الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قوى وشخصيات التيار الديمقراطي

حميد غني جعفر

2012 / 6 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



ونحن نتحدث عن هذه القوى المكونة للتيار الديمقراطي لابد من إلقاء نظرة فاحصة وسريعة عن تأريخها السياسي – بإيجاز – على الساحة العراقية منذ تأسيسها في الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي لتعريف شعبنا وبصفة خاصة شبيبتنا من الأجيال الجديدة – السبعينات وما بعدها – وإطلاعها على تأريخ ودور هذه القوى ومواقفها الوطنية المشهودة في قيادة نضال شعبنا عبر تأريخه الطويل وتضحياته الجسام في مقارعة كل الأنظمة المتعاقبة ابتدءا من عهد الانتداب البريطاني والحكم الملكي الفاسد ،و يضم إلى جانب تلك القوى المناضلة الكثير من الشخصيات الوطنية الديمقراطية – المستقلة – المنضوية في إطار هذا التيار من المثقفين والأساتذة الجامعيين والأكاديميين ومن مختلف الاختصاصات الزاخرة بالكفاءات والطاقات المرموقة والمشهود لها بالوطنية والنزاهة و المؤمنين – حقا وصدقا – بالديمقراطية وبناء دولة مدنية دستورية مؤسساتية وبالتداول السلمي للسلطة وتحترم كرامة الإنسان وحرياته وحقوقه الأساسية ، وترفض المحاصصة الطائفية المقيتة أو القومية أو العشائرية وفصل الدين عن الدولة مع الفصل بين السلطات الثلاث .
ولعل أبرز هذه القوى المناضلة – الحية – هو الحزب الشيوعي العراقي كونه أول حزب سياسي تأسس في العراق – 1934 – ومنذ تأسيسه لعب دورا أساسيا في توعية وتعبئة وتحريك الشعب بكل طبقاته ومكوناته من العمال والفلاحين والطلبة والكادحين من الكسبة وفئات من البرجوازية الوطنية الصغيرة وزجها في النضال الوطني والطبقي بتفان ونكران ذات من أجل حرية الوطن وسعادة الشعب ، واكتسب خبرة وتجربة ثرة في ميادين العمل السياسي على مدى قرابة ألثمان عقود من مسيرته النضالية المعمدة بالدم بقوافل لا تحصى من الشهداء في المقدمة قادته الميامين – فهد – حازم – صارم – أعدموا عام – 1949 – في العهد الملكي – وظل يواصل نضاله بعزم وثبات ... حتى تأسس الحزب الوطني الديمقراطي – 1946 – الذي خاض النضال الوطني ضد السيطرة الاستعمارية والنظام الملكي جنبا إلى جنب مع الحزب الشيوعي العراقي ولعبا دورا في قيادة نضال الشعب وسطروا الملاحم والبطولات في هذا النضال الوطني ومنها وثبة كانون المجيدة عام – 1948 – وانتفاضة تشرين عام – 1952 – وغيرها الكثير من الانتفاضات والإضرابات الفلاحية والعمالية وأصبحت محطات مضيئة وعناوين بارزة ومفخرة لشعبنا العراقي وقد شاركت في هذا النضال الوطني أحزاب وقوى وطنية أخرى لكن تلك الأحزاب كانت – مرحلية – واضمحلت بانتهاء المرحلة لأنها لا تمتلك فكرا أو برنامج واضح يحدد أهداف نضالها – مثل حزب الاستقلال وحزب الشعب وليس لها من نفس طويل في مواصلة النضال ، وفي هذه الفترة – أواسط الأربعينات – تأسس الحزب الديمقراطي الكردستاني كحزب قومي للشعب الكردي الذي خاض النضال المشترك أيضا مع بقية القوى الوطنية ، وظهرت أيضا تنظيمات قومية أخرى وقد تمثلت تلك التنظيمات القومية بحزب البعث الذي ظهرت بداية تنظيماته على الساحة العراقية بين أواخر عام – 1952 – أو أوائل – 1953 – واحتضن الحزب الشيوعي هذا التنظيم الجديد – البعث – على أنها قوى وطنية ظهرت على المسرح ومد لها يد العون المادي والمعنوي وبظهور هذه القوى الوطنية توسعت جبهة المعارضة للنظام الملكي ، حتى دعى الحزب الشيوعي العراقي إلى قيام جبهة وطنية عريضة وبعد اتصالات ومشاورات مع كل هذه القوى قامت جبهة الإتحاد الوطني عام -1957 – وبفضل وحدة الإرادة والموقف والشعور بالمسؤولية الوطنية بين مجموع هذه القوى من جهة ، ومن جهة أخرى التنسيق بين أحزاب الجبهة ولجنة الضباط الأحرار بقيادة الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم كان الانتصار الحاسم بثورة – 14 – تموز التحررية الديمقراطية – 1958 – وتحقيق الإنجازات الكبرى والمكاسب بفعل وحدة وتلاحم قوى الجبهة مع حكومة الثورة ... لكن وحدة الإرادة هذه لم تدوم طويلا ... فقد تشتت وحدتها وتبعثرت قواها ، بسبب خروج البعث ومعه القوى القومية عن الإجماع الوطني واختطت لنفسها نهجا منفردا بانتهاج أسلوب الاغتيال السياسي والتآمر على الثورة الوطنية وبالتحالف مع دولة إقليمية وأمريكا ، فكانت مجزرة دموية رهيبة بذبح ثورة – 14 – تموز عام – 1958 – وكل رجالاتها الشرفاء من العسكريين والمدنيين وبذبح قادة الحزب الشيوعي العراقي في المقدمة منهم قائد الحزب الشهيد الخالد سلام عادل ورفاقه الاماجد محمد حسين أبو العيس وحسن عوينة وجمال الحيدري ومحمد صالح العبلي وعبد الجبار وهبي وجورج تلو وغيرهم الكثيرين ،بانقلابه الدموي عام – 1963 - ولا نريد هنا سرد وقائع التأريخ ... لكن وبما أن البعث كان طرفا في الجبهة – كما أسلفنا – نرى من الضروري فضح وتعرية نهجه التخريبي والخياني ضد الثورة أمام الشعب والأجيال الجديدة ، هذا إضافة إلى كونها تجربة تؤكد لنا أن وحدة الإرادة والموقف الوطني المسؤول هو الأساس لكل انتصار يحققه الشعب ، والعكس صحيح ، التشتت والتمزق بين القوى الوطنية وتغليب المصالح الذاتية على المصالح الوطنية العليا هو وراء الإخفاقات والنكسات ، وهذه التجربة ينبغي أن يدركها ساسة اليوم القابضين على دفة الحكم ، والمهم فإن قوى التيار الديمقراطي تضم اليوم خيرة الأحزاب الوطنية العريقة وخيرة الشخصيات الوطنية المرموقة ذات الكفاءة والنزاهة والإخلاص ومن الكوادر العلمية من مختلف الاختصاصات ، فبالإضافة إلى الحزب الشيوعي العراقي ، الحزبين الوطنيين الديمقراطيين – الأول – والثاني – وكذالك الحركة الاشتراكية العربية وهي حركة وطنية قومية لها تأريخها في مقارعة الديكتاتورية والكثير من الشخصيات التقدمية المستقلة ذات توجهات ديمقراطية علمانية ويسارية منها – على سبيل المثال – الدكتور مهدي الحافظ ديمقراطي تقدمي وذات تأريخ وقد شغل منصب وزير التخطيط – بعد التغيير – الأستاذ عامر حسن فياض عميد جامعة النهرين للعلوم السياسية والأستاذ ضياء الشكرجي والنائبة صفية السهيل وغيرهم الكثيرون لكن هذا التيار بكل قواه المناضلة العريقة وشخصياته المشهود لهم بالوطنية والنزاهة يواجه التهميش والتعتيم الإعلامي – المقصود – على كل نشاطاته وفعالياته ... فقد عقد العديد من المؤتمرات التأسيسية في كل المحافظات ... ثم تتوج في عقد المؤتمر التأسيسي العام في بغداد مؤخرا والذي رسم نظامه الداخلي وبرنامجه ذات التوجهات الديمقراطية العلمانية سواءا من حيث بناء دولة مدنية دستورية مؤسساتية – كما أسلفنا – أ ورفض المحاصصة الطائفية المقيتة واعتماد الكفاءة والنزاهة والإخلاص أو من حيث التوجهات الاقتصادية وإعادة بناء وتأهيل المصانع المعطلة لاستعادة وتشغيل الدورة الإنتاجية ورفض الخصخصة وعدم الاعتماد على الاقتصاد ألريعي أي – واردات النفط – وهذه بعض فقرات موجزة من البرنامج .
لكن ومع ما يواجهه من تهميش وتعتيم إعلامي على مجمل نشاطاته وفعالياته ...إلا أنه قد اتسعت قاعدته بشكل كبير ومكانته المرموقة بانضمام قوى وشخصيات جديدة إليه ، حيث انضم مؤخرا – حزب العمل الديمقراطي – الذي تشكل حديثا لكنه يحمل ذات التوجهات التقدمية – العلمانية – إضافة إلى شخصيات أخرى .

