفل عنها الأمريكان الى تونستان .."..و نقّل فؤادك ما استطعت ستجد اجابات من نوع مغاير ..بوسعك أن تلتقطها من المساجد ..حيث لا سؤال لغير الله ..و حيث فكّر و كفر في جناس لغوي الى مطلع الفجر .."هم أبناؤنا ..فصبرا جميلا عليهم ..بامكانهم أن يضربوا أو يتعنّفوا أو يكفّروا أيّا كان ..لا حرج على من يجرحوه ولا عن من يبصقون في وجهه ..و لا حرج حين يقتلوك أو يحرقوك ..و لا تشتكي ان حرقوا لك قناتك أو قصّوا يد جارك أو اعتدوا بالضرب المبرّح على أستاذ جامعي يدرّس الفنون ..كل ذلك أجر و خير للأمّة و جهاد في سبيل الله "..و تجيبك الخمّارة و المقهى و الشارع و الريف الوسيع و الجامعة ..و أبناء الشعب : "و أيّة أمّة سيحكمون حين يقتلوننا و يقصون أيدينا ..بأيّ الأصابع سنقترع يومئذ ؟ و بأيّ الرقاب سنسجد و نصلّي ..و كيف سنتوب و نستغفر ..بعد ضرب رقابنا " و يجيب مسؤول ذكي من التأسيسي : "لا خوف على الأمة الاسلامية ..كل شيء مؤقت حتى أجورنا المحترمة ..كل هذا يدخل في الحفرة الانتقالية ..سنحقق نقلة نوعية في المواعيد الانتخابية ..و سنبني لكم دولة في المرّيخ ليس فيها سلفية ..و لا تتسع لغير العلمانية و الديمقراطية و الليبيرالية ..لكن دعونا نتمتع بأربعة ملايين في الشهرية ..."
أبناؤنا يهدّدون بضرب رقاب أبنائنا ..لوحة تكعيبية و دوائر مربّعة و منحرف مستقيم ؟؟؟لنا من النيران ما يكفي ..و لنا من الحطب أكواما ..و في زمن أعرج.. ساق واحدة تكفي لعودة برومثيوس الاه النار..ضمّدوا جراحكم بأنفسكم و انطلقوا في اتجاه مغاير نحو مشاكلكم الحقيقية ..سماء سوداء.. لكن لا شيء يدعو الى التشاؤم ..بل لقد آن الأوان لخوض معارك أجّلها الاستبداد البائد بحلّها بشكل مغلوط ..آن الأوان كي نعيش معاركنا الى النهاية ..لكن لا أحد بوسعه أن يتنبّأ بما يخفيه المستقبل ..فمعارك الشعوب ليست أبدا معارك شخصية ..وليس ثمّة أيّ شيء شخصي في كارثة تهدّد الجميع ..اضحكوا ..فالشنق مع الجماعة خلاعة ..لكن كونوا جماعة حقيقية ..و الاّ مات كل منكم بشكل شخصي جدّا.....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القضية الفلسطينية ليست منسية.. حركات طلابية في أمريكا وفرنسا


.. غزة: إسرائيل توافق على عبور شاحنات المساعدات من معبر إيريز




.. الشرطة الأمريكية تقتحم حرم جامعة كاليفورنيا لفض اعتصام مؤيد


.. الشرطة تقتحم.. وطلبة جامعة كاليفورنيا يرفضون فض الاعتصام الد




.. الملابس الذكية.. ماهي؟ وكيف تنقذ حياتنا؟| #الصباح