الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


5 حزيران 2012

جمال القرى

2012 / 6 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


"تشاؤم الفكر, تفاؤل الارادة"
" غرامشي"

كان الخامس من حزيران يعود في كل عام ليذكرنا بالتاريخ القديم الحديث للسلطات الحاكمة في امتنا، التي وان اختلفت تسمية انظمتها السياسية تبعا للمرحلة التاريخية بدءً من الخلاقة الاسلامية وحتى وقتنا الحاضر، فهي لم تكن يوماً سوى وليدة مؤامرات واغتيالات وانقلابات، واستطاعت عبر هذا التاريخ اعادة انتاج ذاتها باشكال سياسية مختلفة ظاهرا، وموحدة باطنا على قاعدة الغاء كل الاخر، متوسلة شتى اساليب القمع المعنوي والمادي. لم تنتج هذه السلطات لشعوبها سوى المحنة والنكبة والنكسة والنّدبة والّردحة، حتى البست امتّها صفة الامة الممتحنة والمنكوبة والمنتكسة والندابّة والرّداحة.
فهذه السلطات الآيلة اليوم كلها الى السقوط، لم تعِ ذاتها الا من خلال الماضي المكوّن من اساطير وسرديات، ولم تحدّد هويتّها الا من خلال المكوّنات التراثية لهذا الماضي( لغة، دين، عرق وثقافة). ورسمت لنفسها صورة ماضية متخيلة عبر استقطاع جزء من هذه الاساطير التي تروي نرجسيتها، يتماهى مع خصوصيتها المكانية والزمانية، بعد ان ادلجته وفرضته بشكل حتمي ومؤبّد حتى يخال ان حركة التاريخ والتطور قد توقفتا عند هذه الذات.
هذا الوهم وتقديس الذات السلطوية هو جزء من تركيب البنية الثقافية المسؤولة عن حال التردي والدوران في حلقات من سجن كبير، حيث تجري عند بداية كل حلقة جديدة عملية تفريغ المخزون الثقافي لهذه الامّة الذي اكتسبته بجهد علماء وفلاسفة ومفكرين اسسوا لحضارة عربية هجينة استقت من الحضارات الفارسية والهندية واليونانية زمن الفتوحات العربية، والتي لم يكن فيها للسلطات المتعاقبة مساهمة تذكر الا في اوج الدولة العباسية. هذه الحضارة ما لبثت تنحدر مع التاريخ حتى دخلت في غيبة كبرى، في ظل استعمار خارجي واستبداد داخلي. ومع انه جرت محاولات نهضوية متنوعة من قبل مفكرين ورجال دين متنورين، ولكنها لم تؤدِ الى التغيير الثقافي المنشود، كونها كانت دوما تصطدم بجدار الانظمة السياسية المتحجرة والمقولبة، ويُقابل اعلامها اما بالقتل او بالنفي او بالسجن او بالتكفير. هذه الانظمة التي لعبت فيما بعد نيل دولها الاستقللال- الذي قام اصلا على تضحية شعوبها- دور المستعبد( بكسر الباء) بعد ان كانت مستعبدة( بفتح الباء)، عمدت الى اقالة شعوبها من الحياة السياسية والمدنية والثقافية والفكرية، وذلك عبر تسليم زمام امورها الى اجهزتها الامنية والمخابراتية واعلان حالة طوارىء امتدّت الى عشرات السنين وذلك من اجل الحؤول دون اي اصلاح سياسي يسلبها السلطة.
ل5 حزيران هذا العام نكهة اخرى، اذ يبدو ان الثورات قد بدأت تعبّد الطريق للانتقال من سلبية مرحلة " الستاتيكو" السابقة، الى مرحلة ايجابية اخرى متحركة، انها المسؤولية التاريخية للشعوب التي قرّرت كسر جدران الخوف وبدأت بتحطيمها، لتبني لها مستقبلاً جديداً يشبه تطلّعاتها وأمنياتها...الدرب طويلة وملأى بالصعوبات والمطبّات، لكنها المدخل الصحيح لإحداث تغيير سياسي واجتماعي واقتصادي وثقافي جديد يؤسّس لاوطان حقيقية تكون بديلة عن كيانات الطغيان.
تحية لك ايتها الشعوب...تحية لميدان التحرير...تحية لك يا شعب ارض سوريا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. انتخابات تشريعية بفرنسا: اكتمال لوائح المرشحين واليمين المتط


.. ندوة سياسية لمنظمة البديل الشيوعي في العراق في البصرة 31 أيا




.. مسيرات اليمين المتطرف في فرنسا لطرد المسلمين


.. أخبار الصباح | فرنسا.. مظاهرات ضخمة دعما لتحالف اليسار ضد صع




.. فرنسا.. مظاهرات في العاصمة باريس ضد اليمين المتطرف