وهذه القوى المناضلة – الأصيلة – ذات التأريخ العريق والمواقف الوطنية المشهودة والتضحيات الجسام التي تصدرت نضال الشعب العراقي عبر تأريخه الطويل والتي بفضل وحدتها وتلاحمها تحققت الانتصارات العظيمة والإنجازات والمكاسب لشعبنا وعبر وحدتها أيضا كانت الفرحة والبهجة والمسرات والاستقرار عمت أرجاء الوطن الحبيب وكل الشعب من الشمال إلى الجنوب بكل قومياته وأديانه وأطيافه المتآخية المتحابة ، ولم يفرقهم دين أو مذهب أبدا .
إذن فإن قوى التيار الديمقراطي بكل قواه المناضلة – الحية – يمثل الوريث الشرعي لثورة – 14 – تموز الوطنية التحررية الديمقراطية عام 1958 –
ولابد للشعب والأجيال الجديدة من الشبيبة أن تعي هذه الحقيقة ... وحقيقة أخرى هامة وهي أن الدين والطائفية – المذهب – ما كانت يوما الحل المطلوب لمشكلات الشعوب ومعاناتها – ولن تكون - وعندما يعي الشعب – هاتان الحقيقتان – ولابد أن يعي – عند ذاك يختار بوعي وقناعة طريق بناء مستقبله الأفضل في حياة كريمة وعيش رغيد وبناء دولة المواطنة الحقة لينعم بالأمن والاستقرار ... بعيدا عن الطائفية أو القومية أو العشائرية التي مزقت وحدة شعبنا العراقي .

حميد غني جعفر








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي